في ذكرى رحيله.. رحلة «أغسطينوس» من الحياة الماجنة إلى البر والقداسة
تحيى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، اليوم، ذكري رحيل القديس أوغسطينوس، أشهر آباء الكنيسة اللاتينية.
وقال ماجد كامل، الباحث في التراث القبطي، إن القديس أوغسطيوس (345- 430 ) هو أشهر آباء الكنيسة اللاتينية، وأبعدهم أثرًا، ولد في 13 /11/ 354م بإحدى مدن الجزائر من أب يدعى باتريكس وأم تدعى مونيكا، وتميزت مونيكا بحياة مسيحية قوية جعلتها تتحمل متاعب زوجها وحماتها بصبر عجيب حتى جذبتهم إلى الإيمان المسيحي.
نشأته
كان أوغسطينوس في طفولته طفلا محبًا للعب ميالا إلي الكسل، وكان يكره الدروس وعندما وصل إلي سن السادسة عشر كون عصابة لسرقة المنازل المجاورة؛ فكان يسرق من ثمرة الكمثرى المجاورة لمنزله رغم أن ثمارها لم تنضج بعد، كما يوجد بشجرة منزله كمثري لا تقل جودة عنها، ولكن أوغسطينوس يعطي في كتاب الاعترافات وصفا دقيقا لما عرف في علم النفس بعد ذلك بحب السرقة Kleptomania.
أكمل سفره إلى قرطاجنة لدراسة علم البيان، وجاءته فرصة للدراسة في قرطاجنة، هناك تعرف علي مجموعة من النساء، وأخذ يتردد على الملاهي الليلية، وهناك قرأ الكتاب المقدس لأول مرة، وخرج عنه بانطباع سيء بأنه كتاب لا يستحق القراءة، وفضل عنه خطب شيشرون.
أخذت القديسة مونيكا والدته تبكي من أجل أبنها أوغسطينوس، وفي ذات يوم شاهدت رؤيا انها واقفة على خشبة وهي تبكي، ووقف أمامها شاب فسألها لماذا تبكين؟ أجابت ابكي من أجل هلاك ابني، فرد عليها قائلا: لا تخافي لن يهلك ولدك.
عوامل ساعدت على توبة أوغسطينوس
وتابع ماجد كامل: إن دموع والدته المستمرة من أجله ساعدته على توبته، بالإضافة إلى أن له صديق حميم مرض فجأة فعمده أهله خشية موته دون عماد، فأخذ أغسطينوس يسخر من المعمودية أمامه، فتضايق الصديق جدا وقال له: “إذا أردت أن تضع حدا لصداقتنا فكلمني عن المعمودية بهذه الطريقة الهزلية” وبعد ذلك توفي الصديق فحزن عليه أغسطينوس جدا وصدم صدمة شديدة.
ومرض في روما مرضا شديدا ووصل إلى حافة الموت، ولكن الله دبر له سرعة الشفاء، من روما جاءته فرصة ذهبية أخرى للسفر إلى ميلانو. وهناك تعرف على القديس أمبروسيوس أسقف ميلانو واستمع إلى عظاته وتفسيراته للعهد القديم فأعجب بها جدا.
ولما علمت أمه باستقرار ابنها في ميلانو سافرت إليه لتقيم عنده وقالت له ذات مرة “عندي رجاء في المسيح أني سأراك مسيحيا قبل موتي“، وأخيرا قبل أوغسطينوس المعمودية على يد القديس أمبروسيوس وصار مسيحيا.
وفاة أمه القديسة مونيكا
بعد أن اطمأنت القديسة مونيكا علي توبة ابنها؛ توفيت بعدها وهو في سن 33. وحاول القديس أغسطينوس في البداية منع دموعه عنها ولكنه لم يستطع فاستسلم للدموعه وقال “لا يمكن أن أسلم نفسي للدموع ساعة من أجل من أجل تلك التي كانت تعوم فراشها كل ليلة لأجلي”.
رسامته قسا
عاد إلي الجزائر موطنه الأصلي، وباع كل ممتلكاته وتفرغ للصلاة والعبادة وتأليف الكتب. وذات يوم دخل الكنيسة ليصلي القداس فأمسكه الشعب وطالب برسامته قسا، وبالفعل تمت رسامته وسكن في بستان ملاصق للكنيسة. وسمح له الأب الأسقف بالوعظ حتى في وجوده “كان التقليد لكنسي وقتها يمنع قيام الكاهن بالتعليم في وجود الأسقف”.
وعندما تقدم أسقف هيبو في السن طالب برسامة أوغسطينوس أسقفا مساعد له، وبعد وفاة الأب الأسقف أصبح أغسطينوس هو الأسقف الرسمي.
في بداية عامه الـ72 سنة أصابت القديس أوغسطينوس بعض أمراض الشيخوخة، فبدأ في قراءة بعض مزامير التوبة وطلب الرحمة، واستمر في القراءة والكتابة حتى وفاته حيث تناول من الأسرار المقدسة وتنيح في 28/8/ 430 م عن عمر يناهز 85 سنة، وقبل نياحته وهب مكتبته للكنيسة.