لاعب الكرة المحترف والملاكم المذهل الذي ضل طريقه إلى السينما.. اعترافات توفيق الدقن
لم يكن يحلم لأكثر من أن يكون مثل عبد الكري صقر في ميدان كرة القدم أو عرفة السيد في ميدان الملاكمة، ولم ين يحلم بأكثر من هذا، ولكن الصدف تلعب دورها وتغير وتبدل فتقبل ما كان مرفوضا او ترفض ما كان مقبولا، وهذا ما حدث مع توفيق الدقن
يحكي الدقن عن بداياته في عالم السنما والتي جاءت مصادفة تماما في مقال كتبه بمجلة الكواكب فيقول:" لم أكن أحب أن أكون أكثر من لاعب كرة دولي، كان مثلي الأعلى هو أبو حباجة وعبد الكريم صقر، أما التتش فهو أقصى أمنياتي، وقد كنت جناح أين فرقة المنيا الثانوية، وكان وقت فراغي كله في ملاعب كرة القدم التي جعلت اسمي يدوي في المنيا كلها، والملاكمة أيضًا.
يكمل توفيق الدقن:" كنت ملاكما عظيما، أدخل المباريات فيهتف لي أبناء مدرستي بنداءاتهم المتعارف عليها، وأزلزل الأرض بقبضتي تجاه خصمي، وألقيه على الأرض في الجولة الثانية، هذا إذا كان خصما عنيدا، وفي هذا الميدان كان مثلي الأعلى الملاكم عرفة السيد، أما جدران غرفتي كلها فتزيها صور الملاكم العالمي جو لويس صاحب القبضة الفولاذية المعروف، ولم أكن أعلم شيئا عن فريق التمثيل بالمدرسة، ولا كنت أختلط بزملائي ممن يعشقون الفن، ولا أذهب إلى السينما والتمرين اليومي بين ملاعب كرة القدم وحلبات الملاكمة كان يرهقني أشد الإرهاق فأعود إلى البيت لأريح جسدي.
يواصل:" لم أكن أذهب للمسرحيات ولا أتابعها وكانت في نظري عبث لا يتطاول أن يقارن بمشاهدة مباريات كرة القدم التي يلعب فيها الجندي بقدمه الذهبية، وحدث ذات ليلة أن ذهبت لجمعية الشبان المسلمين في المنيا، وكان فيها حفلة تمثيلية، ذهبت لأقابل صديقا من الأصدقاء لا لأشاهد المسرحية، وكانت من تأليف صديق لنا، وجاري في البي واسمه عاطف حلمي المنياوي، وما إن شاهدته واقفا بين الممثلين حتى ذهبت لأصافحه وكان بين الواقفين الفنانة روحية خالد، والتي نظرت إلي وقالت لعاطف على الفور وهي تشير إلي:" ماهو ده كويس يا عاطف ندي له الدور"، وتأملني عاطف وكأنه يراني للمرة الأولى ثم انتحى بي جانبا وشرح لي الموضوع بقوله:" إن أحد افراد الفرقة قد تخلف وأن دوره سهل بسيط لا يستلزم مني سوى بعض الكلمات وأكثر من ثلث الساعة احفط فيها الكلمات ومناسبات قولها.
يكمل:" وكأي شاب يحب المغامرة والتجربة الجديدة ولا يقبل أن يقال عنه أنه خاف الموقف أو عجز عن القيام بعمله حتى وان كان هذا العمل تمثيلا قبلت، ودخل بي عاطف إلى حجرة وراح يعلمني كيف أقف على المسرح أمام الجمهور وكيف ألقي ما عندي، وكيف أتحرك على المسرح، ووجدتها مسألة معقولة، وكان عاطف يصيح بي في إعجاب:" برافو يا واد انت.. ايه ده، انت حاجة عظيمة و احنا مش عارفين"، وكان رفع الستار في الساعة التاسعة، أي بعد أن عرض علي الدور بساعتين، وتحدثت إلى روحية خالد فأوصتني بألا أتهيب الموقف وأن انظر للجمهور نظرتي إلى فصل المدرسة، وذكرتني بأنني لا ارتبك في الفصل في حصص المطالعة، وأديت دوري بنجاح، نجاح دلني عليه تصفيق الجمهور الحاد، وأحسست بشئ عجيب، شئ تتضاءل أمامه كل الاحاسيس التي تستولي علي وأنا في ملاعب كرة القدم، وأسجل الاهداف، وأنا على حلبة الملاكمة اسدد لكماتي للخصوم.
وفي الأخير يقول:" هذا الإحساس هو التجاوب الروحي بين الجمهور في المسرح وبين الممثل، تجاوب هائل لا يحس ربعه لاعب كرة القدم أو اي لاعب يعتمد على إعجاب الجمهور على قوته البدنية، وخرجت من تلك الليلة بفلسفة رسمت لي طريق حياتي، سأبحث عن إعجاب الجمهور الروحي، ولن يعنيني إعجابه بعضلاتي، فمع احترامي للرياضيين أعتقد أن اعجاب العضلات شئ يفنى، واختمرت في رأسي الفكرة، أن أصبح ممثلا، وقد كنت.