«قبلة الحياة».. كيف ينتظر نزلاء مستعمرة الجذام التطوير؟
على مدار الأعوام الماضية تعددت الزيارات على مستمرة الجذام القابعة بمدينة الخانكة، التابعة لمحافظة القليوبية، من قبل الوسائل الإعلامية المقروء منها والمسموع وحتى المتلفز، للاطمئنان على أحوال المرضى والوقوف على أوضاع المستعمرة، لكن الثابت في كل المتغيرات التي ترصدها تلك الزيارات، هو لقائهم بأحمد البرماوي أقدم نُزلاء المستعمرة والذي يُعد من معمريها، حيث قضى فيها حتى الآن نحو 65 سنة من عمره، ففيها حياته ولم يعد يتذكر ملامح العالم الخارجي عنها_ كما يذكر_.
على الرغم ان فيها عالمه إلا أن البرماوي لم يعد يستطع التكيف على مشكلاتها المزمنة، والتي تتلخص في عدم كفاية الأغذية المقدمة من المستعمرة، وتحديدًا أرغفة الخبز المقدمة، والتي يصل عددها إلى ثلاثة أرغفة فقط، لكنها لا تضمن نُدرة العقاقير المعالجة له حيث أن جميع الأدوية يحصل عليها بالمجان.
رغم أنه يفضل البقاء في المستعمرة كونه لا يتعرض بها للتنمر فكل سكانها يعانوا نفس مشكلته، لكنه يأمل تحسين بنيتها التحتية وتحسين مظهر مبانيها، التي يصفها بـ " قبر يضم الأحياء" فالمباني المتهالكة توحي لهم أنها عبارة عن مدافن تمهد لوفاتهم من افتقارها للحد الأدنى من الجمال والسلامة، فالعنبر الذي يعيش فيه منذ دخوله لم يتغير فيه شيء لعقود.
المديرة السابقة لمستعمرة الجذام: الدعم الشعبي ليس كافيًا وتدخل الدولة للتطوير أمر يشاد به
شكوى برماوي لسيت كيدية أو فردية، حيث تذكر الدكتورة أحلام سعد الدين لـ" الدستور"،وهي المديرة السابقة لمستعمرة الجذام بأبوزعبل، قالت إن نزلاء المستعمرة 640 مريضًا منهم 385 مريضًا يقيمون بشكل دائم وجميعهم يعاني من ذات المشكلات، حتى من يقيموا في منطقة «عزبة الصفيح» المجاورة للمستعمرة، ويترددون عليها بشكل متواتر للحصول على العلاج والغذاء الخاص بهم، وتذكر أن جميع نزلاء المستعمرة يعانون من مضاعفات الجزام، وليسوا مرضى ينقلون لغيرهم العدوى كما يدعي البعض، والسبب وراء ذلك هو افتقار المستعمرة للادوية والأجهزة الطبية.
وتشير إلى ان القائمين عليها كانوا يحاولوا تعويض ذلك عن طريق التواصل مع الجمعيات الأهلية والمجتمع المدني لدعمهم، وكانت هناك حملات شعبية يقودها بعض الشباب على مواقع التواصل الإجتماعي لجمع التبرعات وتوفير اللازم من الأدوية والأجهزة الطبية، وأيضا أجهزة التكييف والمراوح وغيرها من النواقص التي كانت تعاني منها المستشفى، أو اكتفاء البعض لايداع التبرعات في الحساب البنكي للمستعمرة.
لكن كل هذا لم يوفر بعض الأساسيات التي يحتاجها المرضى لتيسير إقامتهم والتعجيل من شفائهم، كأتوبيس لنقل الأطباء والعاملين بها نظرًا لبعد مكان المستعمرة كي لا يتكاسلوا في الذهاب إليهم، وأيضا بحاجة إلى نقطة إسعاف ثابته لنقل أي مريض يتعرض لمضاعفات نظرا لبعد المسافة بين المستعمرة وأقرب مستشفى، أيضا هناك عجز في سكن الأطباء والتمريض البالغ عددها 40 وحدة فقط في حين يصل عدد أعضاء أطقم الأطباء والتمريض 160 فردًا، وحينما علمت بتوجه الدولة لتطوير المستعمرة، أثنت "سعد الدين" هعلى ذلك لانها سيحي مئات المرضى بشكل أفضل حتى لو كانوا قاربوا على الوفاة.
منسق صندوق التطوير العقاري: تكليف رئاسي لمنح سكان المستحمرة حياة كريمة تليق بهم
وعن تفاصيل خطة التطوير، يذكر إيهاب الحنفي منسق صندوق التنمية الحضارية، إن تكليفًا رئاسيًا ورد إلى الصندوق لبحث وضع مستعمرة الجذام بمحافظة القليوبية، التي تصل مساحتها إلى 262 فدانًا، وذلك لمنح نزلائها حياة كريمة ضمن خطة الدولة لمنحها لأكثر من 100 مليون مصري ومرضى الجذام جزء من نسيجهم.
وأكمل "صديق" أن المستعمرة عانت لسنوات الإهمال والنسيان الشيدين ، ورغم مساحتها الكبيرة إلا انها مهدرة حيث تضمن المستشفى "عنبر رجالي وآخر حريمي"، لكن لم يحدث لها أي تطوير منذ عام 1933، أي 88 عامًا، وهو ما آن تغييره.
وأوضح الحنفي، أن بحث الأوضاع يشمل كل أوضاع المنطقة وليس المستشفى فقط، لافتًا إلى أن المستعمرة تضم عزبة الشهيد عبد المنعم رياض ومقلب نفايات، ورغم أن جميع المناطق العشوائية المحيطة بها قد تطورت في السنوات الماضية إلا انها ظلت كالسرطان يخشى المسؤولين الاقتراب منه.
وأشار إلى أن المرحلة الحالية تشهد إجراء عملية رفع مساحي للمنطقة بأكملها، من أجل تحديد المشكلات أولًا، ومن ثم تحديد طرق الحل الخاصة بها، مؤكدًا أنه يتم إجراء حصر للسكان في المنطقة وللأراضي الزراعية بها.
ونوه بأن هذه الجهود تأتي في إطار التطوير العمراني وليس تطوير العشوائيات، مشيرًا إلا أن مساهمة المجتمع المدني لا تزال ضرورية، وحينما أعلن الصندوق عن نيته للتطوير ساهم عدد من رجال الاعمال والأطباء بالتبرعات لدعم الخطة.
وكان المهندس خالد صديق رئيس صندوق التنمية الحضرية، مع عبد الحميد الهجان محافظ القليوبية، بديوان عام المحافظة، لمناقشة تطوير منطقة مستعمرة جذام بأبو زعبل بمنطقة الخانكة، وزارا المستعمرة حيث صرّح، بأنه سيتم تطوير المنطقة كاملة وتوفير جميع المرافق، كما تم الاتفاق مع محافظ القليوبية على ضرورة التنسيق الكامل لسرعة الرفع المساحى للمنطقة و ضع تصور لما هو قادم .