بسبب حرب تيجراى.. صندوق النقد يحجب توقعات النمو لإثيوبيا
قرر صندوق النقد الدولي حجب توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي لإثيوبيا في تقريره الأخير عن آفاق الاقتصاد العالمي للسنوات الأربع المقبلة، في خطوة نادرة مخصصة للبلدان التي مزقتها الحروب والدول الفاشلة، وذلك حسبما أفادت مجلة "أفريكان بيزنس"، أكبر المجلات الاقتصادية فى قارة إفريقيا وأوسعها انتشارًا.
ووفقًا للمجلة، فقد فشل صندوق النقد الدولي في تحديث البيانات الخاصة بالتعافي الاقتصادي لإثيوبيا لعام 2022 ، مما أدى إلى خفض توقعات المستثمرين في البلاد، وذلك بالتزامن مع شن الحكومة المركزية في أديس أبابا هجومًا بريًا جديدًا على منطقة تيجراي الأسبوع الماضي، في تحدٍ واضح لدعوات السلام من المجتمع الدولي والتهديدات بفرض عقوبات جديدة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
ولفتت المجلة إلى أنه في حين أن صندوق النقد الدولي لم يشير بشكل صريح إلى حرب تيجراي كسبب رئيسي لهذه الخطوة، يقول المحللون إن استمرار الصراع هو السبب الأكثر ترجيحًا وراء حجب توقعاته بشأن الانتعاش الاقتصادي لإثيوبيا في عام 2022.
ونقلت المجلة عن باتريك هاينش، الباحث الاقتصادي في بنك هيلابا التجاري ومقره ألمانيا، قوله "إن حجب توقعات النمو لإثيوبيا هي علامة سيئة يمكن أن تفسد مستقبل البلاد الاقتصادي وتضعف ثقة المستثمرين في سوق أديس أبابا، وبالتالي إلى النقد الأجنبي الذي تمس الحاجة إليه."
وأضاف "إن عدم تحديث بيانات النمو سيكون له تأثير على بيئة الأعمال، حيث يقوم كل مستثمر بإجراء تحليل متعمق للبلد المستهدف قبل القيام بضخ أمواله فيها، وإذا كانت البيانات الخاصة بإثيوبيا غير متوفرة سوف تسأل الشركات نفسها لماذا هذا؟"، مشيرًا إلى أنه حتى بالنسبة للبلدان التي تمزقها الصراعات، فإن توقعات النمو الخاصة بها لا تزال متوفرة لدى تقارير صندوق النقد الدولي، ولكن هذا لم يحدث فيما يخص دولة إثيوبيا وهو ما يشير إلى خطورة تفاقم الصراع بها.
- ارتفاع التكلفة الاقتصادية لحرب تيجراي
وذكرت "أفريكان بيزنس" إن حجب بيانات الاقتصاد الكلي لإثيوبيا ما هو إلا مجرد بداية لقائمة متزايدة من المشاكل الاقتصادية في البلاد، مؤكدة إن الحرب في تيجراي كلفت البلاد الكثير وفرضت عبئًا ثقيلًا على الاقتصاد، وأنه مع بعد مرور عام على الصراع الذي بدأ في نوفمبر من العام الماضي، أصبحت هذه التكلفة الاقتصادية تتراكم بشكل خطير وسط فرار المستثمرون الدوليون.
وأشارت المجلة إلى أن حماسة المستثمرين في إثيوبيا تراجعت مع مناشدات الحكومة لإعادة هيكلة الديون، وتقدمت أديس أبابا بطلب إلى صندوق النقد الدولي للحصول على صفقة جديدة في سبتمبر الماضي لإعادة هيكلة ما يقرب من 30 مليار دولار من الديون الخارجية، وتنتظر موافقة المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي على المدفوعات من التسهيل الائتماني الممدد وتسهيل الصندوق الممدد.
وأوضحت أنه مع استمرار الحرب مع تيجراي مع عدم وجود نهاية له تلوح في الأفق، يهدد الاقتصاد بسبب ارتفاع تكلفة الحرب والاحتياج إلى إصلاح البنية التحتية والذي قد يكلف الحكومة ما يصل إلى ملياري دولار، مشيرة إلى أن هذه الأضرار من المتوقع أن تتضاعف في الفترة المقبلة مع تكثيف الحكومة من هجماتها التي تشنها ضد الإقليم المحاصر وفشل كل المحاولات الدولية لوقف إطلاق النار.
ولفتت إلى أن الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي الحاكمة في المنطقة أعلنت عن أن الجيش الإثيوبي شن هجومًا بريًا بالاشتراك مع ميليشيات أمهرة المتحالفة معها لطرد قوات تيجراي من منطقة أمهرة الشمالية الاثنين الماضي، وسط تحذيرات من تفاقم الأزمة الإنسانية والمجاعة التي تهدد حياة الملايين من السكان.
- إثيوبيا في طريقها لأن تصبح دولة منبوذة في المنطقة
وتابعت المجلة "يخشى الكثير من السيناريو الأسوأ، حيث ستؤدي الطبيعة الحالية غير المستجيبة للحكومة في نهاية المطاف إلى تحويل إثيوبيا إلى دولة منبوذة في المنطقة".
ونوهت إلى أن التهديدات الاخيرة بفرض عقوبات ضد إثيوبيا من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي سيكون لها تأثير سلبي على الاقتصاد، لا سيما بعد أن أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية إن واشنطن تدرس أيضًا مجموعة كاملة من الخيارات، بما في ذلك العقوبات على قادة الجيش الإثيوبي والكيانات التجارية، ردًا على الأزمة المتفاقمة.
وأوضحت المجلة أن هذه العقوبات تشمل طرد إثيوبيا من قانون النمو والفرص في إفريقيا (أجوا)، الذي يوفر لها وصولًا معفيًا من الرسوم الجمركية إلى الولايات المتحدة، مشيرة إلى أن صادرات إثيوبيا بموجب هذا القانون تمثل ما يقرب من نصف صادراتها إلى الولايات المتحدة، مما يحرم أديس أبابا من الحصول على المزايا التجارية ويضر بأهلية البلاد لتصدير البضائع إلى واشنطن.