باحثة بالمركز المصرى: موسكو تنظر إلى القاهرة باعتبارها شريكا بارزًا فى شمال أفريقيا
فى ظل العلاقات الثنائية بين مصر وروسيا فى العديد من المجالات، وموقف موسكو الداعم للقاهرة، بدد السفير الروسى بالقاهرة، جورجى بوريسينكو، المزاعم التى تدور حول تحيز موسكو تجاه إثيوبيا فى أزمة سد النهضة.
ونفى بوريسينكو صحة المزاعم عن انحياز بلاده إلى إثيوبيا في ملف سد النهضة.
وأكد بوريسينكو، خلال حوار تليفزيوني له احترام موسكو الثابت لحق مصر في مياه نهر النيل، مستدركا: "نفهم أن تعداد سكان مصر يتزايد بسرعة، وفي مصر بالفعل حاليا أكثر من 100 مليون نسمة، ولديها بالطبع حاجة كبيرة إلى المياه".
وفى السياق ذاته، قالت داليا يسري باحثة في المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن الأسباب وراء استمرارية العلاقات بين مصر وروسيا على مدار تلك السنوات، كثيرة ومتعددة، يأتي على رأسها أن موسكو تدرك بوضوح أن القاهرة تُمثل حجر الأساس أمام أي قوة دولية تسعى لبناء علاقات وطيدة تُعزز من نفوذها في المنطقة العربية وشمال أفريقيا بالكامل، حيث تتمتع مصر بموقع جيو-استراتيجي مميز لطالما مكنها من لعب دور مهم في صياغة السياسات الإقليمية والدولية حربًا وسلمًا، وأعطاها مكانة خاصة في العالم الآسيوي والأفريقي، فضلاً عن كونها أحد كِبار اللاعبين في منطقة الشرق الأوسط بتاريخه المعقد والمأزوم منذ عقود ممتدة.
وأضافت يسرى فى تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن موسكو التي تضع هدف الوصول إلى عالم غير أحادي القطب، لا تنفرد فيه الولايات المتحدة وحدها باتخاذ القرارات الدولية الكبرى، تُدرك أن مسألة علاقاتها بالقاهرة تتعدى بمراحل ما يربطهم من علاقات تجارية وسياحية واقتصادية وغيره، بل أنها ضرورة حتمية لكل قوى دولية ترغب في الحفاظ على نفوذها في افريقيا بالطريقة التي تضمن الحفاظ على موازين القوى في المنطقة، أملاً في عدم ترك الساحة مفتوحة أمام واشنطن للاستئثار بالمشهد السياسي برمته.
لذلك، نجد أن موسكو لطالما نظرت إلى القاهرة باعتبارها شريكا بارزًا في شمال أفريقيا، وكانت قوة هذه الشراكة حاضرة منذ فترة الاتحاد السوفيتي، وصولًا إلى الوقت الراهن، خاصة في أعقاب ثورة 2011، عندما أظهرت موسكو مرونة سياسية ساعدتها على أن تخرج من أيام الفوضى بصداقات أكثر متانة على خلاف الدول الأفريقية الأخرى، التي لم تولي موسكو العناية نفسها للحفاظ على علاقاتها به في خلال نفس الفترة.
وأشارت يسرى إلى أن الاستراتيجية الروسية بالعودة إلى أفريقيا وما تبذله روسيا في هذا السياق لا يخفى على أحد، لكن بالنسبة لروسيا فإن جهودها نحو تعزيز نفوذها في القارة ينقسم بين شقين، شق يحتوي على شمال أفريقيا والآخر كما نعرف يتعلق ببقية القارة، بالنسبة لروسيا، إثيوبيا -على سبيل المثال- لا تتعدى كونها إحدى الأحجار التي من الممكن استخدامها لبناء مجرى علاقاتها هناك، ففي أثناء قيامها بتوطيد علاقاتها مع إثيوبيا هي تقوم أيضًا بتوطيد العلاقات بذات الطريقة مع الدول المجاورة لها.
ونخلص من كل ذلك إلى أن روسيا تنظر لإثيوبيا بالفعل بعين الاهتمام، لكن المسألة هنا لا تتعلق في وجود اهتمام من عدمه بقدر ما تتعلق بقيمة وحجم ووزن وتأثير هذا الاهتمام. بمعنى، لو ألقينا نظرة على طبيعة العلاقات بين مصر وروسيا سنجد أنها علاقات تاريخية ممتدة ونشطة على كافة الأوجه، وسنجد أيضًا أن روسيا تعول على مصر في منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط ككل، باعتبارها بلد يحتل مكانة محورية بحد ذاتها وبشكل منفرد على خارطة العلاقات الخارجية الروسية.