الهداف الوحيد
تخيل إن الدوري المصري العريق دا، اللي بـ يتلعب من 73 سنة وأكتر، واللي اتلعب فيه أكتر من 12 ألف مباراة بـ كتير، و77 نادي لعبوا فيه منهم اللي له تاريخ طويل مع المسابقة، الدوري دا عبر تاريخه كله، مفيهوش غير حارس مرمى واحد فقط، سجل هدف واحد، ومفيش أي حارس تاني سجل أي هدف تاني من أي نوع، لا فاولات، ولا طلع في كورنر، ولا حتى من بنالتي.
الحارس دا هو أحمد كاطو جول كيبر الاتحاد السكندري في الخمسينات والستينات.
تاريخ كاطو مع الاتحاد ومنتخب مصر معروف، وهو غني عن التعريف، أنا بس مش عارف هو كاتو بـ التاء، ولا كاطو بـ الطاء، ساعات بـ أشوفها مكتوبة كدا، وساعات كدا، وفي الجرايد القديمة كانوا الأغلب يكتبوا كاتو، المهم خلينا في الهدف اللي سجله.
في إسكندرية قبل تأميم القناة بـ3 أيام، كانت مصر عايشة في أجواء سياسية صاخبة، وعبدالناصر هـ يخطب في المنشية، والناس منتظرة خطابه من إسكندرية، وفيه توقعات إن الخطاب هـ يكون ساخن وصاخب، خصوصا إنه قبلها بـ شوية كان خطاب المنشية الشهير اللي تعرض فيه لـ الاغتيال، فـ شوية الدنيا مشغولة بـ السياسة.
يزيد من دا إنه الدوري المصري خلص قبلها بـ خمسين يوم أو يزيد، والبطل اتحدد، ودخلنا في أجواء الصيف، بس فاضل ماتش واحد فقط لا غير، هو الاتحاد السكندري مع الإسماعيلي، وهو ماتش تحصيل حاصل، مش هـ يفرق في أي حاجة تقريبا، الفرقتين رابع وخامس الدوري، ودا مش هـ يتغير، بس لو الإسماعيلي كسب يبقى هو الرابع والاتحاد الخامس، وإذا ما كسبتش يبقى الاتحاد الرابع.
الاتحاد السكندري يوميها قرر يلعب بـ فريق كامل من الناشئين، ما عدا كاطو الوحيد هو اللي كان بـ يلعب دايما مع الفريق، حاجة كدا شبه ماتش الأهلي والزمالك بتاع 1985، أحمد شوبير فقط، ومعاه عشر لاعبين شباب، بس ما كانش فيه كل الظروف المحيطة بـ الماتش، يعني مفيش عقوبات ولا غيره.
كان غريبة إن الماتش يتلعب في الصيف كدا، والجماهير راحوا الماتش بـ شماسي البحر، وكان مشهد عجيب شويتين حسب تغطية الأهرام يوميها، إنما المباراة نفسها كانت ممتعة، والفريقين متحررين من الضغوط، وهجمة هنا وهجمة هناك، وهدف هنا وهدف هناك.
تلات مرات الإسماعيلي يتقدم والاتحاد يتعادل، في الأول فؤاد سعودي سجل لـ الإسماعيلي، ولاعب اسمه بكير اتعادل لـ الاتحاد، ثم دميان جاب 2/1 لـ الإسماعيلي وخلص الشوط الأول على كدا.
الشوط التاني بكير اللي سجل الهدف الأول لـ الاتحاد رجع واتعادل، وقبل نهاية الماتش بـ ربع ساعة الإسماعيلي اتقدم لـ تالت مرة، وفضلنا كدا لـ حد الدقيقة 85.
حكم المباراة حسين فهمي حسب بنالتي لـ الاتحاد السكندري، والعادة يعني إنه فيه لاعب معين في كل فريق، بـ يبقى مرشح لـ تسديد ضربات الجزاء، ثم لاعب نمرة اتنين ثم تلاتة، لكن غياب لاعبي الاتحاد كلهم، خلى مفيش حد يدخل يشوطها، فـ بعد مشاورات، كاطو قرر إنه هو اللي يسددها، وسجلها فعلا. ما كانش يعرف ساعتها، إنه هـ يفضل بعدها 62 سنة، وهو الوحيد اللي يعمل كدا في الدوري.
الغريبة، إنه تقريبا محدش خد باله من الحكاية دي.