المصالحة الليبية.. هل ينجح الاتحاد الإفريقي في تحقيقها قبل الانتخابات؟
دخل الاتحاد الإفريقي على خط المصالحة الليبية المرجوة قبل إجراء الانتخابات المرتقبة نهاية العام لاختيار رئيس جديد ينهي 10 سنوات من الفوضى والنزاعات المسلحة التي تعيشها البلاد بعد سقوط نظام الزعيم الراحل معمر القذافي ومقتله في 2011 عقب احتجاجات شعبية ساندها حلف شمال الأطلسي.
وأوفد الرئيس الكونغولي دينيس ساسو نغيسو، المكلف من قبل الاتحاد الإفريقي الملف الليبي، بعثة «للمصالحة» في ليبيا، وقال وزير الخارجية الكونغولي جان-كلود غاكوسو في تصريح لوكالة فرانس برس إنّ مهام بعثة الاتحاد الأفريقي تشمل «جمع المعلومات وإجراء تقييم والمصالحة على خط العملية التي يفترض أن تؤدي إلى الانتخابات الرئاسية المقرّرة في نهاية العام».
نموذج رواندا وجنوب إفريقيا
ويرى الكاتب الصحفي والمحلل السياسي الليبي عبدالحكيم معتوق، أن الزمن السياسي قد تجاوز الاتحاد الإفريقي فيما يتعلق بالملف الليبي، فالاتحاد اتخذ موقفا خجولا من الأحداث التي شهدتها البلاد منذ عام 2011.
وقال «معتوق» لـ«الدستور»، إن مخطط الشرق الأوسط الجديد نجح في كسر شوكة التمدد الليبي في إفريقيا وإسقاط النظام والدولة، وتشريد الشعب بشكل مؤلم لكل عربي، وحينها كان موقف الاتحاد الإفريقي باهتا جدا، ما أحدث فراغا كبيرا ملأه الأوروبيون.
وتساءل «معتوق»: أين هو دور الاتحاد الإفريقي خلال السنوات العشر الماضية؟ لافتا إلى أن القارة الإفريقية مرت بقضايا مثل الأزمة الليبية في جنوب إفريقيا ورواندا، وانتهت بوساطة أدت لمصالحة وجبر ضرر وتجاوز الاقتتال.
وأضاف قائلا: «كان يمكن تطبيق النموذج الرواندي أو الجنوب إفريقي في ليبيا لكن الاتحاد الإفريقي ترك بلدنا لقمة سائغة، وفريسة لكل الطامعين، لولا الموقف المصري الذي دعم أمن ليبيا وحماها من الضياع التام».
واستبعد إمكانية نجاح الاتحاد الإفريقي الذي جاء متأخرا جدا، في خلق مقاربة ومشروع سياسي أو أمني واجتماعي للحالة الليبية، حتى أن مؤتمر دعم الاستقرار الذي تنظمه حكومة الوحدة الوطنية ليس ثمة رأي إفريقي فيه.
وأكد أن الشعب الليبي يعيش حالة تردي على كل المستويات، ولا يعول على المنظمات الدولية والإقليمية، فالأمم المتحدة قضت 10 سنوات تدير الأزمة وكأنها لا تريد لها حلا، مشددا على أن الأمل الآن معلق على الشعب الليبي، وأن يتمسك بالاستحقاق الانتخابي المقرر في 24 ديسمبر المقبل لاختيار من يرونه مناسا لإدارة البلد في هذه المرحلة المفصلية، وطي صفحة المراحل الانتقالية بما حملته من مساوئ وتمزق للنسيج الاجتماعي.
خطوة جيدة
واعتبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة أسيوط الدكتور علاء عبدالحفيظ، أن تحركات الاتحاد الإفريقي لإيجاد مساحة تعاون بين مختلف الأطراف الليبية خطوة جيدة، خصوصا أن الاتحاد يحاول في الفترة الحالية أن يكون له دور مؤثر في الأزمة الليبية سعيا لتقليل التدخلات الخارجية في شؤون القارة.
وثمن «عبدالحفيظ» تحركات الاتحاد الرامية إلى تحقيق المصالحة الوطنية الشاملة في ليبيا بما يحقق المصلحة الوطنية لليبيين ومتطلبات الأمن القومي الليبي والعربي والإفريقي.
وقال أستاذ العلوم السياسية لـ«الدستور»، إن المهمة لن تكون سهلة بالنسبة للاتحاد؛ لأن هناك تدخلات إقليمية ودولية، والمرتزقة والمقاتلين الأجانب لم يخرجوا من الأراضي الليبية بعد، لكن في كل الحالات لا بد من المحاولة.
وأشار إلى أن الاتحاد الإفريقي يتمتع برصيد جيد وعلاقات طيبة مع ليبيا منذ عهد الزعيم الراحل معمر القذافي، يمكن أن يبني عليه هذه التحركات، لافتا إلى أنه لا يوجد طرف في ليبيا سيرفض هذا الدور الذي يلعبه الاتحاد.