«قتل الأبرياء».. تقارير دولية ترصد اعتداءات الحكومة الإثيوبية على «تيجراي»
تواصل قوات الحكومة الإثيوبية هجماتها العسكرية ضد إقليم تيجراي بأقصى شمال البلاد، في تحد واضح لدعوات السلام ووقف إطلاق النار من المجتمع الدولي، وفي استهتار كبير لحياة وأرواح المدنيين الذين يعانون بالفعل من أسوأ الأزمات الإنسانية التي شهدها العالم ومجاعة تهدد حياتهم في ظل تقافم الصراع الذي اندلع قبل نحو عام بين قوات الحكومة المركزية والجبهة الشعبية لتحرير تيجراي، وقتل على إثره آلاف الأشخاص وتشريد الملايين فيما كلف البلاد الكثير على المستوى الاقتصادي.
منع هبوط طائرة للأمم المتحدة
كشفت وكالة "رويترز" اليوم الجمعة، إن الغارات الجوية الجديدة التي شنتها الحكومة الإثيوبية على ضواحي مدينة ميكيلي، العاصمة الإقليمية لتيجراي شمال البلاد، منعت طائرة تابعة للأمم المتحدة من الهبوط هناك.
وذكرت الوكالة، نقلا عن مصدرين من مسؤولي الإغاثة في إثيوبيا، أن الطائرة الأممية اضطرت إلى تعليق عملية الهبوط المقررة في ميكيلي بشكل طارئ بسبب القصف.
وأضاف المصدران الإنسانيان في إثيوبيا ، بناء على معلومات من سكان ميكيلي ، لـ"رويترز" إن الضربة ضربت جامعة ميكيلي.
المرة الرابعة في أسبوع
نفذت القوات الجوية الإثيوبية ضربات هجومية على عاصمة منطقة تيجراي الشمالية اليوم الجمعة، في رابع جولة من الضربات منذ مطلع الأسبوع الجاري، بعد الغارات التي استهدفت المنطقة أيام الاثنين والأربعاء والخميس، مع احتدام القتال بين الحكومة المركزية وقوات المنطقة، وخلف الهجوم العديد من الإصابات بين المدنيين.
وكانت قد أعلنت الحكومة الإثيوبية في وقت سابق من اليوم عن شنها غارات على مركز تدريب عسكري في محيط ميكيلي تستخدمه الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي لإعداد وإصلاح الأسلحة، فيما أفاد هايلوم كيبيدي، مدير الأبحاث في مستشفى أيدر في ميكيلي بأن الهجوم الأخير في ميكيلي أسفر عن إصابة ثمانية أشخاص على الأقل بينهم امرأة حامل، كما أكد المتحدث باسم الأمم المتحدة فرحان حق للصحفيين إن المعلومات الأولية أشارت إلى إصابة بعض المدنيين بينهم نساء وأطفال.
وقال المتحدث باسم الحكومة الإثيوبية ليجيسي تولو لوكالة "فرانس برس"، إن الضربة الأخيرة يوم الخميس استهدفت "المنشآت التي حولتها جبهة تحرير تيجراي إلى مواقع لإعداد وإصلاح الأسلحة" في العاصمة الإقليمية، فيما أفاد هايلوم كيبيدي، مدير الأبحاث في مستشفى أيدر في ميكيلي بأن الهجوم الأخير في ميكيلي أسفر عن إصابة ثمانية أشخاص على الأقل بينهم امرأة حامل، كما أكد المتحدث باسم الأمم المتحدة فرحان حق للصحفيين إن المعلومات الأولية أشارت إلى إصابة بعض المدنيين بينهم نساء وأطفال.
وقال أحد السكان المحليين لـ"فرانس برس"، "إن الهجمات كانت ثقيلة والطائرات كانت قريبة جدا" فيما افاد شهود عيان بتصاعد سحب كثيفة من الدخان فوق تيجراي.
ولفتت الوكالة الفرنسية، إلى أن تلك الهجمات الجديدة في شمال إثيوبيا أثارت قلق المجتمع الدولي، حيث أسفر الصراع المندلع منذ نوفمبر من العام الماضي، عن مقتل آلاف الأشخاص وترك الملايين في حاجة إلى مساعدات طارئة.
ونقلت عن وليام دافيسون، كبير المحللين في مجموعة الأزمات الدولية في إثيوبيا، إن الضربات "تبدو وكأنها جزء من جهود لإضعاف مقاومة تيجراي المسلحة في الوقت الذي تحقق فيه مكاسب عسكرية في منطقة أمهرة المجاورة".
وأضاف دافيسون، "قصف المناطق الحضرية يعزز الانطباع بأن أديس أبابا مستعدة للمخاطرة بأرواح المدنيين في تيجراي كجزء من جهودها العسكرية ، وهو أمر يتجلى أيضًا في قيودها المستمرة التي تفرضها على تدفق المساعدات ورفض توفير الكهرباء وخدمات الاتصالات والخدمات المصرفية إلى المنطقة ".
وتابع "وعلى هذا النحو، قد يكون لتلك لغارات الجوية تأثير في تقوية عزم التيجرايين على المقاومة بدلاً من إضعافها".
من جهته، قال جيتاتشو رضا، المتحدث باسم الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي، إن الغارة الأخيرة على ميكيلي أصابت منطقة سكنية "تسببت في إصابة مدنيين وإلحاق أضرار بالممتلكات".
وأضاف:"قام سلاح الجو الإثيوبي بشن ثلاث محاولات لضرب أهداف في ميكيلي بعد ظهر يوم الخميس، وتمكنت قوات دفاعنا الجوي حتى الآن من حماية شعبنا".
ووفقا لبيان صادر عن رئيس جبهة تحرير شعب تيجراي ديبريتسيون جيبرمايكل، قتل مدنيون أيضا في الهجوم على ميكيلي، وقصفت القوات الجوية الإثيوبية بالفعل المدينة يومي الاثنين والأربعاء، ما أسفر عن مقتل وإصابة مدنيين.
تنديد بالهجمات وتعريض حياة المدنيين للخطر
من جهتها، حذرت الولايات المتحدة الأمريكية من تصاعد وتيرة العنف في إثيوبيا بعد شن الجيش ضربات جوية متعددة في ميكيلي عاصمة إقليم تيجراي المضطرب بشمال البلاد هذا الأسبوع، داعية إلى ضرورة الوقف الفوري للأعمال العدائية مع اشتداد الصراع في الإقليم المحاصر.
ووفقا لما نقله موقع "ذا ايست افريكان"، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس في بيان: "لقد رأينا تقارير موثوقة عن هجمات في ميكيلي وحولها. الولايات المتحدة تدين التصعيد المستمر للعنف وتعريض المدنيين للأذى والخطر".
وقال الموقع أن واشنطن تهدد بفرض عقوبات إذا لم تتوصل الأطراف المتحاربة في إثيوبيا إلى تسوية تفاوضية لإنهاء الحرب الأهلية الدموية المستمرة منذ ما يقرب من عام والتي أودت بحياة عشرات الآلاف من الأشخاص وشردت الملايين.
ولفت الموقع إلى أن إدانة واشنطن لتصعيد الصراع تأتي في أعقاب شن الحكومة الإثيوبية غارات جوية على ميكيلي هذا الأسبوع كجزء من هجماتها الرئيسية الجديدة لسحق الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي، مضيفا أن هذه الهجمات تسببت في إصابة ومقتل العديد من المدنيين من بينهم أطفال وامرأة حامل.
ولم تكن الضربات الأولى التي تضرب المنطقة الشمالية من إثيوبيا هذا الأسبوع حيث يمتد الصراع نحو عام كامل، وأدى إلى مقتل الآلاف وتشريد أكثر من مليوني شخص وسط أزمة إنسانية متصاعدة.
الصراع يؤثر على الاقتصاد
على المستوى المحلي، أثر الصراع في تيجراي واستمرار الهجمات العسكرية على اقتصاد البلاد، حيث خفضت وكالة "موديز" التصنيف الائتماني السيادي لإثيوبيا للمرة الثانية منذ مايو الماضي، وذلك بسبب التأخير في تسوية الديون، والحرب الأهلية المتصاعدة في إثيوبيا، في انعكاس جديد لتزايد التوقعات السلبية نتيجة ارتفاع حالة عدم اليقين بشأن المخاطر السياسية في البلاد في ظل تفاقم الصراع الذي تشهده شمال البلاد.
ووفقا لما أفادت به وكالة "بلومبرج" الأمريكية، عدلت وكالة موديز للتصنيفات الائتمانية النظرة المستقبلية لإثيوبيا إلى سلبية، مخفضة تصنيفها إلى مستوى واحد عند Caa2، حيث وضعت "موديز" أديس أبابا في مارس الماضي قيد المراجعة لخفض التصنيف، قبل خفض التصنيف بعد شهرين، بحسب بيان أصدرته المؤسسة المالية يوم الأربعاء.
ولفتت "بلومبرج" إلى أن العائد على سندات اليورو ارتفع بقيمة مليار دولار لإثيوبيا بمقدار خمس نقاط أساس إلى مستوى قياسي بلغ 13.83٪، فيما ارتفع معدل الديون إلى أكثر من الضعف منذ نوفمبر 2020، عندما اندلع الصراع في إقليم تيجراي.
وتابعت إنه تم تشكيل لجنة الدائنين لمناقشة إعادة هيكلة ديون إثيوبيا في سبتمبر الماضي، بعد ثمانية أشهر من إعلان الحكومة عن خطط لإعادة تنظيم التزاماتها بموجب برنامج إعفاء مجموعة العشرين، وبالتزامن اشتدت الحرب الأهلية في البلاد، مع شن القوات الإثيوبية غارات جوية على تيجراي هذا الأسبوع
ونقلت "بلومبرج" عن وكالة موديز قولها في البيان: " تعكس التوقعات السلبية تزايد حالة عدم اليقين بشأن المخاطر السياسية، والتأخير في إعادة هيكلة الديون".
وأضافت: "تتوقع موديز أن يستغرق قرار لجنة الدائنين بشأن معالجة الديون التي يجب تطبيقها بعض الوقت، وخلال هذه الفترة لا تتمتع إثيوبيا بإمكانية الوصول إلى التمويل الخارجي الرسمي والقائم على السوق".