العنتيل وبنت النيل
اجتماع زعماء المعارضة وغالبيتهم من الناصريين والناصريات وبعض من أتباع الحركات المشبوهة وبعض المستقلين في بيت العنتيل الذين استخدمهم ليشتري بهم صكوك البراءة والقبول الاجتماعي - وكانوا هم عرضة للاستخدام والانبطاح بمنتهى الأريحية ورحابة الصدر - فعلوا ذلك باسم العشرة أو الصداقة أو التوجه الناصري وربما المصير المشترك (سلة مهملات التاريخ). فالاختيارات دومًا كلفتها ودومًا يدفعون هم كلفة اختياراتهم ثم يتباكون ويتحسرون ويلقون باللوم على من يتفوق عليهم دومًا بمنجزاته الحقيقية في الواقع ويزايدون بتبجح - نادر الوجود- على غيرهم في الواقع وفي الافتراض.
ذلك الاجتماع الذي استقبله العامة بالكثير من السخرية والاستهجان - وهو أمر ليس بالغريب ولا بالجديد على شعب مصر الفطن - وكان الاجتماع بمثابة محاولة فجة ووقحة وماكرة لا تخلو من إلحاح وترصد من العنتيل - الذي يفوق ذكاؤه موهبته - بغية التطهر.. فباءت تلك المحاولة البائسة والمثيرة للغثيان لتبرئة ساحته وتذكية إحساسه البائس بالبطولة والزعامة - على الطريقة القذافية - بالفشل الذريع، لقد جمعهم العنتيل وكأنهم فئران - لم تستطع مقاومة الجبن والمصيدة - ليحصل منهم على صك الطهارة والبراءة بل والبطولة والزعامة!
فقام بعضهم بتبرير ما لا يبرر باسم الصداقة والشللية (التي طالما عارضوها)! وباسم التوجه الأيديولوجي الناصري وانتمائهم للمعارضة البلهاء التي تجتمع في بيت رجل مشهور وثري متزوج من مليارديرة ابنة ملياردير.. ثم تصور تلك الشلة المعارضة للشعب الطيب انحيازها للفقراء!! رغم أن الفقراء يرون ويعيشون الآن ما لم يروه أو يعيشوه طيلة حياتهم في كل الحقب السابقة التي لم توفر لهم (حياة كريمة) ولم تضمن لهم (التكافل والكرامة) ولم تنشئ لهم مشاريع كمشروع المئة مليون صحة.. ولم يكن ليرى الفقراء كل ذلك إن حكم مصر زعيمهم المفدى الذي ربطته علاقات حميمة مشهودة ومصالح وتربح مع جميع الديكتاتوريات والفاشيات العربية العتيدة.. تلك الفاشيات التي ربت له لحم كتفيه ولليوم ما زال يعيش ويقتات ذلك الزعيم الصوري على ما تبقى له من خيرات تلك الديكتاتوريات العتيدة.
عن أي فقراء تتحدثون اليوم أيها المجتمعون في بيت الفاجر؟ وعن أي فقراء يتحدث الفاجر؟ وعن أي ديكتاتورية تتحدثون وأنتم مناصرون للديكتاتوريات العتيدة؟! كيف تبررون اليوم غسلكم لقذارات الفاجر واستغلاله للفقيرات باسم الصداقة؟! وإنه مبدع ومخرج كبير وإن الشخصي لا علاقة له بالعام! رغم أن العنتيل شخصية عامة وسياسي سابق وفساده الفطري والنفسي واستغلاله بحكم منصبه كشخصية عامة شديدة الثراء وسينمائي يستطيع إيصال الفقيرات الصغيرات لسلم الشهرة والسينما والمجد والثراء.. إلخ.
وإن كان قد فعل فعلته وزيرًا أو محافظًا في دولة الرئيس السيسي هل كنتم ستغفرون له؟ أم كنتم ستصمون الدولة والحاكم بالتستر على مجرم وتطالبون بعزله والإطاحة به؟
أين المبادئ أيها المعارضون المجتمعون في بيت العنتيل؟ لماذا جزأتم المبادئ؟ هل المبادئ تتجزأ؟ هل المبدأ انتقائي؟ هل يجوز السير على سطر وغفلان سطر؟ هل تعمى البصائر عندما يتعلق الأمر بالأيديولوجية أو التوجه السياسي؟
كيف لا تستحون وأنتم تبررون للعنتيل ولأنفسكم ما لا يمكن أن تغفروه لغيركم إن مس الأمر شخصًا لا تحبونه أو تعارضونه؟
هل الناصرية تعني تبرير الفساد الأخلاقي واستغلال النساء؟ هل المعارضة المنحازة للفقراء تدوس بأقدامها على الفقيرات؟ هل المعارضة الحرة تحتقر وتهين المرأة وتسمح باستغلالها؟ هل المعارضة الحرة تصطف مع تدمير المرأة نفسيًا وعصبيًا واغتيالها اجتماعيا ومعنويًا؟ لقد أصبحتم شركاء للعنتيل في جرمه وتفرق دم الجريمة بينكم جميعًا بالتواطؤ والتبرير المقزز.
تعارضون من منح حقوقًا ومشاريع لصحة المرأة في عهده لم تحصل عليها من قبل في حقب سابقة ثم تتواطأون مع استغلال المرأة والتنكيل بها وتطنطنون بعكس ذلك بازدواجية وتبجح تحسدون عليه!
هذا عن العنتيل ومن جمعهم في مصيدته البائسة، أما (بنت النيل) وبالطبع جميع فتيات مصر هن بنات النيل وهبته ومن استغلهم ذلك العنتيل هن أيضًا بنات النيل، ولكن بنت النيل التي أتحدث عنها هنا هي امرأة مصرية تدعى السيدة (درية شفيق) والتي لقبت بـ(بنت النيل) وهو اسم أطلقته على جمعيتها النسوية ومجلتها الغراء التي حجبت وصودرت وكممت الأفواه في عهد الدكتاتور الذي يناصره معارضو النظام اليوم! ولم يكتف ديكتاتورهم المفضل المفدى بمصادرة مجلة (بنت النيل) وإلغاء ترخيصها وترخيص الجمعية التي أسستها بنت النيل، لأنها عارضت الديكتاتور وطالبت بالمساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق الاجتماعية والسياسية وطالبت بحق المرأة في الانتخاب! وبعد إضرابها عن الطعام والاعتصام في السفارة الهندية تدخل (نهرو) صديق الديكتاتور فلم تعتقل (درية شفيق) وفرضت عليها الإقامة الجبرية في بيتها حتى وفاة الديكتاتور المفدى الذي اعتقل زوجها عام ١٩٦٧ وساوموه على طلاقها ليطلقوا سراحه فطلقها لتعيش وحيدة منبوذة ومريضة عضويًا وجسديًا حتى انتحرت من شرفة منزلها عام ١٩٧٥.
أما ما طالبت به بنت النيل من حقوق اجتماعية وسياسية للمرأة المصرية، فقد تحقق وتحققه اليوم الجمهورية الجديدة التي يعتبرها الناصريون النشامى المعارضون جمهورية موز، لأن مبدأهم هو الخيار والفاقوس وبلع الزلط لأتباعهم وتمني الغلط لأعدائهم أو معارضيهم.
سلامي الحار لهم وللديمقراطية الانتقائية التي يتشدقون بها والمعارضة البلهاء التي يمارسونها وحقوق المرأة التي أهدروها وداسوا عليها بأقدامهم التي وطأت بيت العنتيل وحقوق الإنسان التي غضوا البصر عنها عندما تعلق الأمر بزعيمهم والشلة.