رجال «أونلاين» وجميلات «أوفلاين»
فى العالم الافتراضى الحكايات فى الجيوب، والأحلام فى الجيوب، والوعود فى الجيوب.
يبيعون الأحلام الملوثة فى طرقات الفيسبوك، وبرامج مختلفة كبائع الحلوى المتجول.
فى العالم الافتراضى
كلهم المتنبى، وكلهم أبو فراس، وكلهم حاتم الطائى، وكلهم فى الحياة ابن الملوح.
فى العالم الافتراضى
قد يتحول الأقرب إلى عقرب.
وقد يتحول الرجل إلى «تور الساقية» بسبب رجل أو امرأة.
فى العالم الافتراضى
يمارسون الخيانة كوجبة سريعة على طريق مهجور، ويستسهلون قذف وسب والتنمر على العلاقات كشربة ماء هنيَّة.
فى عالمنا الخيالى
يعشقون من أول محادثة.
فكل إضافة صيدة جديدة، وكل رسالة خاصة مصيدة.
وكل وردة فى رد مصيدة أيضاً.
يمثلون الحب، ولا يعترفون به. هدفهم التمهيد للمكالمات، وبعد المكالمات المواعيد، وبعد المواعيد تأتى اللقاءات، وكله يخفى خدعة أو مصيدة أو مصلحة.
المهم النتيجة.
فى العالم الافتراضى أنت لديهم (أون لاين) ما دامت صلاحيتك سارية المفعول.
وتتحول إلى (أوف لاين) أبدية حين تنتهى صلاحيتك ومصالحهم.
أنت صديقهم ما دمت معهم.
فإن غبت عن أعينهم نسيتك أعينهم.
أنت الوفى ما دمت أمامهم.
فإن غيَّبتك عنهم ظروفك أو جروحك، فأنت الحاقد، وأنت الجاحد، وأنت الناكر، وأنت الخائن.
فى العالم الافتراضى الثمار ليست على بذورها فلا تنتظر أن تحصد ما زرعت، فقد تزرع الوفاء وتحصد الخيانة، تزرع الصدق وتحصد الخذلان.
يتفننون فى تسلق سلالم الأرواح وسلالم الأكتاف وسلالم الظهور.
وخسارة كل شىء من أجل الوصول لقمَّة وهمية.
قد يتحول السيف فى يدك إلى خنجر فى ظهرك لأن مصلحته فى كسر ظهرك وليس حمايتك.
فى هذا العام الافتراضى لا أحد يرق له شعوره، هل نبحث فى المجهول أو نهرب منا إليه لنكمل النقص الذى لم يملأه أحد.
هل نبحث عن أنفسنا هروبا من واقعنا إلى عالم افتراضى وهمى وأكثره مزيف؟
أم نهرب من مشاكلنا وعثراتنا، ومن كل الجروح والندوب، أو من الجرح الذى لم يلتئم بعد، والقلب الذى لم ينبض كالمعتاد؟
نلقى بأنفسنا فى هذا العالم آملين خيراً يوحى بغد مشرق؟
ولكن جميعنا نتساءل:
هل نحن قلقون من سرعة تعاقب الأيام؟ وخائفون مما ستقرره الأقدار لنا؟
نعم إنه الخوف.
الخوف من المجهول والمعلوم.
الخوف من الغد ومن الأمس أيضاً، ومن الماضى والحاضر والمستقبل.
من الآخر فى الفيسبوك يتناسون التربية الأولى والقيم الأولى والأخلاق الأولى.