مع الاستعداد للسيامات غدًا.. كيف تختار الكنيسة كاهنًا جديدًا؟
تشهد الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، برئاسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، غدًا الخميس، إتمام طقوس سيامة عدد من الكهنة الجدد لخدمة الاقباط في القاهرة والإسكندرية وعدد من بلدان المهجر.
وتقول لائحة اختيار الكهنة: يجب على الراعي الجديد أن يكون متزوجًا، حاصلًا على مؤهل عالي، بكالوريوس الكلية الاكلريكية للعلوم اللاهوتية، الاشادة بصفاته الحسنة من اب اعترافه في هيئة تذكية، بجانب الكهنة المقرر ان يخدم معهم، ومجلس الكنيسة، وخدامها، اضافة الى الشعب.
وقال القمص تادرس يعقوب ملطي، في كتابه القديس يوحنا ذهبي الفم (سيرته، منهجه وأفكاره، كتاباته)، إن في خاتمة مقاله "عن الكهنوت" بدأ القديس يوحنا يكشف لصديقه سر هروبه من الأسقفية قائلًا: "لقد آن الوقت لكي ألقي بسري الخفي، قد لا يصدقني الكثيرون فيما أقول، لكنني مع ذلك لن أخجل من إعلان الحقيقة أمام العالم...منذ ذلك اليوم الذي ألقيت إلى دعوة الكهنوت، اهتز كياني كله وأصابني الفزع وخيمت على نفسي سحابة من الكآبة لأنني كلما تفكرت في مجد عروس المسيح وطهارتها وجمالها الروحي وحكمتها ولياقتها، ثم أقارن هذا بما لدي من نقائص أرثي لحالها ولحالي. ووسط حزن متصل وحيرة كنت أخاطب نفسي: من الذي أشار بهذا؟".
وأضاف:" عالج الذهبي مدى مسئولية الخادم نفسه عن فشله في الخدمة أو تعثره فيها بسبب جهله لمسئولياته، أو جهله للسمات التي كان يليق به أن يكون عليها أو بسبب دخوله هذا الميدان قسرًا تحت ضغط الشعب، فقال:
"لو كان ممكنًا أن كون الجهل عذرًا، لكان بالأولى أن يحتمي به العلمانيون أكثر من الأساقفة (والكهنة)... لأنه لا يقدر ذاك الذي يحسب عينًا لتصحيح أخطاء الغير وتحذيرهم للصراع ضد الشيطان المهاجم لهم أن يعتذر بجهله، قائلًا: لم أسمع صوت البوق، ولا نظرت الحرب (الروحية). فأنه قد وضع لهذا القصد. يقول عنه حزقيال أنه يبوق للآخرين وينذرهم بالمخاطر القادمة نحوهم، لذلك يكون عقابًا محتومًا، حتى وإن لم يصب أحد بضرر. "فأن رأى الرقيب السيف ولم ينفخ في البوق، ولم يتحذر الشعب، فجاء السيف وأخذ نفسًا منهم، فهو قد أخذ بذنبه، أما دمه فمن يد الرقيب أطلبه".
"لو أن عشرة آلاف شخص رشحوه للكهنوت وحثوه على ذلك فعليه إلا يعطي لذلك بالًا، بل يبحث قلبه، ويختبر الأمر من كل نواحيه بدقة قبل أن ينصت إلى حاجاتهم.
من جانبه، أكد المطران جورج خضر متروبوليت جبيل والبترون للروم الأرثوذكس: أن رئيس الكهنة لابد أن يتقيد بالشروط الرسولية والمجمعية التي تحفظه من الانفعال. فالكتاب يتكلم عن الشيوخ، أي عن رؤساء الجماعة، الذين "يحسنون الرعاية ولا سيما الذين يتعبون في خدمة الكلمة والتعليم" (1 تيموثاوس 5: 17).
وتابع: "يجب أن يكون المرشح بلا عيب جسدي أو نفسي ومقبول الصوت وعلى شيء من حسن السيرة، لكن هذا بات أمرًا غير كافٍ. كما أن التقوى وحدها لا تكفي، هي مطلوبة من كل مؤمن. لأن الكاهن يحمل مسئولية الرسالة بنوع أخص وتاليًا مسئولية المعرفة اللاهوتية، وهذا واجب على الكاهن في المنطق نفسه. فإذا كان القس خادمًا للكلمة وهذا هو تحديد وظيفته، فأنى له أن يخدمها وهو لم يتدارسها دراسة مستفيضة منتظمة. يا ليتنا راعيناها إذن لكانت تقصي الجاهل والمرتزق ومن ليس المسيح مبتغاه.
وأكمل: "الكنيسة لا تقوم فقط على الخدم الإلهية ولكنها تقوم بالقوة نفسها على التعريف بالكتب المقدسة وما يحفظها ويحيط بها من التراث. أما قال بولس لتلميذه تيموثاوس: "انصرف إلى القراءة (أي قراءة الكلمة) والوعظ والتعليم إلى أن أجيء" (اتيموثاوس 4:13)؟ وكذلك: "انتبه لنفسك ولتعليمك" (4: 16).
واستطرد: "كم يكون جميلًا ذلك اليوم الذي نستطيع فيه أن نشترط إجازة اللاهوت من كل إكليريكي من وظيفة الشماس فما فوق لنكون مطيعين للكلمة الإلهية ولا يبقى لمؤمن عذر في جهله إذ يجد من يرشده إلى المعرفة التي يطلب".
واختتم: أنا واثق أن عندنا من المتلهفين لهذه الدراسة ما يجعل شبابنا يقدمون على الدراسة إذا أمّنا لهم حياة كريمة بعد تخرجهم. هذا يفرض تعهد الكنيسة القيام بمعيشتهم فيما بعد، أي هذا يستدعي نظامًا ماليًا ينتظمون فيه بلا خوف. إن من الأسباب الرئيسية التي تجعل شبيبتنا يتقاعسون عن الخدمة خوفهم من أن يعيشوا مع عائلاتهم دون المستوى المعقول.