رضا
فرج أحمد سعد عيسى، سواق، بـ يشتغل على لوري تابع لـ شركة النصر لـ الدخان، ماشي على الطريق، بعد 6 كيلو من مزلقان إيتاي البارود، الساعة عشرة إلا ربع، يوم التلات 28 سبتمبر 1965.
فرج لقى عربية ملاكي جديدة، جاية وراه، وبـ تدي له كلاكس عشان تعدي، قال لك:أكيد صاحبها عيل فرحان بـ شبابه، فـ قرر يقرص ودنه، اداله سكة يعدي، وأول ما بقى جنبه، راح رامي عليه.
فرج ما يعرفش مين اللي راكب العربية؟ ما يعرفش إنه فيها اتنين شباب صغيرين، مالك السيارة منهم مش هو اللي سايقها.
ما يعرفش إنه الشابين دول كانوا أصدقاء، لما كانوا لسه في مرحلة الثانوي، وكانوا عايشين في إسماعيلية، لـ حد ما واحد منهم اسمه إيهاب، أسرته نقلت لـ القاهرة، وما عادوش يتقابلوا خالص.
إيهاب كبر ودخل كلية الشرطة، واتخرج وبقى ملازم أول، صديقه التاني بقى لاعب في النادي الإسماعيلي، ثم بقى نجم الفريق، اللي اتسمى على اسمه: فرقة "رضا" لـ الفنون الكروية.
رضا وقتها كان بـ يعيش أيامه الأزهى والأبهى، مكسر الدنيا في الملاعب، وله مكان في منتخب مصر، وتكريمات من كل حتة، ومرتبط بـ بنت بـ تدرس في كلية الهندسة، ومكلم أهلها، وبـ يستعد لـ الخطوبة.
يوم الجمعة 24 سبتمبر، رضا كان مدعو لـ ماتش استعراضي، هو الأول من نوعه في مصر، تكريم لـ لاعب معتزل، هو نجم الزمالك والاتحاد رأفت عطية، صاحب أول أهداف منتخب مصر في بطولات الأمم الإفريقية.
اعتزال رأفت كان حاضر فيه السير ستانلي ماتيوس، ومنقول بـ التليفزيون، ورضا أبدع في الماتش، وسجل هدف.
راح دار التحرير، استلم جوايز وتكريمات وساعة هدية. رضا افتكر صديقه القديم إيهاب، وعرف عنوانه وراح له، وقعدوا يفتكروا أيام الشقاوة، وهنوا بعض على إنه كل واحد نجح في مجاله.
طيب إيه!
والله الدوري هـ يبدأ يوم الجمعة الجي، أول ماتش لينا (الإسماعيلي) مع الاتحاد السكندري. طيب، وأنا عندي أجازة، وشاري عربية جديدة، يعني قدامنا يومين تلاتة ننبسط فيهم.
نروح فين؟
إسكندرية، منها فسحة، ومنها رضا يشوف خطيبة المستقبل، ويزور نسايبه هناك، وقد كان.
قضوا اليومين في أليكس، ويوم التلات الصبح راجعين، إيهاب علوي طبعًا هو اللي كان سايق، لما وصلوا مزلقان إيتاي البارود كان مقفول، وقفوا، فـ رضا قال لـ صاحبه: ما تسيبني أسوق شوية!
يا ابني بلاش!
ما تخافش! أنا بـ أسوق كويس.
بدلوا الأماكن، ورضا قعد قصاد الدريكسيون، يدوب مشي 6 كيلو، ولقى اللوري اللي سايقه فرج اداله كلاكسات، وحصل اللي قلت لك عليه، لما رضا لقى اللوري بـ يرمي عليه، ما عرفش يتصرف، فقد السيطرة على العربية، وخد القرار:
إنه يفتح الباب وينط من العربية، ظنا منه إنها هـ تنفجر أو هـ تتقلب، أو ما إلى ذلك، فـ لـ الأسف، اتنطر على الأسفلت، والوقعة كانت أفدح من أي محاولات إنقاذ.
إيهاب فضل مكانه، والعربية ما حصلهاش حاجة، وهو كمان ما حصلوش حاجة.
فرج، سواق اللوري، نزل يشوف. لقى الوضع مش تمام، فـ خد عربيته وهرب.
البوليس والإسعاف احتاجوا نص ساعة عشان ييجوا، ولما لقوا إن رضا هو الضحية، كلموا وجيه أباظة، اللي كان المحافظ وقتها، وهو تولى بـ نفسه، حملة البحث عن فرج، اللي اضطر يسلم نفسه.
ماتش الإسماعيلي والاتحاد اتأجل، لكن الحياة كان لازم تستمر، وأول ماتش لـ الإسماعيلي في إسماعيلية بعدها، كان الصمت هو السيد، لـ حد ما سجل الإسماعيلي هدف، فـ وقف واحد من زعماء المشجعين، وهتف:
جبنا جون يا رضا
جبنا جون يا رضا
والدموع غرقت المدرجات.