الإدارية العليا ترسى قواعد تحسم الجدل حول الحادث الجنسى وغشاء البكارة
أودعت المحكمة الإدارية العليا، بمجلس الدولة، اليوم، حيثيات حكمها برفض الطعن المقام من وزيرى التربية والتعليم والصحة ووكيلى وزارتى الصحة والتعليم بالبحيرة ومحافظ البحيرة ضد إحدى الطالبات، وتأييد الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية الدائرة الأولى بالبحيرة، بكامل حيثياته، برئاسة المستشار محمد عبدالوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة، بإلغاء قرار وكيل وزارة الصحة بالاتفاق مع وكيل وزارة التعليم بفصل طالبة من إحدى المدارس الثانوية الفنية للتمريض بنات بحوش عيسى، بمحافظة البحيرة، التابعة لوزارة الصحة ،وإشراف وزارة التربية والتعليم، وحرمانها المؤبد من دخول امتحانات الثانوية الفنية للتمريض بسبب تعرضها لحادث جنسى من أحد الأشخاص بفض غشاء بكارتها وحملها منه واتهامها بإجهاض حملها من مستشفى حوش عيسى العام.
وأمر القاضى بتمكينها من أداء الامتحانات التحريرية والشفوية خلال ساعات من رفع دعواها بعد الإفراج عنها من حبسها احتياطيا لعدم صدور حكم جنائى ضدها، كما أمر بتنفيذ الحكم بموجب مسودته وبغير إعلان باعتبار أن حرمانها من حق التعليم يمس حقوقها الدستورية تتصف بالاستعجال، والعام الدراسى أيام تنقضى ويستحيل استعادتها، كما أن الإنسان أيام إذا مرت الأيام انقضى بعض الإنسان.
وذكرت المحكمة أن الطالبة مقيدة بالفرقة بالصف الثالث الثانوى بإحدى المدارس الثانوية الفنيه للتمريض بنات بحوش عيسى محافظة البحيرة التابعة لوزارة الصحة وإشراف التربية والتعليم، وتعرضت لحادث جنسى فقدت فيه عذريتها بفض غشاء بكارتها، وحملها، واتهامها بارتكاب جريمة الإجهاض من مستشفى حوش عيسى، وتحرر عن ذلك المحضر رقم 3496 لسنة 2016 إداري حوش عيسى، وتم حبسها احتياطيا على ذمة التحقيقات ومعها المعتدي، وخلت الأوراق من وجود عقد زواج شرعى أو صورة من العقد العرفى، ثم أُفرج عنها، ولما كان المبدأ الأصيل فى كافة الدساتير ومنها الدستور المصرى أن المتهم برىء حتى تثبت إدانته، ذلك أن الاتهام الجنائي في ذاته لا يزحزح أصل البراءة الذي يلازم الفرد دوما ولا يزايله، سواء في مرحلة ما قبل المحاكمة أو أثنائها، وعلى امتداد حلقاتها، وأياً كان الزمن الذي تستغرقه إجراءاتها، ولا سبيل بالتالي لدحض أصل البراءة بغير الأدلة التي تبلغ قوتها الإقناعية مبلغ الجزم واليقين بما لا يدع مجالا معقولا لشبهة انتفاء التهمة، وبشرط أن تكون دلالتها قد استقرت حقيقتها بحكم قضائي استنفد طرق الطعن فيه وهو ما خلت منه الأوراق.
وقد أرست المحكمة، برئاسة الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة، فى حكمها الذى أصبح نهائياً وباتاً، قواعد بحيثيات تحسم الجدل لأدق وأعقد مشكلات المجتمع العربى عن الحادث الجنسى وغشاء البكارة للبنت العربية والآثار الناجمة بالحمل غير الشرعى ومضار إسقاط المولود :
1-إذا كان المشرع ارتقى بالحق فى التعليم للمسجون بعد إدانته فلا يجوز لوزارتى التربية والتعليم والصحة حرمان طالبة التمريض من أداء الامتحانات دون إدانة تطبيقاً لقرينة البراءة ولعلو حق التعليم.
2- غشاء البكارة على القمة من شرف البنت وتظل تربيتها وحسن أخلاقها السياج الواقى لعفتها.
3- تطور الحياة الطبية كشف عن أنه يمكن معالجة غشاء البكارة وتظل الأخلاق لا تقبل العلاج لأنها نابعة من تربية الأسرة.
4- اتهموها بإجهاض المولود دون دليل جنائى وأصل البراءة يلازمها ولا يزايلها بغير الأدلة التي تبلغ قوتها الإقناعية مبلغ الجزم واليقين، والأب ظل بجوار ابنته حنوناً لم يتخل عنها فى أحلك المحن ولم يؤذها وتصرفه يؤمنها ضد خطر كل شيطان مارد.
5- موروث العار ليس قاصراً على الفتيات بل هو إرث مشترك بين الذكر والأنثى، فهناك أولادٌ ذكور يجلبون العار على آبائهم وأسرهم بشكل يفوق ما يتصوره الناس من أنواع العار.
6- الإسلام أعلى من شأن البنات علواً وسمواً واحتراماً بحسبانها رمز الحياء، وبيت العفة، والمصنع الحقيقى لإعداد الأبطال فى المجتمعات.
7- واقع الحياة كشف عن أن بعض الآباء لا يدركون المهمة العظيمة فى تربية بناتهم، ولا الرسالة السامية التي يحفظون بها القيم والأخلاق والتقاليد في المجتمع العربى عامة والمصرى خاصة.
8- تربية الأسرة للبنت هى سلاحها الدفاعى ضد إغراءات ومغريات الحياة فتصبح قوية أبية عصية فلا تكون هشيماً تذروه الرياح.
9- البنات أمانة فى أعناق الأسر، فكم من بنت صالحة أنشأت جيلاً عظيماً، وكم من منحرفة أفسدت أمة بأسرها لأب ظن أنه بالمال أدى ما عليه نحو بناته وهو عنهن من الغافلين.
10- وكيلا وزارة الصحة والتعليم لم يقدرا شعور الطالبة لتعرضها لحادث جنسى أفقدها عذريتها، وحملت حملاً غير شرعى، واُتهمت دون دليل جنائى بالإجهاض، وعانت ألم المخاض والنزيف وتعرضت لمخاطر الوفاة المبكرة، ففُصلت وحُرمت من دخول الامتحانات بمنتهى القسوة بلا رحمة فكان لزاماً انتصافها من قاضى المشروعية الأمين على الحقوق والحريات.
تفاصيل القضية المؤلمة
تتلخص وقائع القضية فى أن إحدى الطالبات بالصف الثالث الثانوي عام 2016 بإحدى المدارس الثانوية الفنية للتمريض بنات بحوش عيسي البحيرة التابعة لوزارة الصحة وإشراف التربية والتعليم وقفت ومعها أبوها أمام القاضى الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة، وقالت إنها تعرضت لحادث اعتداء جنسي من أحد الأشخاص بفض غشاء بكارتها ومعاشرتها قسراً ترتب عليه حملها، وفى أبريل 2016 حدث لها اجهاض شديد بمستشفى حوش عيسى، وفوجئت باتهام من المستشفى بأنها أجهضت نفسها عمداً، وتحرر عن ذلك المحضر رقم 3496 لسنة 2016 إداري حوش عيسى وتم حبسها احتياطيا على ذمة التحقيقات هي والمعتدى عليها.
وفى 24 مايو 2016 فوجئت بصدور قرار فصل لها من مديرية الصحة بدمنهور التابعة لها المدرسة بموافقة وزارة التربية والتعليم، وفور الإفراج عنها من الحبس الاحتياطى لجأت للمحكمة الساعة العاشرة صباحاً، وأن الامتحانات ستبدأ خلال ساعات، فطلب القاضى من الحاضر عن وزارتى الصحة والتربية والتعليم تقديم مذكرة بالرد خلال 3 ساعات، ثم قرر إصدار الحكم آخر الجلسة، والذى جاء فى صالح الطالبة بإلغاء قرار فصلها وتمكينها فوراً من أداء الامتحانات فى مشهد مبكى حزين بين الأب وابنته، ولم تكتف وزارتى الصحة والتعليم بالحكم بل طعنت عليه وجاء حكم المحكمة الإدارية العليا 2021 برفض طعن الوزارتين بإجماع الآراء، وأصبح حكم القضاء الإدارى نهائياً وباتاً، وسطر القاضى الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجى سطوراً دقيقة فى أدق وأعقد مشكلات المجتمع العربى عن الحادث الجنسى وغشاء البكارة والآثار الناجمة بالحمل غير الشرعى ومضار إسقاط المولود.
قالت المحكمة، برئاسة الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة، أن الدستور كفل الحق في المحاكمة المنصفة بأن المتهم برىء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية عادلة تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه، والمحاكمة المنصفة تُعد أكثر لزوماً في الدعوى الجنائية لأن إدانة المتهم بالجريمة إنما تعرضه لأخطر القيود على حريته الشخصية وأكثرها تهديدا لحقه في الحياة، وهي مخاطر لا سبيل إلى توقيها إلا على ضوء ضمانات فعلية توازن بين حق الفرد في الحرية، وحق المجتمع في الدفاع عن مصالحه الأساسية، ويتحقق ذلك كلما كان الاتهام الجنائي معرفاً بالتهمة مبيناً طبيعتها مفصلاً أدلتها وكافة العناصر المرتبطة بها، وأن تستند المحكمة في قرارها بالإدانة- إذا خلصت إليها- إلى موضوعية التحقيق الذي تجريه، وعرض متجرد للحقائق، وتقدير سائغ للمصالح المتنازعة، وتلك جميعها من الضمانات الجوهرية التي لا تقوم المحاكمة المنصفة دونها، ومن ثم كفلها الدستور وقرنها بضمانتين تعتبران من مقوماتها وتندرجان تحت مفهومها، وهما افتراض البراءة من ناحية، وحق الدفاع لدحض الاتهام الجنائي من ناحية أخرى، وهو حق عززه الدستور بنصه على أن حق الدفاع بالأصالة أو بالوكالة مكفول.
وأضافت المحكمة أن أصل البراءة يمتد إلى كل فرد، سواء أكان مشتبهاً فيه أو متهماً، باعتباره قاعدة أساسية في النظام الاتهامي أقرتها الشرائع جميعها لا لتكفل بموجبها حماية المذنبين، وإنما لتدرأ بمقتضاها العقوبة عن الفرد إذا كانت التهمة الموجهة إليه قد أحاطتها الشبهات بما يحول دون التيقن من مقارفة المتهم للواقعة الإجرامية، ذلك أن الاتهام الجنائي في ذاته لا يزحزح أصل البراءة الذي يلازم الفرد دوماً ولا يزايله سواء في مرحلة ما قبل المحاكمة أو أثنائها وعلى امتداد حلقاتها وأيا كان الزمن الذي تستغرقه إجراءاتها، ولا سبيل بالتالي لدحض أصل البراءة بغير الأدلة التي تبلغ قوتها الإقناعية مبلغ الجزم واليقين بما لا يدع مجالاً معقولاً لشبهة انتفاء التهمة، وبشرط أن تكون دلالتها قد استقرت حقيقتها بحكم قضائي استنفد طرق الطعن فيه.
وأشارت المحكمة إلى أن المشرع الدستورى أعلى من شأن الحق فى التعليم وجعله حقاً أصيلاً، بل لم يشأ المشرع العادى أن يحرم حتى المسجونين الذين تمت إدانتهم بأحكام قضائية ويقضون العقوبة جزاءً وفاقاً لما اقترفوه من إثم جنائى، إذ يتعين على إدارة السجن أن تشجع المسجونين على الاطلاع والتعليم وأن تيسر الاستذكار للمسجونين الذين هم على درجة من الثقافة ولديهم الرغبة فى مواصلة الدراسة وتسمح لهم بتأدية الامتحانات، ولم يفرض المشرع على إدارة السجن تشجيع المسجونين على الاطلاع والتعليم وتيسير الاستذكار والسماح بتأدية الامتحانات عبثاً، وإنما أراد به المصلحة العامة للمجتمع بمحاولة تأهيل هؤلاء المسجونين وتهذيبهم من خلال النهوض بمستواهم الثقافى والتعليمى، حتى يتولوا حولاً عن الجريمة وشرورها فلا يعودون إلى الإثم، فيستنفدون جهدهم وطاقتهم فى السعى إلى ما يعود عليهم بالنفع وعلى مجتمعهم بالخير، فكان حتماً مقضياً على إدارة السجن أن تنهض إلى القيام بهذا الواجب الذى هو جزء من رسالتها- حسبما تتجه إليه السياسات الحديثة فى مكافحة الجريمة- بإصلاح المسجون وتهذيبه قبل عقابه وإيلامه، فإذا كان المشرع قد ارتقى بالحق فى التعليم للمسجون بعد إدانته فمن ثم ومن باب أولى لا يجوز لوزارتى التربية والتعليم والصحة فى مدارس التمريض حرمان المتهمة من أداء الامتحانات دون إدانة تطبيقاً لقرينة البراءة وبحسبان حق التعليم يسمو على القمة من الحقوق الدستورية.
وسجلت المحكمة أنها وهى جزء من نسيج هذا الوطن وما كشفت عنه الدعوى الماثلة من تعرض الطالبة لحادث جنسى أليم على إثره تم فض غشاء بكارتها والحمل من الجانى أسفر عن إسقاط الجنين لم يقطع فيه القضاء الجنائى بحكم ضدها، وعلى الرغم من أن غشاء البكارة على القمة من شرف البنت إلا أن تربيتها وحسن أخلاقها تظل السياج الواقى لعفتها، وعلى الرغم من أن تطور الحياة الطبية كشف عن أنه يمكن معالجة غشاء البكارة إلا أنه يظل حسن الأدب والأخلاق أو سوء كليهما لا يقبل العلاج لأنه ينبع من تربية الأسرة وثقة متابعتها لبناتها، وهو ما اتضح جلياً من موقف الأب مع ابنته الذى ظل بجوارها أباً حنوناً لم يتخل عنها فى أحلك المحن التى تمر على فتاة ولم يؤذِها مما جعلها تبكى أمام المحكمة فى حضن أبيها الذى ظلت الدموع تملأ عينيه عصية على الانهمار فى تماسك أب فى أروع صوره، إن هذا التصرف من الأب يؤمن ابنته ضد خطر كل شيطان مارد يلتف حولها بنظرة مغرضة ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب، ولم يقنع الأب بموروث العار من ابنته، لأن مفهوم العار كما تثيره الظنون ليس قاصراً على الفتيات بل هو إرث مشترك بين الذكر والأنثى، فهناك أولادٌ ذكور يجلبون العار على آبائهم وأسرهم بشكل يفوق ما يتصوره الناس من أنواع العار.
- الإسلام أعلى من شأن البنات علواً وسمواً
وأشارت المحكمة إلى أن الإسلام أعلى من شأن البنات علواً وسمواً واحتراماً بحسبانهن رمز الحياء، وبيت العفة، والمصنع الحقيقى لإعداد الأبطال فى المجتمعات، لما اختصها بها الخالق بحكم تكوينها لدورها فى نثر روح الفضيلة في الحياة لتكون زوجة صالحة، وأماً للمستقبل ومربية للأجيال، وكان النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَباً عظيماً لبنات هن: زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة، رباهن فأحسن تربيتهن تربويًّا بليغًا على مدار التاريخ الإنسانى، فأصبحن بشارة عظمى وريحانة النساء، وتعلمت من سيرتهن البنات الأدب والحشمة والحياء والبناء الأخلاقي والصدق والعفة والمروءة، ويجب على المجتمع أن يعلم أن البنت تعبير إنساني يتمدّد ظلّها الوارف في جذور الحياة وهى محك القرائح ومختبر الخيال، فقد ربته وهو طفل وهذبته وهو ناشئ وشاركته وهو زوج وواسته وهو كهل، وبعد كل هذا التقدير يجب أن يعترف الرجل للمرأة بأن جهله بقيمتها كان سبباً مباشراً فى تدهورها ردحاً من الزمان سجله عليه التاريخ، فعلى يديها نتعلم الشعور والرؤى والوجدان فتكسب الحياة نغماً خاصاً وسطوراً لامعة فى طريق الحياة.
وأوضحت المحكمة أن واقع الحياة كشف أن بعض الآباء لا يدركون المهمة العظيمة فى تربية بناتهم، أو الرسالة السامية التي يحفظون بها القيم والأخلاق والتقاليد في المجتمع العربى عامة والمصرى خاصة، فتربية الأسرة للبنت هى سلاحها الدفاعى ضد إغراءات ومغريات الحياة فتصبح قوية أبية عصية فلا تكون هشيما تذروه الرياح، ولنا أن نتخذ من سيرة النبي- صلى الله عليه وسلم- في تعامله مع بناته الأربع قدوة، فقد كان يعظم شأن بناته ويشعرهن بوافر حبه ورحمته بهن، فتوضح ذلك أم المؤمنين عائشة، رضي الله عنها، فتقول: ما رأيت أحداً كان أشبه سمتاً وهدياً ودلاً برسول الله- صلى الله عليه وسلم- من فاطمة، كانت إذا دخلت عليه قام إليها فأخذ بيدها وقبَّلها وأجلسها في مجلسه، وكان إذا دخل عليها قامت إليه فأخذت بيده فقبَّلته وأجلسته في مجلسها. رواه أبو داود والترمذي.. فالبنات أمانة فى أعناق الأسر، فكم من بنت صالحة أنشأت جيلا عظيما كانت نتاج تربية أسرية صالحة، وكم من منحرفة أفسدت أمة بأسرها كانت نتاجاً لأب غائب الفكر والعقل ظن أنه بالمال والطعام والشراب قد أدى كل ما عليه نحو بناته وهو عنهن من الغافلين.
وذكرت المحكمة أن الطالبة مقيدة بالصف الثالث الثانوى بإحدى المدارس الثانوية الفنية للتمريض بنات بحوش عيسى محافظة البحيرة التابعة لوزارة الصحة وإشراف التربية والتعليم، وتعرضت لحادث جنسى فقدت فيه عذريتها بفض غشاء بكارتها وحملها واتهامها بارتكاب جريمة الاجهاض من مستشفى حوش عيسى وتحرر عن ذلك المحضر رقم 3496 لسنة 2016 إداري حوش عيسي وتم حبسها احتياطيا علي ذمة التحقيقات ومعها المعتدى، وخلت الأوراق من وجود عقد زواج شرعى أو صورة من العقد العرفى، ثم أفرج عنها، ولما كان المبدأ الأصيل فى كافة الدساتير ومنها الدستور المصرى أن المتهم برىء حتى تثبت إدانته ذلك أن الاتهام الجنائي في ذاته لا يزحزح أصل البراءة الذي يلازم الفرد دوما ولا يزايله سواء في مرحلة ما قبل المحاكمة أو أثنائها وعلى امتداد حلقاتها وأياً كان الزمن الذي تستغرقه إجراءاتها، ولا سبيل بالتالي لدحض أصل البراءة بغير الأدلة التي تبلغ قوتها الإقناعية مبلغ الجزم واليقين بما لا يدع مجالا معقولا لشبهة انتفاء التهمة، وبشرط أن تكون دلالتها قد استقرت حقيقتها بحكم قضائي استنفد طرق الطعن فيه وهو ما خلت منه الأوراق.
وانتهت المحكمة إلى أن وكيلى وزارة الصحة والتعليم لم يقدرا شعور الفتاة التى تعرضت لحادث جنسى أليم وفقدت عذريتها وحملت حملاً غير شرعى واتهامها دون دليل جنائى بالإجهاض وكانت تعانى من ألم المخاض والنزيف بل وتعرضها لمخاطر الوفاة المبكرة خاصة في وقت باكر من حياتها، فراحت الإدارة تفصلها وتحرمها من دخول الامتحانات فى موقف يمثل منتهى القسوة بلا رحمة إلا أنها ثابرت وتم الافراج عنها من الحبس الاحتياطى دون حكم بالإدانة ضدها، فلجأت وأبوها للمحكمة انتصافا لحقها فى التعليم من قاضى المشروعية الذى أقامه الدستور أمينا وقيماً على الحقوق والحريات العامة، وإذ أصدر وكيل وزارة الصحة بمحافظة البحيرة بالاتفاق مع وكيل وزارة التربية والتعليم قراراً بالفصل النهائى للطالبة استنادا إلى رأى المستشار القانونى بالمديرية بفصلها نهائياً من المدرسة وحرمانها من حقها الدستورى فى التعليم، بعد تعرضها لحادث جنسى أليم بفض غشاء بكارتها وحملها وذلك عن مجرد اتهامها بالإجهاض دون أن يجزم به حكم قضائى فإن الجهة الإدارية بذلك تكون قد أحلت نفسها محل القضاء الجنائى فى الجزم بصحة الاتهام وهو ما لايجوز لها ولو برأى مستشارها القانونى، ويغدو هذا القرار مخالفاً لحكم الدستور والقانون مما يتعين إلغاؤه وتمكينها بأدائها الامتحانات خلال ساعات.
وقد أعربت دوائر مهتمة بشئون المرأة عن أن حكم القاضى الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجى عالج أدق القضايا النسوية المتصلة بالشرف وغشاء البكارة نتيجة الاعتداء الجنسى على الفتاة، وحسم الجدل الدائر بالسوشيال ميديا بقوله فى صرامة: "غشاء البكارة على القمة من شرف البنت وتظل تربيتها وحسن أخلاقها السياج الواقى لعفتها"، وركز القاضى فى حكمه على دور الأسرة فى التربية والتنشئة بقوله: "البنات أمانة فى أعناق الأسر، فكم من بنت صالحة أنشأت جيلاً عظيماً، وكم من منحرفة أفسدت أمة بأسرها"، وفرق الحكم بين الحادث الجنسى خارج إرادة الفتاة وغيره من الحالات، وأشارت تلك الدوائر إلى أن هذا الحكم يجب تدارسه فى ندوات وحلقات من المختصين فى الإعلام وعلماء الاجتماع لعودة الثقة المعهودة فى البنت العربية والمصرية الأصيلة.