وثائق جديدة تكشف كيف فقدت إسرائيل الردع فى سيناء خلال حرب أكتوبر
كشفت إسرائيل عن أوراق جديدة من أرشيف الاجتماعات الخاصة بحرب 6 أكتوبر عام 1973.
وشمل الأرشيف الإسرائيلي نحو 14 نسخة لاجتماعات الحكومة، و21 نسخة من المشاورات السياسية والأمنية، و26 نسخة من مكتب رئيس الوزراء.
احتمال ضعيف لشن الحرب
وفق الوثائق الإسرائيلية، عقدت جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل حينها، في الأول من ديسمبر عام 1972، اجتماعًا مع موشيه دايان وزير الجيش، والوزير يسرائيل جاليلي، وديفيد إلعازر رئيس الأركان، وإليعازر زيرا رئيس جهاز الأمن، وزفي زامير رئيس جهاز الاستخبارات العامة "الموساد".
وكان هدف الاجتماع هو تقديم تقييم للحكومة الإسرائيلية للعمليات في دول المنطقة العربية، المتوقعة لعام 1973.
في ذلك الاجتماع، قدر قادة الجيش الإسرائيلي أن احتمال اندلاع حرب شاملة مع مصر وسوريا منخفض.
وكان تركيز القادة الإسرائيليين على سوريا، والتي كان يشتبه في أنها من تنفذ عمليات قتالية ضد إسرائيل، ومن ثم يجب التحرك ضدها، وبعدها يمكن التحرك بشكل منظم ضد مصر.
شكوك حول عبور قناة السويس
ورأت إسرائيل حينها أن الجيش المصري لن تستطيع عبور قناة السويس، وأن بإمكانه تنفيذ عمليات صغيرة فقط.
من ناحية أخرى، كانت هناك ملاحظات بأن الجيش المصري تدرب بشكل مكثف، وجلب قوات كبيرة إلى القناة في نفس الوقت، بالإضافة إلى أن الجيش السوري حشد قوات ضخمة أمام هضبة الجولان ويمكن أن تخوض حربًا عنيفة بشكل مباشر، ولكن كل ذلك لم يتم وضعه في الاعتبار في ظل التقدير العام بأن الجيشين لن يخوضا الحرب، ولكن ربما فقط أعمال استنزاف أو تحرك محدود.
إسرائيل: الحرب ليست واقعية
وفي منتصف ديسمبر من العام ذاته، قدر قادة جيش الاحتلال الإسرائيلي، في اجتماع مجلس الوزراء، أن الرتب العليا والمتوسطة في الجيش المصري لا تريد الحرب مع إسرائيل، لأنهم كانوا يعلمون أنهم سيخسرون.
وقدر رئيس جهاز الأمن الإسرائيلي حينها أن احتمالية عبور القناة وبدء الحرب تعد معدومة، كما أن احتمال نشوب حرب استنزاف كان ضعيفًا أيضًا.
وفي ختام الاجتماع، قدر رئيس الأركان أن الحرب لم تكن واقعية للغاية، وأن القوات الجوية لديها القدرة على التعامل مع الصواريخ المضادة للطائرات التي كانت تنشرها مصر بالقرب من القناة.
ليلة اندلاع حرب أكتوبر
وكشف الأرشيف الإسرائيلي، عن أنه في الساعة 09:20 صباحًا، يوم 6 أكتوبر عام 1973، اتفق ديان مع رئيس الأركان على تعبئة الاحتياط.
وفي الساعة 10:50 صباحًا، أبلغت رئيسة الوزراء الإسرائيلية، السفير الأمريكي حينها، أنه وفقًا للمعلومات المتوفرة في إسرائيل، فإن سوريا ومصر كانتا في طريقهما للحرب، وأبلغ السفير الأمريكي بذلك.
ومنعت الولايات المتحدة، من توجيه ضربة استباقية إلى مصر وسوريا، بل إن تل أبيب تعهدت بعدم الهجوم أولًا، وبعد اندلاع حرب أكتوبر بـ 3 أيام، عينت إسرائيل حاييم بارليف في القيادة الجنوبية.
إسرائيل تقرر عدم استخدام الصواريخ في سوريا
وفي يوم 11 أكتوبر، اجتماع كبار المسئولين في الحكومة والجيش بإسرائيل، وقال رئيس الأركان حينها إن إسرائيل دخلت سوريا، وأن هناك تقدمًا لمسافة 10 كيلومترات أو أكثر.
وبحث رئيس الأركان حينها مع قيادات تل أبيب المساحة التي يجب التوقف عندها، وتقرر الوصول إلى مسافة 30-40 كيلومترًا من دمشق، لممارسة ضغط شديد على السوريين.
وكذلك، قررت إسرائيل عدم استخدام الصواريخ لأن سوريا لم تطلق النار على مستوطنة مدنية في إسرائيل، ولا ينبغي أن يُنظر إلى إسرائيل على أنها تضر بالمدنيين.
إسرائيل تفكر في ضرورة وقف إطلاق النار
وقدر رئيس الأركان الإسرائيلي أنه يجب التوصل إلى وقف مؤقت لإطلاق النار خلال 48 ساعة على الأقل، لأن القوات الجوية فقدت قوتها، كما ناقشوا ضرورة الاطلاع على ما سيقرره مجلس الأمن الدولي فيما يتعلق بالحرب، وماذا يجب أن تفعل إسرائيل على هذا النحو.
وجاء في الأرشيف الإسرائيلي، أنه من الناحية العملية، أصبح من الواضح في اليوم التالي أن القوات المصرية في الجنوب تستعد لمزيد من التقدم، ونقلت بطاريات الصواريخ عبر القناة.
إسرائيل تفقد الردع في سيناء
وتابعت: "استقر المصريون على جانب سيناء من جهة القناة، وقدر موشيه ديان أن إسرائيل فقدت الردع في سيناء".
وفي يوم 12 أكتوبر، أبلغت مائير، جنود الجيش الإسرائيلي بسماحها لهم بالاستسلام، قائلة إن الخطر في الحرب حينها أكبر من الخطر الذي هددهم في عام 1948.
صدمة إسرائيل من شن الجيش المصري لحرب أكتوبر
ووصف حاييم بارليف، وفق الأرشيف الإسرائيلي، ما كان يحدث في الجنوب بأن المصريين هاجموا بطريقة لم يشهدوها من قبل.
وقال: "تمكنوا من التغلب على القوات في القناة، كما أخشى حدوث مرحلة ثانية من هجوم استراتيجي مصري في عمق سيناء (...) القوات الجوية لن تكون قادرة على المساعدة بسبب الصواريخ".