أولويات الدولة.. كيف حرصت مصر على تعزيز العلاقات مع الدول الإفريقية؟
نجحت مصر فى استعادة دورها بالقارة الإفريقية في مجالات عديدة على مدار السبع سنوات الماضية، وحققت إنجازات على المستوى الاقتصادي والسياسي من شأنها البناء عليها فى المرحلة المقبلة لتحقيق التنمية بالقارة.
فمنذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي المسئولية عام 2014، عظمت مصر من جهودها تجاه القارة الإفريقية؛ من خلال تنشيط التعاون بين مصر والدول الإفريقية في كافة المجالات، فضلًا عن استضافة عدد من المؤتمرات والمنتديات المعنية بالاستثمار والاقتصاد والأمن فى القارة، كما كثف الرئيس من تحركاته وزياراته لدول القارة.
ورصد أبرز تلك الإنجازات خلال عهد الرئيس السيسى بشكل عام وخلال رئاسة مصر للاتحاد الإفريقى بشكل خاص.
إنجازات مصر خلال رئاستها للاتحاد الإفريقى
توجت جهود وزارة الخارجية لاستعادة الدور المصري الرائد في إفريقيا باختيار مصر من قبل الأشقاء الأفارقة لتولي رئاسة الاتحاد الإفريقي خلال عام 2019، وهو القرار الذي تم اعتماده في قمة الاتحاد الإفريقي في يناير 2018.
حيث تركزت أولويات الرئاسة المصرية للاتحاد الإفريقى خلال عام 2019 التي تنطلق من أجندة عمل الاتحاد وأولويات العمل المتفق عليها فى إطار الاتحاد الإفريقي ومن أهمها أجندة 2036، وتسخير مصر إمكاناتها وخبراتها لدفع عجلة العمل الإفريقى المشترك لآفاق أرحب وحرصها على تحقيق مردود ملموس من واقع الاحتياجات الفعلية للدول والشعوب العربية في: التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مد جسور التواصل الثقافي والحضاري بين الشعوب الإفريقية، وتحقيق التكامل الاقتصادي والاندماج الإقليمي، الإصلاح المؤسسي والمالي للاتحاد، السلم والأمن عبر تعزيز الآليات الإفريقية لإعادة الإعمار والتنمية لمرحلة ما بعد النزاعات، ودعم جهود الاتحاد في استكمال منظومة السلم والأمن الإفريقية ودفع الجهود المبذولة لمنع النزاعات والوقاية منها والوساطة فى النزاعات.
ونجحت مصر فى توقيع اتفاقية استضافة مركز الاتحاد الإفريقي لإعادة الإعمار والتنمية بعد النزاعات، وتفويض المستشار القانوني للاتحاد الإفريقي للتنسيق مع مجموعة الدول الإفريقية بـ"لاهاي"، وتوقيع اتفاق استضافة الجزائر اتفاق مقر اللجنة الإفريقية للطاقة، الانتهاء من مناقشة مشروعات لجنة وزراء العدل الأفارقة بإثيوبيا، الاتحاد الإفريقي يوقع اتفاقية سيادة القانون مع اتحاد نقابات المحامين الأمريكية.
بحث الاتحاد عمل خارطة الطريق لإنشاء محكمة الهجين للجرائم المرتكبة في جنوب السودان، الاتحاد طلب من الجمعية العامة للأمم المتحدة رأيا استشاريا بشأن حصانات رؤساء الدول، مشاركة الإتحاد فى تعديل قواعد المركز الدولى لتسوية منازعات الاستثمار التابع للبنك الدولي وذلك بمقر البنك فى واشنطن، بحث تعزيز التعاون مع شبكة المجالس الوطنية لحقوق الإنسان الإفريقية قبل رئاسة مصر له فى نوفمبر، التعاون مع الصين لإيصال الكهرباء لـ600 مليون إفريقي، دخول اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية حيز النفاذ بعد تصديق 24 دولة من بينها مصر، سعي المكتب القانوني للاتحاد للحصول على موقف إفريقي مشترك ومنسق بشأن المحكمة الجنائية الدولية، الاتحاد نجح في توحيد موقف القارة في الأمم المتحدة حول صك الاتفاقية الدولية لقانون البحار، بدء خطة إصلاح منظمة الاتحاد الإفريقي في نيروبي.
إطلاق منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية
أطلقت مصر برئاسة الرئيس السيسي خلال رئاستها للاتحاد الإفريقي، منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية عقب بدء سريان اتفاقية التجارة الحرة القارية المنظمة لها، والتي كانت ضمن الأولويات التى أعلن عنها الرئيس خلال رئاسة مصر للاتحاد، وتسارعت الدول الإفريقية لإقامة تكتل اقتصادي بحجم 3.4 تريليون دولار يجمع 1.3 مليار شخص ليكون أكبر منطقة للتجارة الحرة منذ تأسيس منظمة التجارة العالمية، وهو ما يقدم فرصة ذهبية لإحداث تحول اقتصادي وتنموي في القارة السمراء.
وتمثلت التفاصيل والقواعد المنظمة للعمل بالمنطقة فى أن 33 دولة صدقت على الاتفاق المؤسس لمنطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية وقدم صكوك تصديقها إلى المفوضية، 18 دولة قدمت جداول امتيازاتها التعريفية وهي بوتسوانا، الكاميرون، تشاد، جمهورية إفريقيا الوسطى، جمهورية الكونغو، جمهورية الكونغو الديمقراطية، مصر، غينيا الاستوائية، إسواتيني، الغابون، ليسوتو، مدغشقر، ملاوي، موريشيوس، ناميبيا، ساوو تومي وبرينسيبي، سيشيل وجنوب أفريقيا، 12 دولة قدمت عروضها الأولية فيما يتعلق بالتجارة في الخدمات: وهي جزر القمر وجمهورية الكونغو الديمقراطية ومصر وإسواتيني وليسوتو ومدغشقر وموريشيوس وناميبيا وساوو تومي وبرينسيبي وسيشيل وجنوب إفريقيا وزامبيا.
ونصت الاتفاقية على ضرورة استكمال جميع القضايا العالقة بشأن قواعد المنشأ والامتيازات التعريفية بشأن التجارة في السلع والخدمات بحلول يونيو 2021، يتعين على أمانة منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية والسلطات الجمركية التعجيل بتنفيذ الإجراءات اللازمة لتفعيل منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية اعتبارًا من 1 يناير 2021، تبادل الامتيازات التعريفية بين الدول الأطراف سيكون مشروطًا بمبدأ المعاملة بالمثل من حيث تغطية خط الإنتاج وجداول تخفيض التعريفات الجمركية.
تهدف الاتفاقية إلى تحسين القدرة التنافسية لاقتصاديات الدول الإفريقية وجذب الفرص الاستثمارية داخل القارة الإفريقية وإزالة الحواجز والمعوقات الجمركية وغير الجمركية، وخلق سوق إفريقية موحدة للسلع والخدمات، مع بدء سريان الاتفاقية يتوقع ارتفاع حجم التجارة البينية الإفريقية من 16% في عام 2018 إلى 53% مقارنة بحجم التجارة الإفريقية مع باقي دول العالم، تعتبر مصر الأولى إفريقياً جذبا للاستثمار المباشر وفقاً لبنك "راند ميرشانت" عام 2018 تليها جنوب إفريقيا، ثم المغرب، ثم إثيوبيا.
تحتل مصر المرتبة الأولى كأكبر عشر اقتصادات في إفريقيا وفقًا للناتج المحلي الإجمالي والذي بلغ قيمته 1219،5 مليار دولار، تليها نيجيريا ثم جنوب إفريقيا، تهدف الاتفاقية إلى استغلال العدد الكبير من السكان الشباب وتعزيز التجارة بين الأفارقة حيث تلتزم الدول الموقعة بإزالة الرسوم عن 90% من البضائع، اتفاقية منطقة التجارة الإفريقية الحرة ستلغي التعريفة الجمركية تدريجيا على التجارة بين الدول الأعضاء بالاتحاد (55 دولة).
يضاف إلى الاتفاقية 3 بروتوكولات تٌشكل هي وملاحقها جزءًا لا يتجزأ من الاتفاق وتتمثل في بروتوكول التجارة فى السلع وبروتوكول التجارة فى الخدمات وبروتوكول قواعد وإجراءات تسوية المنازعات، الجمارك والتجارة العابرة للحدود وتباين الأسعار وبعض المشاكل الفنية التي لا تتناسب مع بعض الدول في القارة، أبرز التحديات التي ستواجه العمل بمنطقة التجارة الحرة الإفريقية، تعود فكرة التكامل والاندماج بين التجمعات الاقتصادية الإفريقية إلى خطة عمل لاجوس سنة 1980، ومعاهدة أبوجا سنة 1991، بهدف إنشاء المجموعة الاقتصادية الإفريقية.
رئاسة مصر لمجلس السلم والأمن الإفريقي
تسلمت مصر رئاسة مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي فى أكتوبر 2020، وقامت بقيادة أعمال الجهاز الإفريقي الرئيسي المعني بموضوعات السلم والأمن في القارة الإفريقية، وضم برنامج رئاسة مصر للمجلس عددًا من الموضوعات التي تحتل أهمية خاصة ومُلحة لدى الاتحاد الإفريقي ومصر، بما يُمثل فُرصة لتعزيز وتنسيق المواقف الإفريقية المُشتركة في العديد من الملفات الحيوية.
وعكست رئاسة مصر للمجلس حجم اهتمامها الكبير والثابت بقضايا مُكافحة الإرهاب والتطرف بإفريقيا وحول العالم، ومن هذا المُنطلق خصصت جلسة لمُناقشة ظاهرة المُقاتلين الإرهابيين الأجانب وخطورة تأثيراتها على حالة السلم والأمن بالقارة، فضلاً عن عقد جلسة أخرى للنظر في سُبل تفعيل مُقترح استحداث قوة أفريقية لمُكافحة الإرهاب كجزء من القوة الأفريقية الجاهزة، والذي كان السيد رئيس الجُمهورية قد طرحه مع ختام رئاسة سيادته للاتحاد الأفريقي بناء على طلب القادة الأفارقة، كما أعطت الأولوية الرئيسية التي تمنحها الرئاسة المصرية للمجلس لملف إعادة الإعمار والتنمية في مرحلة ما بعد النزاعات، خاصةً مع تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي ريادة هذا الملف على المستوى القاري.
انتخاب مصر لرئاسة الدورة الـ15 للجنة الأمم المتحدة لبناء السلام
انتخبت مصر للمرة الأولى رئيسا للجنة بناء السلام في الأمم المتحدة، عقب اعتماد الترشيح المصري على مستوى المجموعة الإفريقية في نيويورك، لتصبح مصر مرشحا ممثلا لإفريقيا لتولي هذا المقعد الأممي المهم.
وتم الاختيار عقب إعادة انتخاب مصر لعضوية لجنة بناء السلام بأعلى الأصوات في انتخابات شهدت منافسة كبيرة في ديسمبر 2020"، وجاء انتخاب مصر لرئاسة لجنة بناء السلام للمرة الأولى تكليلا لجهود الدبلوماسية المصرية على مدار عقد ونصف في دعم هيكل الأمم المتحدة لبناء السلام منذ تدشينه في 2005.
مصر تفوز باستضافة وكالة الفضاء الإفريقية
نجحت مصر فى الفوز باستضافة وكالة الفضاء الإفريقية، حيث اتخذ المجلس التنفيذى للاتحاد الإفريقى قرارا باستضافة مصر لوكالة الفضاء الإفريقية.
ويأتي هذا القرار بمثابة تقدير للثقة التامة فى قدرة الوكالة على خدمة القارة بأسرها على صعيد تكنولوجيا الاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء لدفع جهود التنمية الوطنية والإقليمية الإفريقية وفقًا لأجندة إفريقيا 2063.
عودة العلاقات المصرية الإفريقية بقوة
سعت الدبلوماسية المصرية فى عهد الرئيس السيسي إلى استعادة العلاقات الأفريقية فى كافة المجالات بقوة، حيث عملت وزارة الخارجية على تطوير التعاون مع الأشقاء الأفارقة واستعادة الدور المصري الرائد في إفريقيا في إطار الاستراتيجية التي تتبناها الحكومة نحو الانخراط الكامل والتعاون مع الدول الإفريقية، وذلك لما تمثله العلاقات المصرية الإفريقية من أهمية للأمن القومي المصري.
حيث ركزت على تعزيز العلاقات الثنائية بين مصر وكافة الدول الإفريقية، خاصة دول حوض النيل ومنطقة القرن الإفريقي. كما تتابع عن كثب كافة التطورات بالقارة الإفريقية، وكذا دراسة تداعياتها على الأمن القومي المصري والمصالح المصرية بصفة عامة.
كما عملت وزارة الخارجية على تعزيز التبادل التجاري مع الدول الإفريقية، وتشجيع رجال الأعمال والقطاع الخاص على الاستفادة من الفرص التجارية والاستثمارية المتاحة فى أفريقيا، فقد قامت وزارة الخارجية بالتنسيق مع وزارة التجارة والصناعة بالتواصل مع العديد من رجال الأعمال المصريين والتعريف بالفرص الواعدة للتجارة مع الدول الإفريقية.
دور مصر الريادي في إطار المنظمات والتجمعات الإفريقية
حرصت مصر على استضافة العديد من الفعاليات الإفريقية مثل خلوة مجلس السلم والأمن الأفريقي بالقاهرة، وخروج نتائجها على النحو الذي يعكس أهمية تفعيل بنية السلم والأمن الأفريقية وتعزيز الدبلوماسية الوقائية.
كما نجحت في استضافة مقر مركز الاتحاد الإفريقي لإعادة الإعمار والتنمية ما بعد النزاعات AUC-PCRD، كما شاركت وزارة الخارجية في الإعداد لمنتدى الاستثمار في إفريقيا بشرم الشيخ، حيث هدف المنتدى إلى توفير منصة لرؤساء الدول والحكومات، وكذلك قادة القطاع الخاص ورجال الأعمال في إفريقيا والعالم من أجل مناقشة مجموعة واسعة من قضايا الأعمال والتنمية في القارة والتعامل مع بعض أهم الشركاء الاقتصاديين وأصحاب المصلحة في إفريقيا.
وشاركت مصر بفاعلية فى قمة الإصلاح المؤسسي والمالي للاتحاد الأفريقي في نوفمبر 2018، وقمة الكوميسا العشرين في لوساكا، وقمة منتدى التعاون “الصين - إفريقيا” في بكين، والاجتماع الوزارى لمؤتمر طوكيو الدولي للتنمية في إفريقيا "التيكاد"، بالإضافة إلى استضافة كل من المؤتمر السابع لوزراء التجارة الأفارقة بالقاهرة، والمعرض الأول للتجارة البينية الإفريقية.
يذكر أن مصر تستضيف تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي قمة المؤتمر الـ21 لرؤساء الدول والحكومات لمنظمة دول السوق المشتركة لشرق وجنوب إفريقيا "كوميسا" أواخر الشهر الجاري.
“الكوميسا” هي السوق المشتركة لشرق وجنوب إفريقيا، وأحد أعمدة المجموعة الاقتصادية الإفريقية، وهي منطقة تجارة تفضيلية تمتد من ليبيا إلى زيمبابوي، وتضم في عضويتها تسعة عشر دولة، وتعود نشأة الكوميسا لعام 1994، عوضًا عن منطقة التجارة التفضيلية الموجودة منذ 1981.
وشاركت تسعة دول في إنشاء منطقة تجارة حرة عام 2000، هى مصر، جيبوتي، كينيا، مدغشقر، مالاوي، موريشيوس، السودان، زامبيا، زيمبابوي، كما انضمت رواندا، وبورندي لعام 2004، ثم انضمت ليبيا، وجزر القمر عام 2006.