الفقر عدو تاء التأنيث
جميعنا يعلم أن الفقر هو من يحطم أجساد وعقول وأرواح البشر.. خاصة المرأة والعقبات التى تعرقل محاولات قضائهن على الفقر.. فتواصل غير المقتدرات قتالهن، ومقاومتهن ونضالهن لتحقيق التغييرات الحقيقية التى يتمنوها لأطفالهن والأجيال القادمة. ويكون السؤال دوما: هل سيستفيد أطفال غير المقتدرات من ثمار مجهود أمهاتهم، أم أنهم سيعانون من الفقر نفسه؟
علينا أن ننظر إلى الفقر بكل أبعاده لوضع حد لهذا الظلم الكبير لغير المقتدرين، وأن نفكر ونتعاون مع أولئك الذين يعانون منه. وبذلك نتمكن من مواجهة تحديات حياتهم معاً والتغلب على الفقر المدقع للبشرية جمعاء بما فيهن المرأة.
بالطبع يوجد فى كل مكان عبر العالم، رجالاً ونساء وأطفالاً يمتلكوا شجاعة هائلة للتصدى للصعوبات القاسية التى تواجههم فى هذه الحياة. ولكن هل ندرك أن هؤلاء الأشخاص المحبوسين وراء جدار الفقر يملكون القدرة على رؤية ما وراء هذه المعاناة التى يعيشونها والتفكير فى العالم؟ هل نعترف بكل ما يحملونه من ذكاء ومعرفة وشجاعة يجعل منهم قادرين على ابتكار وبناء مشروعات وسیاسات ومبادرات تحتاجها الشعوب اليوم؟
جوزيف فريزنسكى مؤسس منظمة ATD من الذين يتبنوا فكرة أن الأشخاص الذين يعانون من الفقر هم شركاء أساسيون لبناء مستقبل أفضل. وهو ما يوضحه العمل والبحث المشترك الذى قامت به منظمة ATD بشراكة مع جامعة أكسفورد الأمريكية، والذى حمل عنوان "الأبعاد الخفیة للفقر".. حيث شارك فى هذا العمل جنبا إلى جنب وبشكل متساوى باحثون وباحثات يعيشون الفقر المدقع. نتج عنه تسليط الضوء على أنه ليس فقط العامل المالى هو المشكلة الوحيدة التى يعانى منه الأشخاص الأكثر فقرا، بل هنالك أبعاد أخرى. أبعاد لا تأخذ بعين الاعتبار فى برامج وسياسات الحد من الفقر على مستوى العالم. وبسبب ذلك، فشلت هذه البرامج والسياسات فى تحقيق هدفها بعدم الوصول إلى أكثر الناس غير المقتدرين. بل تدفعهم هذه السياسات والمشاريع الفاشلة إلى أدنى درجة من الفقر والعزلة.
وبالطبع القضاء على الفقر سوف يدخلنا مرحلة جديدة من التنمية، مثل تعليم أفضل، ومناخ أفضل، وتلوث أقل.. لنصل لمجتمع يحاول أن يستمتع بالثروة التى كونها خلال سنوات الكفاح. كما يمكن أن نستفيد من بعض عناصر التجارب العالمية.. خاصة التجربة الصينية وتطبيقها، مثل كيفية إعادة تأهيل المجتمع، والنهوض بالتصنيع ومستوى التعليم لأن النموذج الصينى مماثل لنا فى الكثير من الجوانب، خاصة أن الدولة الصينية استطاعت أن تتغلب على كل المعوقات، وأصبحت ثانى اقتصاد على مستوى العالم، ومرشحة بأن تكون الاقتصاد رقم واحد عالميا خلال عدة سنوات قريبة.
وهناك أمر مهم فى التجربة الصينية وهو التوازى فى التنمية، إذ أنه على الرغم من تضخم حجم الصادرات والواردات الصينية بشكل كبير إلا أنه لم تحدث مثلا اختناقات فى الطرق أو الموانئ، لأنه يتم تنفيذ خطط التنمية بشكل متواز ويسير جدا؛ وهو ما تفعله مصر الأن بعد ثورة 30 يونيو، وبعد أن أصبحت نظرة الدولة للتنمية نظرة شاملة للاستثمار ومكافحة الفقر ورفع المستوى الصحى وتمكين المرأة والاهتمام بذوى الهمم.