سوسو طرب وأشياء أخرى
هى قصة دينية، عن ثلاثة دخلوا مغارة يتحاموا فيها من عاصفة ترابية، فـ التراب دحرج صخرة، الصخرة سدت باب المغارة، وبقى مستحيل يخرجوا، أو خلينا نقول ما بقاش عندهم أى وسيلة لـ الخروج، الصخرة ثقيلة، وما بقاش ينفع تتحرك، وهم مش هـ يقدروا يزحزحوها.
يعملوا إيه؟
قعدوا التلاتة يفتكروا الأعمال الصالحة اللي عملوها لـ وجه الله فى حياتهم، فـ كل واحد حكى قصته، ومع نهاية كل قصة، الصخرة تتزحزح شوية، لحد ما انزاحت خالص مع آخر قصة.
الحكاية دى هـ يستلهمها كتاب الدراما فى كل زمان ومكان من ساعة ما قالوا يا دراما، لـ أنها مغرية جدا، وبـ تغنيك عن التفكير فى حبكة درامية، مكان ما، تحشد فيه كل النماذج اللي انت عايز تتكلم عنها، ترصدها وترصد علاقاتها بـ اللي حواليها.
عندك سكة السلامة، بين السما والأرض، البداية، العائلة، عمارة يعقوبيان، وغيره وغيره وغيره، غير سهرات إذاعية منهم سهرة عرضت القصة الأصلية نفسها من غير معالجة درامية، ونجحت نجاحا كبيرا في السبعينات كان اسمها تلاتة في المغارة.
سنة 1984، فيصل ندا خد التيمة دى، واشتغل عليها بـ الطريقة بتاعته، اللى هى تناول المشكلات الاجتماعية بطريقة أقرب لـ البرامج منها لـ الدراما، وتوصيل رسالة مؤداها وفحواها ومضمونها إن العيب فى الشعب، وإن سلوكياته الخاطئة وجشعه وطمعه وانحرافه عن الضمير والأخلاق هو السبب في كل الأزمات اللى بـ نعيشها اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية.
المسلسل دا كان "أهلا بـ السكان"، وطبعا كان البطل هو حسن عابدين اللى تخصص في أدوار المصلح الاجتماعى طول الثمانينات، وهو بـ يخطب، ويشوح بـ إيده الشمال، ويزعق فـ الكاميرا.
المسلسل كان إخراج عبدالله الشيخ، اللى كان مخرج فى ماسبيرو، لكن ماكنش له أعمال معروفة، هو عموما شغله كان قليل أوى، لكنه تخصص فى إنه يعمل إخراج الفيديو لـ المسرحيات، يعنى معظم الكلاسيكيات إخراجه: هالو شلبى، مدرسة المشاغبين، العيال كبرت، حزمنى يا، وغيرها.
الحكاية إن السنطاوى (حسن مصطفى) هـ يدي الأستاذ عصفور (حسن عابدين) شقة في عمارته مجانا، مقابل إن عصفور يبقى مسئول عن اللي يحصل في العمارة من الناحية القانونية، ولـ أن عصفور مكنش قدامه حل غير كدا، وافق.
ميزة المسلسل كانت في الكاراكترات اللى قدمها نجوم التلفزيون، وحطوا عليها لمساتهم، حاجة كدا أحمد رجب ستايل، نماذج كارتونية لـ حاجات يفترض إنها من الواقع، ويمكن أكثر شخصية علقت مع الجمهور، من وجهة نظرى، هى الشخصية اللي لعبتها ميمى جمال، الرقاصة "سوسو طرب"، اللى عايزة تعمل نايت كلوب فى العمارة.
إنما فيه حاجة لافتة هنا، هى شخصية خليل السباك، اللى لعبها نجاح الموجى، واخترع لها إيفيه اكتسح مصر وقتها: هـ تسلك. ودا يقودنا لـ ظاهرة أحب أتكلم عنها:
أنا مش فاهم ليه الدراما فى السبعينات والثمانينات احتقرت المهن اليدوية بهذا الشكل، وقدمت أصحابها بـ اعتبارهم حثالة المجتمع، وما يستاهلوش المكاسب اللي بـ يحققوها.
كنا دايمًا نشوف البطل رافض يسيب الوظيفة، ويشتغل سباك أو نقاش أو ميكانيكى أو حتى زبال، رغم إن دخله هـ يتضاعف عشر مرات، وصناع العمل يعتبروا البطل دا ثابت على المبدأ وقابض على الجمر، وراكب على الفيسبا.
أعتقد إن دى بقايا الستينات اللى رجعت مصر 200 سنة لـ ورا بـ تقديس طبقة الموظفين، واعتبار الأفندية هم عماد المجتمع، من غير ما يقولوا لنا هم بـ يعملوا فيه فى أشغالهم؟
يالا بقى، هـ يروحوا من ربنا فين!