«تصاريف القدر».. ذكرى واحدة تجمع رحيل الأحباب
هل هي مصادفة أن يجمع الموت بين الأصدقاء في ذكرى رحيل واحدة، كما حدث مع سناء جميل وزكي طليمات وهو الذي استقبلها بعد لطمة أخيها لها وبعد أن هامت على وجهها لا تعرف لها مستقرا، وعلى مدار علاقتها بأستاذها كانت تصفه بأنه الأستاذ الحنون الذي فتح لها بوابة المجد والخلود على مصراعيها.
نرصد في السطور التالية حالات وطد فيها الموت بين الأحباب لتجمعهما ذكرى رحيل واحدة:
سناء جميل وأستاذها زكي طليمات
بعد أن رفضت سناء جميل طلب شقيقها بالتوقف عن التمثيل ولطمها على أذنها خرجت لتهيم على وجهها لا تعرف إلى أين تذهب، وتوجهت في الأخير لزميلها الفنان سعيد أبو بكر وزوجته الإيطالية، وروت لهما ما حدث وفي اليوم التالي اتجه سعيد أبو بكر إلى الفنان زكى طليمات، الذي آمن بموهبة «سناء»، وحكى له ما جرى معها، فاستدعاها الأخير، وكان شديد التأثر بما سمع من «أبي بكر»، وعرض عليها أن يذهب بنفسه إلى شقيقها ويتوسط لحل المشكلة بينهما، لكنها رفضت قائلة: «أنا خرجت من البيت، ولن أعود إليه.. يجب أن أكمل دراستى، ولن أتراجع عما فعلته مهما حدث».
تفهم «طليمات» الأمر وزاد إعجابه بها وبحماسها وعزة نفسها وتمردها أيضًا، وضمها إلى الفرقة المسرحية التى قرر تكوينها من خريجى معهد التمثيل باسم «فرقة المسرح الحديث»، وكانت لا تزال طالبة.
ومن خلال الفرقة أصبحت «سناء» تحصل على مكافأة ٦ جنيهات، لتضيفها إلى الجنيهات الستة مكافأة معهد التمثيل، وبالتالى أصبح دخلها بين ليلة وضحاها ١٢ جنيهًا شهريًا، كما أن «طليمات» أخذ لها إذنًا من «بيت الطالبات» لتستطيع التحرك بحرية دون تقيد بمواعيد الدخول والخروج، بما يتناسب مع العروض التى تشترك فيها من خلال الفرقة، فكان خير سند ويد عون لها.
وتوطدت علاقة سناء جميل بزكي طليمات إلى حد كبير جدا، وكان أستاذها الذي مهد الطريق أمام قدمها لتسير آمنة ومطمئنة، ومن هنا فإن سناء جميل أحبت زكي طليمات بشدة، والمثير للانتباه أنها توفيت يوم وفاة أستاذها لتجمعهما ذكرى وفاة واحدة وهي الثاني والعشرين من ديسمبر، فقد توفى طليمات في 22 ديسمبر 1982، وتوفيت سناء جميل في 22 ديسمبر 2002.
أبهج أديب وأحمد خالد توفيق
أبهج أديب باسيلي كان صديق أحمد خالد توفيق منذ طفولته، ومن أقرب المقربين إليه، وجمعتهما العديد من الأمور المشتركة مثل حب السينما وحب الأغاني الأجنبية والرسم وغيرها مما أدى لعلاقة وطيدة جدا قوامها المحبة.
ويوم وفاة أحمد خالد توفيق كان الحزن الأكبر من نصيب أبهج أديب، ففي هذا اليوم فقد رفيق عمره والصديق الذي ظل معه لمسيرة أكثر من 4 عقود، وكان يتهدج صوته إذا ما سمع اسم العراب، كان يحبه محبة عظيمة.
وتشاء الأقدار أن يتوفى أبهج أديب باسيلي يوم 2 أبريل 2021 لتجمعه مع صديقه ذكرى رحيل واحدة حيث توفي أحمد خالد توفيق في 2 أبريل 2018.
مصطفى النحاس وسعد زغلول
لعِب النحاس دورًا هامًا خلال ثورة 1919، فكان حينها يعمل قاضيًا بمحكمة طنطا ووكيلًا لنادي المدارس العليا. نظم مع عبد العزيز فهمي إضراب المحامين، وكذلك كان الوسيط بين لجنة الموظفين بالقاهرة واللجنة بطنطا، فكان يحمل المنشورات داخل ملابسه ويقوم بتوزيعها هو ومجموعته على أفراد الشعب. فُصل النحاس من منصبه كقاضٍ نتيجة لنشاطه السياسي، وأصبح سكرتيرًا عاماً للوفد في القاهرة حتى عاد من باريس، حيث افتتح مكتبا للمحاماة.
عُرِض مشروع ملنر، ووافق عليه طائفة ملاك الأراضي الزراعية داخل الوفد الذين كانوا يشكلون 83% من الوفد مُعلنين بأن هذا أقصى ما يمكن تحصيله. رأى سعد زغلول أن هذا العرض غير مناسب بعد الثورة، لذا كتب سعد زغلول للنحاس وواصف وعفيفي في 22 أغسطس 1920 يعرض فيه مشروع ملنر ومشكلة الامتيازات واستمرار الحماية البريطانية. كان النحاس في هذا الوقت في القاهرة، بينما كان سعد في أوروبا وكان من المفترض أن يقوم أعضاء الوفد في القاهرة والعائدين من الخارج بعرض المشروع على الشعب بحياد للتعبير عن رأيه. تلقى النحاس رسالة سعد فما كان منه إلا أن عرض المشروع بحياد مطلق، ما يوحي بعدم تأييده لذلك دون أن يُعلن صراحةً. واقترح النحاس على الوفد بعد ذلك كتابة التحفظات التي أبداها الشعب حول المشروع، مما يعني أن المشروع غير مقبول بشكله الحالي. أدى هذا الاقتراح إلى فاعلية أكثر لشخصية النحاس داخل الوفد، وليس كونه مجرد تابع لسعد زغلول.
كانت علاقة عظيمة قوامها المحبة بين النحاس وزغلول وكانت الذكرى التي جمعت رحيل الزعيمان في يوم واحد فكانت وفاة سعد زغلول في 23 أغسطس 1927، وكانت وفاة النحاس في 23 أغسطس 1965.