صحفيون وإعلاميون جزائريون: حرية الإعلام سلاح ذو حدين
أكد عدد من الصحفيين والاعلاميين الجزائريين المكرمين أمس من قبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عقب فوزهم في مسابقة جائزة "رئيس الجمهورية للصحفي المحترف" أن الرسالة الإعلامية لابد أن تتحلى بالمسؤولية في نقل وتداول الأخبار؛ لأن حرية الإعلام هي سلاح ذو حدين، وينبغي أن تكون هذه الحرية عامل بناء وليس هدم، فالإعلام كلمة ولابد أن تكون هذه الكلمة صادقة وتخدم الأوطان.
وقالت إحدى المكرمات، الصحفية الجزائرية أسماء منور، إن تكريم الرئيس تبون يعد سابقة أولى منذ استحداث جائزة "رئيس الجمهورية للصحفي المحترف" في عام ٢٠١٥، ويعد أيضا بمثابة اعتراف بالمجهودات التي يقوم بها رجال الإعلام؛ لا سيما في نضالهم في ظل سرعة انتشار الشائعات والأخبار المغلوطة وأيضا الحملات الممنهجة الخارجية التي تستهدف الدولة.
وأضافت أن موضوعها، الذي أعدته وفاز بهذه الجائزة، تناول دور الإعلام بين المسؤولية والحرية وأهم السقطات الإعلامية على الصعيد المحلي والدولي وكان بعنوان "قف.. لا لحرية القاتل ومسئولية المجنون".
وأوضحت منور أن بعض الأخبار المغلوطة والتقارير الموجهة هي بمثابة جرائم في حق الجمهور، ولابد للصحفي والإعلامي أن يتحمل مسئوليته لأن الكلمة مسؤولية وقد تؤدي إلى إزهاق النفس، مشيرة إلى أن الصحفي لابد أن يتمتع بنظرة بعيدة المدى وأن يكون على دراية بالآثار المترتبة على المقال أو الموضوع الذي أعده، ومن ثم فإن الإعلام سلاح ذو حدين.
وتابعت قائلة إن إذا كان هناك تفريط في المسؤولية وإفراط في الحرية، سيصبح الإعلام سلعة تجارية.
وأضافت الصحفية الجزائرية أسماء منور أنها تطرقت في موضوعها عن حادثة مجلة شارلي ابدو الفرنسية والتي تسببت في نشر البغض والكراهية وتسببت في ارتكاب حوادث قتل، وكذلك إلى الخبر الذي أوردته وكالة الأنباء الفرنسية وتدافع فيه عن حركة "الماك" الإرهابية والمحظورة في الجزائر، فضلا عن شائعة بوجود خلل في الرقابة والانضباط بعض المدن الجامعية، تسببت في قيام بعض الأهالي بمنع بناتهم من استكمال دراستهن.
وأشارت منور إلى أن هناك تغيرا في المشهد الإعلامي الجزائري، فالدولة ستقوم بتطبيق عقوبات قد تصل للغلق لمواجهة الأخبار الموجهة والمغلوطة، لافتة إلى أنه في الأيام المقبلة، يدرس المسئولون استحداث سلطة ضبط للصحافة المكتوبة على غرار تلك الموجودة بالفعل للصحافة المرئية والمسموعة.
من جانبها ، قالت آمنة بن عبد ربه، مذيعة بالتلفزيون الجزائري الرسمي، لوكالة أنباء الشرق الأوسط، إنها نالت جائزة "رئيس الجمهورية للصحفي المحترف" ببرنامج تلفزيوني بعنوان: "خبايا الإعلام" وكان إحدى حلقاته عن "مصانع الأخبار المفبركة" وتناولت دور وسائل التواصل الاجتماعي في التأثير على الرأي العام بصورة غير مباشرة.
وأضافت أن المشهد الإعلامي في العالم بأسره يشهد تغيرات كبيرة فرضتها وسائل التواصل الاجتماعي، فالشاشات الصغيرة في الهواتف أصبحت تتقدم على حساب شاشات التلفاز الكبرى التقليدية، نظرا لأن وسائل التواصل الاجتماعي تعد متنفسا للقارئ لا سيما من صغار السن الذي ينجذب بصورة أكثر للترفيه.
وأشارت عبد ربه إلى أن الإعلام الحكومي الرسمي بدأ يستعيد قواه، موكدا أهمية أن يكون هناك علاقة تكاملية بين الإعلام الحكومي والخاص.
في السياق ذاته، أعربت الصحفية والمذيعة أسماء تركي عن سعادتها بالتتويج بالجائزة؛ لا سيما وأنها تحت إشراف الرئيس الجزائري شخصيا للمرة الأولى، مشيرة إلى أن حضور الرئيس تبون يبرهن على قيمة الصحفي بوصفة العين الراصدة لكافة الأحداث المحلية والدولية وحائط الصد المنيع أمام الحملات الكيدية الممنهجة.
وأضافت أن الموضوع الذي أعددته كان بعنوان "الإعلام المسؤول.. معركة وعي" وتضمن أمثلة حية عن الأخبار الكاذبة والمغلوطة التي تستهدف الجزائر وتسعى لخلق التهويل والمساس باستقرار البلاد؛ لا سيما تلك التي تم تداوله أثناء بداية جائحة كورونا.
وأوضحت تركي أن دور الإعلام يتمثل في تنوير الرأي العام عن طريق تقصي الحقيقة وتقديمها للمشاهد دون تزييف أو تلوين.
وأضافت أن المشهد الإعلامي في الجزائر يشهد تطورا كبيرا في ظل الإصلاحات التي تنتهجها الدولة لتعزيز الممارسة الديمقراطية، مشيرة إلى أن مشروع قانون الإعلام الجديد في البرلمان من المتوقع أن يمكن الإعلام من أداء دوره بشكل احترافي.
من جانبها، قالت الإذاعية ناصرة غرناطي، إنها تناولت في موضوعها الذي حمل عنوان :"إعلامي برتبة مجاهد" دور الإعلام على مدار التاريخ في الدفاع عن مكتسبات الدولة والتصدي لمحاولات زرع الفرقة وزعزعة استقرار المجتمعات.
وأضافت أن المشهد الإعلامي الجزائري شهد تغييرات جذرية وبدأ الإعلام الحكومي يستعيد قواه؛ لا سيما في ظل اهتمام الدولة بدوره، لافتة إلى إشراف الرئيس الجزائري الشخصي على هذه المسابقة وحضوره لتكريم الفائزين يعد دليلا على اهتمام الجزائر الجديدة بتعزيز الممارسات الديموقراطية والإعلام.
في السياق ذاته، أوضح الإذاعي محمد وعيل، من إذاعة القرآن الكريم الجزائرية أن تكريم الرئيس الجزائري أعطى دفعة كبيرة للعاملين بقطاع الإعلام.
وأضاف أنه تناول موضوع "حرية الإعلام في الإسلام ضوابط شرعية ومقاصد انسانية"، لأن مفهوم حرية الإعلام هو مفهوم قديم، فالقرآن الكريم طالب الفرد بتقصي الحقائق ومن ثم فإن الصحفي لابد أن يجنب ذاتيته ويقدم المعلومة من مصادر موثوقة وعدم نشر ما قد يتسبب في أذى المجتمع.
واعتبر "وعيل" أن المشهد الاعلامي يشهد قفزة نوعية من حيث تغليب مصلحة المواطن، وتقديم خدمة إعلامية ذات قيمة على جميع المنصات المرئية والسمعية، لأن الإعلام هو كلمة والكلمة لابد أن تكون صادقة وتغلب خدمة الوطن.. لافتا إلى أن الإعلام العربي لابد أن يكون متكاملا لخدمة أهداف الأمة العربية والإسلامية.
فيما أوضح الصحفي عبد الرؤوف حرنشاوي، أنه تناول خلال موضوعه الفائز بمسابقة جائزة "رئيس الجمهورية للصحفي المحترف"، الأخبار المغلوطة التي تقود المجتمعات نحو المجهول. وقال إن مثل هذه الأخبار قد تتسبب في أزمة ومنها على سبيل المثال الشائعة المتعلقة بنقص الأكسجين في المستشفيات خلال جائحة كورونا.
وأضاف أنه من المنتظر أن يتم مناقشة مشروع قانون الإعلام الجديد نهاية العام الجاري وهو القانون الذي سيوفر ترسانة من القوانين تضمن مكتسبات جديدة للصحفي والإعلامي.
وتابع قائلًا إن المشهد الإعلامي الجزائري شهد قفزة نوعية وانفتاحا كبيرا في تناول المعلومات والحصول عليها، مشيرا إلى أن الجزائر تضم عددا كبيرا من المواقع الالكترونية، وأكثر من ١٤٠ صحيفة.
وأضاف أن المشهد الإعلامي العربي متميز؛ ويملك مقومات كبيرة وبه إمكانيات متقاربة، ولابد أن يكون هناك تبادل خبرات بين مختلف منصات الإعلام العربي وتوفير دورات تدريبية حتى يكون هناك إعلام عربي متكامل.
وحذر حرنشاوي من أن الشائعات تعد بمثابة أكبر عدو للإعلام، الذي له دور كبير في كبح جماح الشائعات.
وأعرب حرنشاوي، عقب تكريمه من قبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، عن شكره لوكالة أنباء الشرق الأوسط على تواجدها المثمر في الجزائر، وكذلك القائمين على منظومة الإعلام الجزائرية.