أيمن الحكيم: بليغ حمدي كان ملهما و«فلتة» في تاريخ الغناء والموسيقي
قال الكاتب الصحفي أيمن الحكيم، خلال حفل توقيع كتابه "بليغ حمدي.. سلطان الألحان"، والصادر عن مركز إنسان للنشر، بمكتبة ديوان فرع مصر الجديدة، لا أعترف بمسألة إحياء ذكرى بليغ حمدي، فبليغ حي وموجود معنا دائما، بأغانيه وموسيقاه وألحانه.
و تابع "الحكيم"، بليغ حمدي كان ملهما وحالة استثنائية في تاريخ الغناء والموسيقي، فقد كان "فلتة" من فلتات الموسيقي سواء في عدد ألحانه أو تنوعها، والتي "خلص فيها علي المزيكا" ولم يترك لأحد من بعده منها شيئا، مضيفا أتذكر أن الفنان محمد نوح قال لي يوما:"بليغ حمدي حقق ثورة ثانية في الموسيقى بعد الثورة الأولي التي حققها سيد درويش من قبله، ومش هاتعرفوا قيمة بليغ دلوقتي لا دي بعدين هاتعرفوها".
- جدد شباب أم كلثوم غنائيا
و قال الكاتب الصحفي، بليغ حمدي يستحق المئات من الكتب والأفلام والمقالات عنه وليس فقط هذا الكتاب، فقيمته جزء من الشعب المصري ومنه استقى موسيقاه فخلق هذه الحالة من البساطة والعبقرية في آن، يكفي أنه جدد شباب أم كلثوم، فعندما بدأ التعاون معها كانت أم كلثوم تغني منذ 40 عاما، ظهر خلالها جيل جديد يميل إليه الشباب أكثر، فكانت هي من الذكاء أن تعاونت مع بليغ لتكتسب هؤلاء المستمعين الشباب وهو ما كان، فأم كلثوم قبل بليغ حالة وبعده حالة أخري.
- فكرة الكتاب
وكشف أيمن الحكيم عن فكرة كتابه ،"بليغ حمدي.. سلطان الألحان" وكيف ظهرت لأول مرة من خلال المطرب الفنان محمد رشدي، حيث جمعته الصداقة بالفنان بليغ حمدي وكان من دراويشه مع مجموعة من أهل الفن والإذاعة كعبد الرحمن الأبنودي والإذاعي هيثم البيطار، وحضرت واقعة مأساوية بعد وفاة بليغ حمدي، عندما اتصل بي الفنان محمد رشدي وطلب مني الذهاب معه إلى مكتب بليغ في الزمالك، وصاحب العقار يلقي بمحتويات مكتب بليغ في الشارع بعد وفاته، حيث أنه لم يكن له أي ورثة، فقمت بلملمة محتويات المكتب من علي الرصيف، ونقلناها إلى شقته في شبرا، وعندما فتشت في هذه المحتويات وجدت نوتات موسيقية وكتابات بخط بليغ، فقد كان يكتب المذكرات والخواطر، واحتفظت بها فكان هذا الكتاب.
- بليغ حمدي يجعل إسرائيل تتبع لمنظمة التحرير الفلسطينية
وكشف أيمن الحكيم عن واقعة حدثت لبليغ حمدي، عندما أرسلت له جمعية المؤلفين والملحنين في باريس، تخبره بأن لديه مستحقات قيمتها 15 ألف جنيه، حقوق ملكية فنية من الإذاعة الإسرائيلية، ووقتها وقع بليغ في الحيرة هل يأخذ النقود فيتهم بالتطبيع أم يرفضها، وهنا لمعت الفكرة في ذهنه استلم المبلغ بالفعل واتصل بــ"ياسر عرفات"، و رئيس منظمة التحرير الفلسطينية وأخبره بالأمر وتبرع بهذه النقود للمنظمة، وقال لياسر عرفات هذا تبرع من إسرائيل لمنظمة التحرير الفلسطينية.
ومن الحكايات التي لا تنضب عن بليغ حمدي، الصداقات الكثيرة التي جمعته بعدد كبير من نجوم الفن والسياسة والأدب. حتي إنني فؤجئت بصداقته للشاعر شوقي حجاب.
- تعاونه مع أحمد عدوية
وعن تعاون "بليغ" مع أحمد عدوية استطرد "الحكيم": أن الأغنية في البداية كانت من أجل الفنانة نجاة، إلا أنها اعترضت علي الأغنية ورأتها شديدة الحزن والشجن، وكانت الأغنية من نصيب المطرب الشعبي "أحمد عدوية"، والذي كان بليغ يرى صوته مصري شعبي أصيل فقدم له أكثر من خمس أغنيات، حتي أنه عندما دعاه "عدوية" لحفل خطوبته، سأله بليغ أي الهدايا يريد، فقال له "عدوية" لا تشغل بالك يكفي حضورك، فما كان من بليغ إلا أن لحن لعدوية أغنيته "يا أختي أسملتين"، والتي أهداها له في خطوبته.
- "جوازة" مع صباح لم تتم
وعن أطرف المواقف في حياة بليغ، تلك التي جمعته بالفنانة "صباح" التي قالت له ذات مرة عندما كان بليغ في بيروت: لماذا لا تتزوجنيي؟ فقال لها بليغ ياللا نتجوز الخميس، وفي اليوم المحدد لعقد القران كان بليغ قد نسي الأمر وسافر إلي مصر.
وبدورها قالت السيناريست الدكتورة ثناء هاشم، إن الفترة التي عمل فيها بليغ حمدي للسينما، تعد امتدادا للأفلام الاستعراضية والموسيقية في الأربعينيات، وهي التي ازدهر فيها الفيلم الاستعراضي.
وأوضحت الدكتورة ثناء هاشم، استطاع بليغ حمدي في موسيقاه السينمائية، أن يقدم أغاني بها دراما، خاصة تلك التي قدمها لعبد الحليم حافظ، وساعدته في النجاح سينمائيا. بليغ لديه قدرة علي قراءة المطرب داخل الفيلم السينمائي، وألحانه لم تكن منعزلة عن السياق الدرامي السينمائي. كما أن ألحانه تتماس مع الإيقاع الداخلي للممثل والدراما .
- صديقه: المال كان آخر ما يهتم به
ومن جانبه قال "محسن خطاب" صديق بليغ حمدي في باريس، والذي أقام بليغ حمدي في منزله بعد خروجه من مصر: بليغ كان آخر واحد يهتم بالفلوس، أذكر أنه ترك في "سيالة" جلبابه الذي أرسله للتنظيف، مبلغ كبير من المال لم نكتشفه إلا في محل التنظيف وأنا أفرز الملابس واكتشفت إنه المبلغ الذي كنت قد أقرضته له قبلها بيوم.
وكشف "خطاب" أيضا كيف أن بليغ خلال وجوده في باريس استأجر سيارة وظل يقودها لمدة عشر ساعات، وهو لا يمتلك رخصة قيادة، وكان معرض لأن يقبض عليه البوليس ويرحله إلي مصر لقيادته بدون رخصة.
- أغنية تنزف وطنية
كما كشف عن تأثر يوسف إدريس بأغنية "عدي النهار"، وكيف أن إدريس كان يمر خارج أستوديو الإذاعة التي تسجل فيه الأغنية، فسمعها واقترب من بليغ وقال له: إن هذه الأغنية "تنزف وطنية"، بل وهي أجمل أغنية وطنية سمعها في حياته.
من جانبها قالت الناقدة"أنس الوجود رضوان، زوجة الكاتب الروائي الراحل صبري موسي، أن زوجها خلال تصوير فيلمه "رغبات ممنوعة"، كانت الرقابة بالمرصاد لهذا الفيلم، وعندما عرض الفيلم بعد حذف العديد من أهم مشاهده الرئيسية، رفض صناع الفيلم عرضه لتعرضه للتشوه من مقص الرقيب، خاصة وأن العنصر الدرامي الأساسي مفقود في الفيلم بعد حذفه.
وتابعت، في هذه الفترة قرر صبري موسي تحويل الفيلم إلي مسلسل، وكتب بالفعل مسلسل "رغبات ممنوعة"، وبدأ في التحضير له بالاتفاق مع الشاعر محمد حمزة علي كتابة الأغاني، وأن يلحنها بليغ حمدي، وكان الاتفاق علي أن يكون المسلسل 15 حلقة يضم 15 وكل حلقة بها أغنية، وكانت هذه ثورة طبعا، فمسألة عرض 15 أغنية في مسلسل لم يكن لها سابقة قبلها، إلا أن المشروع توقف بوفاة صبري موسي .