مسجد أثري بكفر الشيخ على حافة الانهيار.. والأهالي: «حيرانين من 20 سنة» (صور)
يواجه مسجد العارف بالله سيدى سالم البيلي أبو غنام والشهير بمسجد "أبو غنام" الأثري بمدينة بيلا بكفر الشيخ أحد أقدم وأهم المساجد الأثرية والتاريخية في الوجه البحري، خطر الانهيار في أي لحظة بعد ظهور تصدعات وشروخ في أغلب جدرانه مُنذ عدة سنوات، وما زال ينتظر المُوافقة على إقامة مشروع ترميم مُتكامل، وتوفير الاعتمادات المالية اللازمة من قبل وزارتي السياحة والآثار، حتى يتم البدء في أعمال الترميم، لإنقاذ هذا الصرح الكبير من الانهيار فوق رؤوس المُصلين، والحفاظ على قيمته الأثرية.
20 عامًا من الوقف
قال محمد بغدودة، أحد رواد المسجد، إن مسجد "أبو غنام" ظهر به تصدعات وشروخ طولية وعرضية في بعض الجدران ما يُهدد بسقوطه في أي لحظة على رؤوس المُصلين، ويحدث ما لم يُحمد عقباه.
أكد محمد القريدى، أحد رواد مسجد أبو غنام، إن المسجد أصبح في حالة بائسة للغاية، حيث إن الجدران بها شروخ، ودورات المياه حالتها سيئة، مُتابعًا "يجب على وزارتي السياحة والآثار والأوقاف التي يُعد المسجد تحت مسؤوليتها في الأساس بالاهتمام وإعادة ترميم المسجد من جديد في أقرب وقت ممكن".
ولفت أحمد الطنطاوي، أحد الرواد إلى خسارة مسجد "أبو غنام" لأثريته، والذى كان يأتي إليه أفواج من كل مكان لزيارة صاحبه العارف بالله سيدى سالم البيلي أبو غنام، مُضيفًا: "من 20 سنة واحنا حيرانين بين الآثار والأوقاف، وكل ما نكلمهم يقولوا لنا حاضر وخلاص مبيعملوش حاجة".
أوضح السيد عبد الواحد، أحد سُكان حي "أبو غنام" الذى يقع فيه المسجد أن مئذنة مسجد "أبو غنام" الأثري مائلة، وبها شروخ شديدة تجعلها قابلة للسقوط، وإذا حدث ذلك فقد يُؤدى إلى كارثة تودى بحياة المُصلين، كما يُوجد أيضًا في جدران المسجد العديد من التشققات، مما أدى إلى سقوط أجزاء من الطبقات الخارجية للحوائط.
فى سياق متصل، ناشد العديد من أهالي مركز ومدينة بيلا، الدكتور خالد العنانى، وزير السياحة والآثار، والدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، واللواء جمال نور الدين، محافظ كفر الشيخ، بسُرعة إدراج مسجد أبو غنام بميزانية الدولة، وترميمه، حفاظًا على التراث الأثري والمعماري، وحفاظًا على حياة المُصلين والزائرين.
كما طالب الأهالي أيضًا بوضع المسجد على خريطة السياحة الداخلية لمحافظة كفر الشيخ، وإبراز مكانته التاريخية والأثرية، ولاسيما أنه يُعد أحد أقدم مساجد المحافظة.
السيرة الذاتية للمسجد
ويرجع تاريخ إنشاء مسجد العارف بالله سيدى سالم البيلي أبو غنام، أحد الأولياء الصالحين الذى عُرف عنه التقوى والصلاح وله كرامات عظيمة، إلى عام 700 هجرية، وبالتحديد في العصر المملوكي الشركسي، ليكون تُحفة معمارية، بعد أن تُوفى رضى الله عنه عام 632 هجرية عن عُمر يُناهز 67 عاماً، ودُفن بمقامه المشهور بمسجد "أبو غنام"، بمدينة بيلا، بمحافظة كفر الشيخ.
لم يكُن المسجد في البداية هكذا، بل كان على شكل خلوة كبيرة بجوار القبر، ثم تحولت إلى زاوية للمُريدين ومُحبي القطب الصوفي العارف بالله سيدى سالم البيلي أبو غنام، ثم بُنى المسجد والقُبة والمأذنة والمقصورة النحاسية حول الضريح وذلك في عهد الخديوي إسماعيل، وذلك بعدما أمرت "خوشيار هانم"، والدة "إسماعيل"، بتجديد المسجد، ضمن عدد من مساجد الأولياء على مُستوي الجمهورية، حتى أصبح أكبر مساجد مدينة بيلا، وأشهرها، نظراً لجماله المعماري، واتساع مساحة المسجد والمنطقة المُحيطة به.
خلوة العارف
المسجد الذى تم تسجيله كأحد الآثار الإسلامية 2001 تبلغ مساحته الكُلية ما يُقارب الـ2000م2، وهو عبارة عن ثلاثة أروقة، أما أعمدته فهي مصنوعة من الرخام المُندمج مع البازلت، والجدران مبنية بطوب الآجر والقصرملى، والسقف عبارة عن ألواح خشبية مُغطاة بالبلاط، وله قبة مُزخرفة من الداخل بزخارف زيتية.
أما خلوة العارف بالله سيدى سالم البيلي أبو غنام والموجودة داخل المسجد فهي مُستطيلة الشكل، يتوسطها عمود مُثبت بطريقة الدفن في أرضية المسجد، وداخل المسجد نجد أيضاً ضريح "أبو غنام"، والذى يُقام له مُولد سنوي في شهر أغسطس من كل عام، يشهده الآلاف من شتى أنحاء الجمهورية وبعض الدول العربية والإسلامية، ويقع في مساحة مُربعة تحوطه مقصورة وله قُبة نحاسية مُدون عليها أبيات من الشعر.
كما يضم المسجد عدد من التحف النادرة، ومنها "المنبر الكبير" الذى صُنع عام 1321 هجرية، ومرّ على تاريخ صُنعه أكثر من 122 عاماً، بالإضافة إلى "دكة المُبلغ" التي صُنعت أيضاً مُنذ ما يقرب من 110 عاماً، فضلاً عن "دكة المُقري" التي تخطت الـ100 عام، بجانب لوحتين رُخاميتين تخطتا الـ100 عام.
ومرّ على تاريخ إنشاء مسجد أبو غنام، أكثر من 743 عاماً، وكان يُعتبر تُحفة معمارية وفنية رائعة في تاريخ البناء والعمارة، إلى أن طالته يد الإهمال مُنذ سنوات عديدة، وأصبح في طي النسيان، وبات مُهدداً بالانهيار في أي وقت.