الكيف الحلال.. «الدستور» تفتح ملف البن المغشوش في مصر
يعد فنجان القهوة هو تلك الأفيونة الحلال التي يدمن تناولها الكثيرون، والتي دونها لا يستطيعون بدء صباحهم، ولا ممارسة نشاطهم، بل وبعضهم دونها يتحولون أشخاصًا مختلفين يسيطر على مشاعرهم التوتر والانفعال، ولما ما لفنجان القهوة من شعبية كبيرة، لم يٌرحم هو الآخر من استخدام بعض تجاره والعاملين بطحنه لوسائل الغش المختلفة لتحقيق مكاسب ربحية محرمة مستغلين بذلك شعبيته الكبيرة، وكذلك الارتفاع النسبي في أسعاره.
الأمر تبين بعد ضبطيات مطاحن البن المغشوش المختلفة، والتي كان آخرها ضبط الأجهزة الأمنية بمديرية أمن القليوبية لمصنع لإنتاج وتعبئة "البن" كائن بدائرة مركز شرطة الخانكة بالقليوبية، لإدارته المصنع "بدون ترخيص" وحيازة كميات من البن المغشوش والمقلد والذي استخدم خامات "مجهولة المصدر" ورديئة وسابقة الاستخدام، وكذلك معاد تدويرها وخالية من أي بيانات أو مستندات تفيد مصدرها، فضلاً عن استخدام علامات تجارية غير مسجلة.
في هذه السطور نفتح ملف غش فنجان القهوة في مطاحن البن مجهولة الهوية، وذلك من خلال تواصلنا مع كبار صناع هذا الكيف الحلال "البن"، وعشاقه، وكذلك الأجهزة الرقابية التي تكشف هذا الغش.
عامل بأحد مطاحن البن: القمح يعطي كثافة ويوهم “بالوش”
سعيد أحمد عامل بأحد مطاحن البن المعروفة بحي الدقي يقول "للدستور" إن هناك طرق عدة يستخدمها بعض معدومي الضمير لغش البن، موضحًا أن أغلبهم هم من أصحاب مطاحن "تحت بير السلم" حيث لا يمكن لمطاحن معروفة وذات أسماء شهيرة أن تضحي بسمعتها من أجل الحصول على مكاسب مادية، تخسر أمامها زبونها القديم.
استطرد سعيد ذاكرًا بعضًا من تلك الوسائل بقوله "البعض يضع على البن قمحًا أو أرزًا وكذلك قد يضع الكثيرين قشر الفول السوداني، مشيرًا إلى أن إضافة القمح تحديدًا على البن تجعله يتحول إلى دقيق عند الطحن، وبالتالي تساعد على زيادة كثافة البن، مما يسهم بذلك في عمل "الوش"، مما يجعل المواطن يُخدع بكونه بنًا أصليًا.
عامل بمطحن: أغلب المقاهي الشعبية تستخدم المغشوش
كذلك أوضح أحمد عبد اللطيف أحد عمال مطحن أخر شهير بحي بولاق أن عشاق القهوة الأصلي لا يمكن خداعهم بسهولة بالبن المغشوش، مشيرًا إلى أن مذاق البن المغشوش يظهر بوضوح للشخص الذي اعتاد على شرب القهوة الأصلية، فلا يمكنه تقبله لما يشعر به من تغيير كبير في الطعم.
وتابع أحمد أن أغلب المقاهي الشعبية هي في الحقيقة لا تستخدم سوى ذلك البن المغشوش الذي تشتريه من مطاحن مجهولة المصدر بغية التوفير وتحقيق المكاسب المادية نظرًا لارتفاع أسعار البن الأصلي نسبيًا، وهو ما يتوافق مع القدرات المادية لمعظم سكان المناطق الشعبية" زباين القهاوي الشعبية ما تقدرش تدفع فلوس كتير في فنجان قهوة علشان كدة القهاوي مش هتستخدم بن أصلي" - يقولها أحمد.
خبير صناعة البن: البن المغشوش يرقد في أسفل فنجان القهوة
كذلك أكد حسين الأمير أحد خبيري صناعة البن بواحدًا من أكبر المطاحن المعروفة في حي مدينة نصر بالقاهرة أنه يمكن للزبون معرفة القهوة المغشوشة، وتفريقها عن الأصلية بسهولة، حيث أنه عند استخدام بن مغشوش فيجد أنه سرعان ما يتلاشى وجه القهوة، أو الطبقة العليا منها، تلقائياً بعد بضع ثوان من عمل الفنجان.
ويتابع أنه كذلك عند تناول الرشفة الأولى يستطيع متناول القهوة أن يٌلاحظ أن جميع المكونات قد رقدت أسفل الكوب الزجاجي، مكونة ما يشبه ترابية ممزوجة بالطين، وأن لونها أصبح شفافاً.
أما عن الطعم فيضيف الأمير أنه قد لا يمكن لمتناول فنجان القهوة تحديد ما تم إضافته على البٌن المستخدم، ولكنه فقط يشعر بتغيير في الطعم يشبه المرارة والاختفاء لمذاق البن، وحينها عليه أن يتأكد أن القهوة التي يتناولها استخدم بها بنًا مغشوشَا.
رئيس الاتحاد النوعي لجمعيات حماية المستهلك: على المواطنين الشراء من أماكن معروفة
الدكتورة سعاد الديب رئيس الاتحاد النوعي لجمعيات حماية المستهلك أوضحت "للدستور" أن هناك الكثير من مطاحن البن غير المرخصة والتي تعمل "تحت بير السلم" مشيرة إلى أنه من الصعب الوصول إلى هذه المطاحن إلا في حالات الإبلاغ عنها خاصة أن تلك المطاحن في الغالب تستخدم عبوات مزيفة طٌبعت عليها أسماء كبرى علامات مطاحن البن في مصر والوطن العربي.
لذا ناشدت الديب المواطنين أنه في حال اكتشاف أي مواطن لأيًا من المطاحن غير المرخصة، أو التي تنتج بنًا مغشوشًا أن يبلغ الجهاز، وفوق ذلك يجب على المواطنين ألا يلجأوا إلى الأماكن المجهولة لشراء البن منها بل عليهم الشراء من الأسماء الشهيرة في مجال صناعة البن والتي من الصعب أن تغامر بسمعتها وزبائنها من أجل تحقيق بعض المكاسب المادية الزائفة.