طرح النسخة العربية لرواية «في انتظار الطوفان» لرومان سينتشين
صدرت حديثا عن دار العربي للنشر والتوزيع، النسخة العربية لروايتها الثانية عن الروسية، تحت عنوان "في انتظار الطوفان"، للكاتب رومان سينتشين، ترجمة رنا سيد.
أصدرت الدار روايتها الأولى تحت عنوان "المنتحر" لأولجا سلافينكوفا، ترجمة سيد عمر.
نشرت "في انتظار الطوفان" لأول مرة بالروسية عام 2015 تحت عنوان "منطقة الفيضان"، وتم ترشيحها لجائزة البوكر الروسية في العام نفسه.
تتناول الرواية، فكرة الهجرة التعسفية في مقابل ارتباط الإنسان المعنوي بأرضه وذلك داخل قرية يحاول أهلها التمسك بها.
تدور أحداثها حول أهل قرية في روسيا، ترغب الحكومة في تهجيرهم بالقوة وتعويضهم بشقق سكنية بعيدة في المدينة حتى تقوم ببناء سد ومحطة مياه في القرية، مما يعرض القرية لخطر الفيضان الذي يحدث ويغرق القرية بأكملها، ويحاول الأهالي الدفاع عن حقهم في البقاء بقريتهم، وعدم هدم منازلهم، ويرفضوا بناء تلك المحطة التي ستقلب حياتهم رأسًا على عقب، خاصة وأنهم أدركوا أن الحياة في المدينة مختلفة تماما عن حياة القرية، وخالية من كل روح ومعنى ارتبطوا به في قريتهم، وبعيدة عن قيمهم وعاداتهم وتقاليدهم في الريف. ويستمر الصراع ما بين الحكومة الروسية وأهل القرية الذين يحاولون بشتى الوسائل الحفاظ على قريتهم. فكيف سينتهي ذلك الصراع غير متكافئ القوة؟
و"رومان سينتشين" هو كاتب روسي ولد عام 1971 في "كيزيل" بجمهورية توفا التابعة لروسيا، وأدى خدمته العسكرية في منطقة كاريليا، ويعيش الآن في موسكو.
اشتهر بروايته ""The Yeltysheves التي نشرها عام 2009، وتتحدث عن فترة ما بعد الاتحاد السوفيتي، ورشحت الرواية لسلسلة من الجوائز الأدبية. ونشر له أعمالا أخرى مثل "ليالي أثينا"، و"المعلومات"، و"نوبوك".
ومما جاء في رواية "في انتظار الطوفان": تُوفيت "ناتاليا سيرجيفنا بريفاليخينا" في الأيام الأولى من شهر سبتمبر.
قضت الصيف تحفُر في الحديقة، وتحصد المحاصيل جميعها قبل حلول الصقيع، عدا الكرنب، فقد أخذته، وجففته، ثم أضافت إليه بعض السُّكر، والملح. ونزلت إلى القبو، ثم سقطت فجأة على الدرج. وظلت لفترة طويلة على الأرض، ثم استجمعت قواها، وتساءلت إن كان عليها أن تذهب إلى الكوخ أو المكان القابع وراء السور. بالطبع من الأفضل أن تذهب إلى الكوخ حتى تستلقي على فراشها، لكن ماذا سيحدث إذا لم تتمكن من النهوض الآن؟ سترقد هنا بلا ماء، ويغطي جسدها الطين، فتذهب روحها إلى بارئها، ورائحة الموت ستفوح في هذا القبو المليء بالأموات. الناس لا يعرفون متى يفاجئهم الموت.. على أي حال، سيلاحظ الناس فيما بعد أن السيدة "ناتاليا" قد اختفت منذ فترة طويلة، وسيأتون بحثًا عنها، وسيكتشفون رائحتها.
تنهدت "ناتاليا"، وانحنت متكأة على أيديها، زاحفة نحو الفناء، ثم إلى البوابة. كان الدجاج يراقبها، صاح الديك مُمتعضًا، وهز عنقه.. بعدما وصلت السيدة "ناتاليا" إلى وجهتها، فتحت البوابة، وخرجت إلى الشارع.
لقد كان هذا الجزء من العالم مألوفًا تمامًا بالنسبة لها. كل يوم لأكثر من خمسين عامًا، كانت تخرج من هذا الفناء ذي البوابة الصغيرة، فتارة تذهب لجلب الماء من البئر، وتارة إلى المتجر، وتارة ترعى البقر، وتارة تستدعي أولادها، وأحفادها. وربما لم تكن ترى الأكواخ القابعة على طول الشارع، أو الأسوار، أو البوابات، وكذلك الحشائش، ولكن إذا تغيرت بعض الأشياء الصغيرة، على سبيل المثال، إذا سقط السور الصغير لحديقة منزل "ميرزيلياكوفيخ"، أو تم طلاء واجهة منزل "جوسينج" بلون زاهي، أو أصبحت النباتات قصيرة بطول أحد الأسوار، حينها لكانت الأكواخ واضحة أمام الأعين. انشغل تفكيرها بهذه الأشياء الصغيرة؛ "يجب عليها أن تخبر زوجها أن يهدم هذا السور، ويزيل النباتات.، ولكن لا يجب فعل هذا الآن، لأنهم سيقولون حينها لقد استفاقت ناتاشا، بعدما قام الآخرون بالأمر".
تقف الآن وتتمايل عند البوابة الصغيرة، تمسك في إحدى يديها حافظة أوراق وفي الأخرى صندوق البريد الخشبي (كانت تخشى الاتكاء عليه بثقل جسدها، لأنه سينهار على الفور)، تنظر بشغفٍ إلى الكوخين الموجودين أمامها على الناحية اليُمنى، والأسوار الرمادية، وأوراق الكرز الحمراء في الفناء الأمامي، وكذلك إلى الأوراق الخضراء الداكنة، وتقريبًا الزرقاء لأشجار الصنوبر على الأراضي المنخفضة، حيث تقع المقبرة.