بعد عملية «مخابراتية شاقة».. اعترافات أهم إرهابي في «داعش العراق»
عرض مجلس القضاء الأعلى العراقي، اليوم الأحد، اعترافات نائب البغدادي الإرهابي حجي حامد.
وذكر بيان لمجلس القضاء الأعلى العراقي، أنه "بعد عملية مخابراتية شاقة قادها ضباط عراقيون استمرت نحو ستة أشهر، وبإشراف مباشر من قاضي أول محكمة تحقيق الكرخ المختصة بقضايا الإرهاب، استُدرج أهم إرهابيي داعش وأشدهم خطورة (حجي حامد) عبر مدن أوروبية عدة، لينتهي أخيرًا في قبضة جهاز المخابرات العراقي خارج الحدود".
وأوضح أنه "رغم الظروف الأمنية المشددة التي رافقت الانتخابات النيابية، إلا أنه نقل إلى بغداد ليقف أمام القضاء، مدليًا باعترافات حساسة ومهمة"، مشيرًا إلى أن "حامد لم يكن نائب زعيم عصابات داعش الإرهابية أبو بكر البغدادي فحسب، بل كان رجل المال وأهم ركائز بناء العصابات الإرهابية، الذي استغل احتياطيات الوقود الأحفوري في العراق وسوريا لضمان استمرار العصابات الإرهابية".
وأضاف أن "الإرهابي من مواليد عام 1974 تكنيه العصابات بحجي حامد أو أبو آسيا، انضم لما يسمى حركة التوحيد والجهاد منذ 2004، وتدرج في حركات إرهابية عدة آخرها داعش، ترأس أهم مؤسسات ودواوين العصابات في العراق وسوريا، وأدار موازناته المالية".
واعترف الإرهابي، متحدثا عن "بيت المال ومسؤوليته في تجهيز مصروفات ضرب القوات الأمنية العراقية والسورية والمكافآت عن العمليات المفخخة، فضلاً عن بيانه للتقسيمات الإدارية لداعش".
القوات المشتركة والجيش والشرطة العراقية
وقال في معرض اعترافاته أمام قاضي التحقيق، انه "بعد حصول الفراغ الأمني جراء أحداث عام 2003 جرى الاستيلاء على العديد من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة وحتى الثقيلة من المعسكرات وقمت بإخفائها في القرية التي اسكن فيها، وفي عام 2004 عند ظهور ما يقرب لـ12 فصيلا مسلحا تدعو لقتال القوات المشتركة والجيش والشرطة العراقية اشتركت مع إحداها وكانت تدعى حركة (التوحيد والجهاد) بقيادة (أبو مصعب الزرقاوي)، وزودت الحركة بالأسلحة والمقذوفات التي أخفيتها وبدأت بالعمل مع مجموعتي في زرع العبوات الناسفة وتجهيز السيارات المفخخة، بعدها صدر توجيه بتكفير كل مواطن يلتحق بالأجهزة الأمنية او يروم ذلك باعتباره مرتدا وخائنا ويحل قتله كما اصدر فتاوى تكفر مذاهب أخرى، فعملنا على قتل وخطف من يخالف الفتاوى والتوجيهات وتم تفجير عدد من السيارات المفخخة على القوات الأمنية والأسواق والمناطق المكتظة بالمواطنين، وبعد فترة تم توحيد كافة الفصائل تحت راية (تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين) بإمرة أبو مصعب الزرقاوي".
وفي سياق متصل تابع البيان، ان "الإرهابي سامي جاسم الجبوري عراقي الجنسية من قرية الشرقاط في صلاح الدين تخرج من إعدادية صناعة الشرقاط، اعترف أمام قاضي أول محكمة تحقيق الكرخ المختصة بنظر قضايا الإرهاب بانتمائه الى عصابات إرهابية عدة واشتراكه في العديد من الجرائم.
العصابات الارهابية سيطرة على ثلاث محافظات عراقية
وقال المتهم سامي الجبوري، أن "أبو بكر البغدادي امر بقتلي في عام 2013 كوني اتهمت بالعمل لـ (جبهة النصرة) بإمرة الجولاني المنشق عن العصابات، وبعد تدخل عدد من القيادات وتزكيته أمام البغدادي أصدر عفوا بحقي وألحقني بمفصل المالية في ولاية نينوى كـجابي أموال مع مجموعة من الجباة وكنا نأخذ الإتاوات من ميسوري الحال وأصحاب المحطات الوقود والشركات والتجار والأطباء بحجة مساعدة مقاتلي التنظيم، وتم قتل عدد من الميسورين لامتناعهم عن الدفع والبعض الآخر فجرنا داره او خطفناه هو او احد افراد عائلته، وكانت تصل قيمة اتاوات ولاية نينوى الى حوالي (500.000 دولار) شهريا يذهب النصف إلى البغدادي والنصف الآخر يوضع تحت تصرف والي نينوى".
وأطلقت العصابات الإرهابية على عملية احتلال ثلاث محافظات عراقية عام 2014 بـ"عمليات الفتح"، كأنها أراضي "داعش" وأعاد فتحها.
وقال الإرهابي حجي حامد، إن "القيادات العليا وجهتنا بالإعلان عن ان العصابات هدفها تحرير سنة العراق من القوات الكافرة ورفع القيود والحدود بين الدول المسلمة وتوحيدها، وبعد الإعلان بفترة وجيزة ابلغني احد المتهمين المقربين من الأمير (البغدادي) بالاستعداد للمشاركة في عملية فتح محافظة نينوى، وبالفعل جهزنا الأسلحة والمعدات وتم احتلال المحافظة وبعدها تمكنت العصابات من محافظة صلاح الدين والانبار ومناطق من ديالى، وتم الاستيلاء على أثاث الدوائر الحكومية ومنازل الميسورين كما قمنا بإطلاق سراح كافة المتهمين والموقوفين مصادرنا بقايا الأسلحة في مراكز الشرطة، كما صدر توجيه بجمع قوائم أسماء منتسبي الأجهزة الأمنية ليتسنى لنا ملاحقتهم".
وأضاف أن "أمير العصابات حضر إلى الجامع النوري بعجلات مضللة برفقة الإرهابي عبد الله قرداش وعدد من القيادات، واعتلى المنبر القيادي أبو محمد العدناني ليقدم البغدادي معلنا انه خليفة للمسلمين، وعند صعوده المنبر أعلن قيام الخلافة وحرصنا على الاستمرار بالقتال واحتلال باقي المحافظات والمناطق لنشر الإسلام، بعدها غادر الى جهة مجهولة، وأصدرت القيادات بعد مغادرته توجيها بنصب السيطرات الأمنية في الولايات والبدء بإنشاء الدواوين لعمل هيكلية إدارية لتنظيم داعش وانشاء ديوان القضاء والجند والتعليم والصحة والدعوى والحسبة وبيت المال والركاز والزكاة والغنائم وتم تعيين مسؤولي الدواوين وتسلمت في فترة من الفترات ديوان بيت المال والركاز".
وأشار إلى أن " ديوان الركاز يعتبر من الدواوين المهمة في العصابات حيث يختص ببيع المشتقات النفطية وعمل الآبار والحقول النفطية وكل ثمر يخرج من الأرض وباطنها"، مبينا انه "عين مسؤول الركاز في العصابات بعد عملية الفتح، ومن هذا الديوان بدأ باستغلال احتياطيات الوقود الأحفوري في العراق وسوريا لضمان استمرار العصابات وتطويرها، حيث يتكون ملاك الركاز من (2500 فرد) موزعين حسب الحقول والمحطات النفطية، اذ يتم استخراج النفط وباقي المشتقات من حقلي (القيارة وعلاس) بالقسم العراقي وحقول (التنك وعمر والشولة وصعيوة وكوناكو) في الجانب السوري وباستخدام الاليات الموجودة أصلا في الحقول لتجهز الصهاريج النفطية من الخزانات ويباع النفط العراقي الى الافراد من اصحاب المعامل ومحطات التكرير الصغيرة، وجزء يهرب الى خارج الولاية ليصل الى دول مجاورة يتحفظ ذكرها، والجزء الأخير يباع في السوق السوداء عبر ميناء ضمن الاراض المسيطر عليها في سوريا بـ(180 دولارا) للطن الواحد، حيث أوصلت واردات العصابات خلال سنتي عملي في الركاز لما يزيد عن مليار وربع المليار دولار سنويا تسلم الى ديوان بيت المال للتصرف بها".
كما بين حامد، انه "كان على تواصل مستمر مع البغدادي وتلقى التوجيهات منه حيث التقاه ثلاث مرات لغاية عام 2016 مرتين في ولاية نينوى ومرة استدعاه الى سوريا للقائه غالبها تناول أهمية عمل الديوان وإصدار بعض التوجيهات لتطوير العمل كون العصابات بحاجة متزايدة للسلاح والعبوات والسيارات المفخخة".
غارة لطيران التحالف عام 2016
ولفت، الى انه "في غارة لطيران التحالف عام 2016 قتل (أبو علي الانباري) وكان مسؤولا عن أهم دواوين داعش وهو ديوان بيت المال، مبينا ان أن "قتل الانباري أحدث فراغا كبيرا في إدارة العصابات، وعلى إثرها تم استدعائي عاجلا الى الرقة وبأمر من البغدادي كلفت بشغل منصب أمير بيت المال، وهنا أصبحت مقربا وعلى تواصل مستمر مع القيادة العليا كون أمير بيت المال يجب أن يتسلم آلية توزيع موازنة الولايات والعديد من الأوامر من الأمير شخصيا، ويتكون بيت المال من هيأة النقد والمحاسبة والرقابة، وبعد المباشرة تبين أن خزينة العصابات فيها (250 مليون دولار و3000 كغم ذهب) مخزنة وموزعة في منازل وأنفاق تحت امرة عدد من منتسبي بيت المال، اغلبها عن صادرات النفط والجزء الآخر عن الغنائم المستحصلة من السرقات خارج حدود التنظيم والإتاوات وخطف بعض رؤوس الأموال والتجار ومساومتهم بالفدية، لأتوجه بعدها الى أمر سك عملة ذهبية وفعلا قمنا بإصدار (دينار إسلامي) صنعناه من الذهب الخالص ليستخدم في التداول وعمليات البيع والشراء داخل أراضي العصابات، وفعلنا تزويد منتسبي ديوان الجند بمبلغ يصل لأكثر من (30000 دولار) عن كل سيارة مفخخة تجهز للتفجير على القوات الأمنية، وكانت مسؤوليتي الأساسية كأمير لهذا الديوان تتمثل بجمع الإيرادات ومنح الموازنات للولايات ولديوان الجند لتستخدم في شراء التجهيزات المطلوبة لضرب القوات الأمنية في العراق وسوريا".
وكشف سامي الجبوري، عن "بدء عمليات التحرير من قبل القوات العراقية عام 2017 قائلا "عند وجودي في ولاية الفرات ولحصول تقدم للقوات العراقية اضطررت لإصدار أوامر بنقل جميع أموال العصابات من العراق الى سوريا وتحويل الأموال إلى حسابات شخصية خارج مناطق سيطرة التنظيم ودفع مبالغ إلى الولاة لانقطاع طرق التواصل".
واضاف، انه "بعد تقدم القوات العراقية وانحسار أراضي سيطرة العصابات وقطع اغلب طرق الإمداد من العراق، صدرت أوامر عليا بحل كافة الدواوين والإداريين في العراق والحاق كافة المنتسبين بديوان الجند لصد تقدم الجيش العراقي، وعند تواجدي في الولاية (ما تسمى بولاية الفرات التي كان يديرها في حينها المتهم أبو حسين الاعور) حدثت معركة بين القوات الأمنية العراقية وافراد العصابات، ولكوني موجودا واعتبر في منصب مقرب من القيادة العليا قمت بوضع خطة لهذه المعركة كون القوات الامنية كانت تتقدم باتجاه مركز ولاية الفرات (القائم) ووضعت خطة الهجوم على القوات الأمنية لصدهم وكانت تتكون من ثلاثة خطوط الأول للمقاتلين الهجوميين والانتحاريين والانغماسيين والثاني يتشكل من المقاتلين المؤازرين لغرض تشكيل خط صد ودفاع في حالة الانسحاب والثالث يتكون من مفارز الإسناد لإطلاق قنابر الـهاون والصواريخ وتم التنفيذ ونجحت في تأخير التقدم فقط".
تقدم القوات السورية في عام 2018
وأكمل "بعدها ازداد الحصار وتقدمت القوات العراقية باتجاه (القائم) بمختلف الاتجاهات وبقصف جوي ومدفعي، وعلى أثر وصول القوات وجه امير العصابات بانسحاب كافة المقاتلين الى داخل الأراضي السورية، وفعلا استطعت وعدد من المقاتلين العبور الى سوريا، وعند وصولي التقيت مباشرة بالبغدادي وحجي عبد الله قرداش ليتم التشاور على تنصيبي نائبا للأمير وبث إعلان داخل العصابات بأنني أعفيت من مناصبي كافة تحسبا لإلقاء القبض عليّ لأكون غير معرف، لامتلاكي كافة المعلومات الحساسة عن أفراد العصابات والية عمله ومفصله الاقتصادي الحساس".
وتابع "وعند تقدم القوات السورية في عام 2018 وانقطاع اغلب طرق التواصل وهرب العديد من مقاتلي العصابات وتسليم البعض الاخر نفسه الى قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، أرسلت زوجاتي الأربعة وافراد عائلتي الى احد الدول المجاورة بعدها بفترة وجيزة قمت بالتنسيق مع احد المهربين السوريين لترتيب خروجي واللحاق بهم وفعلا تجاوزت الحدود بصورة غير مشروعة وبعد وصولي لهم اتخذت إجراءات أمنية للتخفي في تغيير مظهري وقمت بشراء مكائن خياطة كغطاء لعملي الفعلي تخفيا من القوات الأمنية، كون مكافأة من يقدم المساعدة في القبض علي وصلت الى (5 ملايين دولار)".
من جانبه أكد قاضي أول محكمة تحقيق الكرخ المختصة بقضايا الإرهاب ان "المتهم اعترف بجرائمه دون أي ضغط او إكراه وبحضور المدعي العام ومحاميه، حيث قام بقتل العديد من افراد القوات العراقية من خلال زراعته للعبوات الناسفة كونه انتسب الى حركة التوحيد والجهاد الإرهابية، إضافة الى مشاركته في خطف ميسوري الحال وغيرهم بعد عام 2014".
وأضاف القاضي أن "المتهم الإرهابي تسلم مناصب عليا في العصابات كأمير لديوان الركاز وبعدها ديوان بيت المال الى نائب أمير العصابات الارهابية ومن خلالها قام بوضع الخطط العسكرية وجهز التنظيم بالعدد والعدة وطور المنظومة المالية ليستخدم تلك الموارد في تنفيذ العمليات الإرهابية وصرفها في ضرب القوات العراقية والسورية وتجهيز العجلات المفخخة وتوزيعه مكافئات عن هذا النوع من العمليات"، مؤكدا ان "المحكمة بصدد احالته الى المحكمة المختصة لإصدار الحكم العادل بحقه".