نعيمًا يا هانم.. حلاّق الخواجات يرسم البسمة على وجوه الأجنبيات بالدقي (صور)
«رجعالك تاني يا أوسطى»، جملة ترمي بها سيدة أجنبيّة في محل حلاقة قديم بمنطقة الدقي بالجيزة بلغة عربية «مكسّرة» وتمضي إلى بلادها، على وعد بالرجوع إلى عم محمد ذلك الرجل الستيني الذي يودع زبائنه بابتسامة رضا في انتظار عودة قد تكون قريبًا.
على باب دُكّانه بمنطقة الدقي يطل باب كوافيره المُبهج بصورة تزيّن مداخله لفتاة شقراء تستقبل زبائنه من النسوة اللاتي يدخلن إليه وفي رأسهنّ قصّات شعر معينة يقلبنّ مجلاته في بهو محله القديم في انتظار أن ينتهي من (زبونة) تصفف شعرها، يحكي مع زبائنه ويتناوب في قص حكاياته المسليّة عليهنّ.
يقول محمد مرسي رجل ستيني، لـ"الدستور" إنه يمتهن الحلاقة النسائية منذ 4 عقود، تلك المهنة التي ورثها عن أجداده وأقاربه ويشعر بالفخر للعمل بها.
فما إن تطأ قدماك محل الكوافير الخاص بعم محمد وتشعر على الفور بمهارته في عمله وذكائه في التعامل مع زبائنه: «المحل ده يعود لعمي منذ 1964 تولت العمل فيه منذ الصغر، استقبل فيه المصريات والأجنبيات على حد سواء، وكثير ما تعود إلي الأجنبيات مره أخرى بعد أول زيارة لهن للقاهرة»، مضيفا أنه، خلافًا للمصريات اللاتي يشعرن بالحيرة حول اختيار تصفيفة الشعر، فإن “الخواجات” صارمات في تحديد ما يردنه منذ أول مرة دون تردد، ولديه زبائن من كافة الجنسيات العربية والأجنبية، فالسائحة الألمانية والإيطالية على وده الخصوص الأكثر حرصًا على زيارته".
يواصل عم محمد حديثه لـ"الدستور":"كثير منهنّ التقطن معه صورًا للذكرى، كما أهدته إحداهنّ (سيدة ألمانية) شهادة لا يزال يعلقها على حائط كوافيره تشيد فيها بعمله، ووصفته بأنه أفضل مَن قصّ لها شعرها في حياتها"، وحكي كيف أن الأجانب نظرًا لظروف السفر يحاولن زيارته من آن لآخر عند العودة إلى قاهرة المعز، ويرفضن الذهاب إلى غيره لتصفيف شعرهن.
عن أكثر شئ يطلبه «زبائنه» يقول الرجل الستيني: "طبعًا سشوار الشعر وكيّه وغسله الذي يأتي المرتبة الأولى من الأشياء التي تطلب منه يوميًا، يليه قص الشعر وربما، لأن الشعر بعد قصه يستغرق وقتًا طويلاً حتى يعود إلى سابق عهده".
ويفرّق محمد بين المصرية والأجنبية من خلال تعامله الطويل في محله قائلاً: “زبايني من المصريات الأكبر سنًا أقل زيارة لي من الفتيات الصغيرات اللاتي يكون إقبالهن على قصّات الشعر القصيرة كبيرًا، لكن الأمر مختلف لدى الأجانب اللاتي يحرصن للذهاب إلى الكوافير بشكل منتظم بغض النظر عن أعمارهنّ”.
وحكى عم محمد كيف أن ظروف العمل تأثرت بسبب الجائحة وكيف أنه في 2020 كان الإقبال على كوافيره ضعيفًا جدًا مفسرًا ذلك بقلة (خروجات النساء) وقت كوفيد-19 سواء للعمل أو الخروجات غير الرسمية ثم عادت الأمور من جديد بشكل تدريجي بعد عودة أوقات العمل، لكن لم يرق الإقبال إلى مستوي ما قبل الوباء القاتل"، ناصحًا المصريات بالبعد عن كثرة غسيل الشعر والإسراف في وضع الزيوت؛ لأنه يتسبب في إجهاده، إضافة إلى كثرة استخدام سشوار الشعر في المنزل بطريقة خاطئة، ما يتسبب في إضعافه ومن ثم سقوطه".