«الدستور» ترصد تطورات زراعة وصناعة أوراق البردي في الشرقية (فيديو)
“قرى موسى” أو ما تُعرف حديثا باسم “القراموص”، هى إحدى قرى مركز أبو كبير بمحافظة الشرقية، والتى حين تضع قدمك بها للمرة الأولى ستجد رائحة الأجداد الفراعنة، لما يكسوها من نبات البردى والذى تعيش القرية كاملة على زراعته وتصنيعه.
شرع قدماء المصريين فى استخدام نبات البردى فى تدوين رسائلهم وتاريخهم، و تعتبر القراموص، هى القرية الوحيدة فى العالم، التى تعمل كاملة على حفظ هذا التراث الفرعونى العمل على دوامه.
انتقلت عدسة “الدستور” لقرية القراموص، للتعرف على الجديد فى هذه الصناعة وهذا المجال، لا سيما أن أهالى هذه القرية يعملون بهذه الحرفة منذ مئات السنين، ويقومون باستحداثها والتجديد فيها.
منازل صغيرة لا تتعدى الطابق الواحد أو اثنين، لها باحات واسعة، مليئة بالسيدات الريفيات اللاتى يقمن بتقشير وتجهيز غصون البردى، ثم غرف واسعة بها ماكينات الكبس الحديدية القديمة، وأحواض المياه المنقوع بها الأوراق، وعدد لا بأس به من الرجال القائمين على تصنيع ورق البردى وتجهيزه إلى المرحلة الأخيرة وهى مرحلة الرسم والتلوين.
بوجه مبتسم استقبلنا "وجيه عمارة "، أحد سكان قرية القراموص، والذى هو على دراية كاملة بكافة تفاصيل زراعة وصناعة البردى حاله حال أغلب أهل قريته ممن تربوا على هذه الحرفة منذ الصغر.
على مشارف القرية تكسو زراعة البردى الأرض، شرع وجيه عمارة فى شرح أصول الحرفة من البداية قائلا إن البردى من النباتات التى من الممكن أن تعيش فى الأرض لمدة تزيد عن 6 سنوات، وعن الأعواد يتم قطعها بأطوال مختلفة، ما بين 18 فى 23 وحتى متر فى مترين، ويتم تقطيع العيدان وتقشيره أوراقه الخضراء، ويؤخذ اللب الأبيض ونقعها ثم وضعها فى مكابس لتصفية المياه، و يتم وضع أقمشة فاصلة بين الأوراق حتى لا تلتصق.
ويمكن صناعة أوراق البردى بألوان مختلفة منها ما هو الفاتح ومنها الداكن حسب المواد المستخدمة فى التصنيع لإنتاج اللون المطلوب، وتصبح الأوراق جاهزة للرسم والتلوين.
وعلى الرغم من أن الشراقوة احترفوا تلوين الورق البردى والرسم عليه، إلا أنه تم استحداث عدة أشكال لأوراق البردى، حيث تم استخدامه فى تصنيع الأثاث و المنضدة و لعبة الطاولة، وبعض المجسمات.
وأكد “وجدى عبد العال”، فنان رسم وتلوين أوراق البردى، أن الرسم الفرعونى هو الرسم المعتاد والمألوف لأوراق البردى، ويتم تلوينه بالألوان الواهية والذهبية والفضية واللامعة، إلا أنه تم استحداث طرق جديدة للرسم و التلوين، لاقت رواجا كبيرا لما لها من براعة وجمال فى التصميم.
حيث يتم استخدام بعض الألوان الفسفورية غير المرئية، فترى اللوحة فى النور، ثم فى الظلام تتحول للوحة أخرى، فتكون اللوحة فى النور فرعونية، وفى الظلام تجدها أيقونة قبطية أو رسمة أخرى.
وقد أثر فيروس كورونا على رواج البردى، لتعطل السياحة فى معظم أنحاء العالم، إلا أن الأهالى يحاولون الاجتهاد فى الحفاظ على تلك الحرفة من الإنقراض، بل ويحاولون تطويرها وإدخال الجديد عليها فى كل المجالات.