بيان حالة
فى المعارك الكبرى، يطلب القائد من رجاله بيان حالة بالوضع قبل وبعد المعركة، وفى ظنى أننا كنا فى معركة كبرى منذ يونيو ٢٠١٣ وحتى الآن.. وأن الله كتب لنا الانتصار المبين، بفضل العمل، والإخلاص، والتخطيط، وبلطفه بنا فيما جرت به المقادير.. وأقول إن مصر تشعر الآن شعور المريض الذى خاض حربًا ضد فيروس لعين، أنهكت جسده مقاومته، ثم منّ الله عليه بالشفاء، وبدأ يستعيد عافيته، وهو أروع شعور يشعر به إنسان، ويمكن القول إن مصر فى مرحلة النقاهة، أو فى الجزء الأخير منها.. أنظر لأحوالنا هذا الأسبوع فقط فأحمد الله.. حمدًا كثيرًا.. فأعداد السائحين بلغت معدلًا لم تصل إليه منذ ٢٠١٠، رغم كيد المتربصين، ومصر تستعد لحدث ضخم يليق بها وهو افتتاح طريق الكباش، وهو حدث لن يقل روعة عن موكب نقل المومياوات الملكية، وهو حدث يقول إن فى هذا البلد ماضيًا، وحاضرًا، وإن فيه حضارة، وإن فيه أوضاعًا مستقرة، تسمح لأهله بالاحتفال بما أنجز أجدادهم، وبما أنجزوا هم أيضًا.. إن من أعظم الأخبار فى هذا الأسبوع هو إلغاء حظر التجول فى مدينة العريش، التى كانت مسرحًا للمواجهة مع إرهابيين من جنسيات مختلفة، تسللوا إلى مصر، واستطاعوا إثارة بعض الإزعاج فى مثلث صغير بين العريش ورفح، والشيخ زويد، العودة للحالة الطبيعية فى العريش تعنى أن الإرهاب اختفى، أو تبخر، أو دقت أعناق رجاله تحت أحذية جنودنا، أو أن تمويله قد انقطع، أو أن مَن حضَّر «العفريت» قد أمره بالانصراف، لا تشغل بالك، فهذه أمور علمها عند رجال مصر المخلصين، ويكفينا أن نفرح، ونحتفل، ونحمد الله على ما وصلنا إليه.. من أخبار هذا الأسبوع أيضًا، أن نفرًا ممن يحاكمون على أفعال الإرهاب يرفعون أصواتهم بالاستغاثة، والعزم على التوبة، وهى عادة يلجأ لها المجرمون بعد أن يوقنوا أن إجرامهم لن يفيد، وما يعنينا هنا هو تأكد هؤلاء من جريمتهم، ومن سوء ما ساروا فيه من إرهاب منذ سبع سنوات أو يزيد.. من الأخبار التى أراها إيجابية جدًا.. تلك الحفلات لهذا المغنى أو ذاك، والتى يحضرها عشرات الآلاف من الشباب، هذه الصورة تقول إن فى مصر فنًا، وإن فى مصر أمنًا، وأن يحضر الشباب حفلات أغانى الراب هو أحب وأفضل من أن ينخرطوا فى الإرهاب! فالفن، مهما اختلفت أذواقنا فيه، أفضل من التطرف، والتزمت، والإرهاب، الذى استلب عقول شبابنا فى العشرين عامًا الأخيرة بتواطؤ، وغفلة، وتورط من بعض أجهزة الدولة المصرية.. من الأخبار الإيجابية أيضًا إلغاء حالة الطوارئ، والعودة إلى الحالة الطبيعية بعد ٥٦ عامًا من حالة الطوارئ المتقطعة، والمتصلة، نتيجة تحديات أرهقت هذا البلد، أو نتيجة نقص فى كفاءة الدولة، اضطرت معها للاحتفاظ بحالة طوارئ دائمة، حفاظًا على شرعية مهتزة، الآن تملك الدولة المصرية شرعية الإنجاز، وشرعية الإنقاذ، وشرعية العدل الاجتماعى، وشرعية محاربة الفساد، وشرعية الكفاءة، وهى كلها حيثيات كافية لأن تلغى الدولة حالة الطوارئ وهى مطمئنة لشرعيتها، ولقوتها أيضًا.. من الأخبار الطيبة أيضًا أن الاقتصاد المصرى حل ثانيًا على القارة الإفريقية من حيث نمو الناتج المحلى بعد نيجيريا، وعلى المنطقة العربية بعد السعودية، وكلاهما اقتصاد نفطى، يعتمد على المورد الطبيعى المتدفق، بينما نعتمد على مهارتنا، وموارد متناثرة ننتظر لها أن تنمو، وهى تنمو بتوفيق الله وفضله.. فالحمد لله الذى أنقذنا.. وعافانا مما ابتلى به غيرنا، والشكر لرجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، وما بدلوا تبديلًا.