الكنيسة الكاثوليكية تحيي ذكرى القديس روبير بلرمينو
تحيي الكنيسة الكاثوليكية بمصر، اليوم ، بعيد القديس روبير بلرمينو الأسقف ومعلم الكنيسة، وروي الأب وليم عبد المسيح سعيد الفرنسيسكاني، سيرته و قال ولد روبير يوم 4 أكتوبر عام 1542م، بمدينة صغيرة وسط إيطاليا تدعى مونتولتشيانو من عائلة كبيرة وثرية، كان يتعلم في مدرسة اللغات المحلية، وحين فتح الرهبان اليسوعيين مدرسة لهم في بلدته انتقل إليها وتعلم فيها حب الله والقريب إلى جانب العلوم الأخرى.
وتابع الأب وليم عبد المسيح سعيد، وسمع الشاب روبير صوت الله يدعوه الى خدمته، وبعد جدال طويل أظهر فيه الشاب روبير إصراره على تنفيذ المخطط الذي رسمه الله لحياته، وافق أبوه وبعث برسالة الى الرئيس العام يرجوه فيها أن يسمح لابنه بأن يمضي فترة سنة في بيت والديه لكى يختبر صدق دعوته، فاستصوب الرئيس العام الرأي، وقبل اقتراح الوالد، وفى نهاية العام حزم روبير حقائبه وسافر الى روما.
وواصل، وبعد أن قدم نذوره الرهبانية والتحق بالمعهد الروماني ليدرس الفلسفة فيه، لمع نجم الراهب الشاب روبير منذ أن كان طالباً فصار يعتلي منبر الوعظ في كاتدرائية موندوفي ويشرح كلام الكتاب المقدس للناس بأسلوب سهل وجذاب، وفى بادوفا حيث كان يدرس اللاهوت، ذاع صيته أيضا من خلال عظاته يوم الأحد، وصار من الواعظين المفضلين في المدينة.
وتابع "الفرنسيسكاني"، وبعد ان أتم دراسته التخصصية في لوفان في بلجيكا، سيم كاهناً يوم 25 مارس 1570م، وعين مدرساً في المركز اللاهوتي في لوفان، و أطلع الأب بلرمينو على مؤلفات البروتستانت، خصوصاً كتب لوثر وكالڤان ، التي كانت تنتشر انتشاراً واسعاً في أوروبا الشمالية. واهتم بتكوين طلابه لكي يتمكنوا من الرد على اعتراضات المنشقين.
و أضاف وبعد سبع سنوات، عاد الى روما وراس فرع المجادلات اللاهوتية، وعينه البابا عضواً في اللجنة المكلفة بمراجعة الترجمة اللاتينية للكتاب المقدس، لإعداد طبعة جديدة تتوافق مع الترجمة اليونانية للعهد القديم.، واهتم بلرمينو بالتأليف فصدر له كتاب عن حياة القديس امبروسيوس سنة 1579م ثم كتاب “ المجادلات في الإيمان المسيحي”، و كان يرى في نصوص الكتاب المقدس رسائل قادمة من الفردوس، يعرف من يتأملها أموراً سامية كثيرة عن سر الله وقلوب البشر والأمور المستقبلية.
وتابع عين مديراً للمعهد اليسوعي ثم رئيساً للرهبنة اليسوعية في إقليم نابولي. ثم مستشاراً للبابا اقليمنضس، وفى روما صدر للأب بلرمينو سنة 1589م مؤلفه الشهير في " التعليم المسيحي" الذي انتشر في جميع بلاد العالم، وأعلنه البابا إقليمنضس الثامن كاردينالاً في 3 مارس 1599م، واسند البابا إليه مهمة مراجعة السنكسار الروماني " سير القديسين" ونصوص الصلوات اليومية. وبينما هو يقوم بهذا العمل وصل نبأ تعيينه رئيساً لاساقفة كاﭙـوا فى جنوب إيطاليا، ونال إعجاب الجميع من رعيته لأنهم لم يروا راعياً يهتم برعيته مثله.
ودأب على الوعظ يوم الأحد وزيارة اهل ابرشيته بانتظام، ولم يميز بين فقير وغني، بل كان يعزي الحزانى ويعول المرضي ويوزع على الفقراء ما يملك، وفى ساعات الصلاة الطقسية يجمع كهنة البلدة التي هو فيها ويصلى معهم، فصار للكهنة أباً وصاروا له أبناء.
واستطاع بهذه المعاملة الأخوية أن يثير روح الحماسة في نفوسهم ويدفعهم نحو إعلان كلمة الإنجيل بكل ما أوتوا من قوة. وعندما انتخب البابا بولس الخامس طلب منه أن يبقى في روما. وأسند إليه مهام كثيرة في مجامع الطقوس وانتشار الإيمان وغيرها، وقام الأب بلرمينو بالعمل الذي اسند إليه بإخلاص، ولم يتوان عن إسداء الخدمات وإعلان الحقيقة على الملأ، وتميزت فترة إقامته في روما بالخصب في الكتابة والتأليف فألف كتاب " ارتقاء العقل إلى الله" سنة 1614م.
وتابع: وتدهورت صحة الكاردينال بلرمينو حين بلغ السابعة والسبعين من عمره، فتورمت رجلاه وصار يمشي بصعوبة، وشعر بدنو أجله فقدم استقالته الى البابا، وطلب منه أن يسمح له بالذهاب الى دير القديس اندراوس ليمضي آخر أيام حياته، فرفض البابا طلبه بسبب حاجة الكنيسة الملحة الى خدماته، فتابع عمله مطيعاً حتى ضعف سمعه وقل بصره ووهنت قواه، و ذهب إلى دير القديس اندراوس وبعد ثلاثة أيام أصيب بحمى شديدة وأشرف على الموت.، فجاء البابا والكرادلة لزيارته وسألوه أن يصلى لأجلهم، وكانوا يضعون قبعاتهم على رأسه وصلبانهم على صدره للتبرك منه، و أعلن البابا بيوس الحادي عشر الأب روبير بلرمينو طوباوياُ يوم 13 مايو 1923م، ثم زاد في إكرامه فأعلنه قديساً ومعلماً في الكنيسة يوم 29 يونيو 1930م.