«الزهرة النيرة».. ترنيمة عصرية نبتت من جذور تراثية

منذ أيامٍ قليلة مَضَت، أصدرت المرنمة رشا جميل ترنيمتها الجديدة "الزهرة النَّيرَة" وهى ترنيمة عن ألقاب السيدة العذراء مريم من كلمات الشاعر رمزي بشارة، وقد تفاعل معها جمهور السوشيال ميديا وعرضتها بعض القنوات الفضائية المسيحية مثل قناة أغابي.

وفي تصريحٍ خاص أعلن الشاعر رمزي بشارة أن هذه الترنيمة تَحَوَّلت إلى ترنيمة تراثية من اليوم الأوَّل لمولدها، فهي مكتوبة على لحن كَنَسي هو لحن الإبصاليات الآدام السَّنَوي، مما ساهم في انتشارها وسَهَّل من حِفظها وترديدها في الكنائس، كما أن الترنيمة تصدت للإجابة عن بعض الاسئلة اللاهوتية الهامة، فكثيرًا ما نسمع البعض يتَّهم الأقباط بأنهم أخذوا مجد السيد المسيح وأعطوه للعذراء مريم، وهو الذي قال "مجدي لا أُعطيه لآخر ولا تسبيحي للمنحوتات" (إش 42 : 8) فكيف يقول السيد المسيح عن نفسه انه الكرمة "أَنَا الْكَرْمَةُ وَأَنْتُمُ الأَغْصَانُ. الَّذِي يَثْبُتُ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ هذَا يَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ، لأَنَّكُمْ بِدُونِي لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَيْئًا" (يو 15 : 5)

ونجد الأقباط قد سَمُّوا السيدة العذراء مريم بـ "كَرمَة"!
كيف يقول المسيح عن نفسه أنه الحياة "أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ" ويُطلق الأقباط على السيدة العذراء مريم لقب "باب الحياة"!

لذلك ففي ترنيمة "الزَّهرة النَّيرة" أردت أن أطرح إجابات على هذه الأسئلة وغيرها، فالسيد المسيح كثيرًا ما يمنحنا بعضًا من ألقابه ونحنُ خليقته.. فقد قال عن نفسه: "أنا هو نور العالم" ولكنه قال أيضًا لتلاميذه: "أنتم نور العالَم" قال عن نفسه: "أنا هو الراعي الصالح" 
ونجده قد قال في العهد القديم "وأعطيكم رعاة كحسب قلبي" 
ويقول القديس بطرس: "ارعوا رعية اله التي بينكم" 
فالسيد المسيح هو الراعي بالمعنى المُطلق للرعاية هو "ضابط الكل" 
والبشر عندما يُصبحون رعاةً فبمعنى المُفَوَّضون من الله لرعاية المؤمنين وتدبير أمورِهم. المسيح هو النور بالمعنى المُطلق للكلمة، أما المؤمنين به فهم يستمدون منه النور فيستنيروا ويُنيروا لمن حولهم، هكذا السيدة العذراء، لُقِّبَت بالكرمة في إشارة إلى ولادتها العَذراوية للسيد المسيح مثل الكرمة التي أثمرت وَوُجِدَ فيها عُنقود الحياة "وهو المسيح" دونَ أن يُفَلِّحها أحد أي دون زواج، وهي باب الحياة لا لأنها مصدر حياة الناس، لكن لأن السيد المسيح " الحياة والحَي والمُحيي" أتى مِنْها إلى العالَم حين تَجَسَّد عندما أصبح الزمان مُتَهَيِّئًا لاستقباله الوقت المعروف بـ "مِلء الزمان"

كما تطرقت أيضًا للجدل حول لقب والدة الإله، فهو لقب "صادم" وأنا ألتمس العذر لمن يعترض عليه ولا يستوعبه، لذلك أوضحت أن حاشا للسيدة العذراء ان تكون أُمًّا لله مِن جهة اللاهوت، فهي مخلوقة وبشرية وتحتاج للخلاص مثل سائر البشر وقد اعترفَت باحتياجها للخلاص حين قالت في تسبحتها الخالدة: "ولتبتهج روحي بالله مُخَلِّصي" 
 

لكنها أم الله "المتجسد" وهذا هو إيمان المسيحية لا أن الله هو المسيح ابن مريم بمعنى أن السيد المسيح وُلِدَ كإنسانًا عاديًّا ثم تَحَوَّل إلى إله! وحاشانا أن نؤمن بذلك فالإنسان لا يستطيع أن يتأله لكن الله كُلِّي القدرة يستطيع أن يتأنس إذا أراد ويستطيع أن يظهر في صورة إنسان إن أراد، وقد أراد وتجسد من العذراء مريم وخَلَّص البشرية لذلك فالله ليس هو المسيح ابن مريم لكن المسيح هو الله الظاهر في الجَسَد، والفرق بين القولين كبيرٌ وخطير، وقد شهدت القديسة آليصابات والدة يوحنا المعمدان لسر التقوى، هذا السر العجيب الذي تقف العقول أمامه مُتَحَيِّرَة، حين قالت مُخاطبة السيدة العذراء: "فَمِنْ أَيْنَ لِي هذَا أَنْ تَأْتِيَ أُمُّ رَبِّي إِلَيَّ؟"
 

وقد تَحَرَّك يوحنا المعمدان وهو ما يزال جنينًا في بطن أمه آليصابات ساجدًا للسيد المسيح الذي كان ما يزال جنينًا في بطن أمه مريم المُطَوَّبَة، كما أنه مالىء المسكونة وغير محدود ولا يخلو منه مكان أو زمان، 
وقد قمت بتجميع ألقاب "جديدة" مُعظمها لم يُستَخدم في ترانيم أو مدائح قبل مديح "الزهرة النيرة" مُعظمها ألقاب من قِطَع الأجبية وهو كتاب الصلوات السبعة التي يُصليها الأقباط يوميًّا، وهذه الألقاب مثل: الزهرة النيرة غير المُتَغَيِّرَة، الأم الباقية عذراء، سور الخلاص، باب الحياة، الكرمة التي لم يُفَلِّحها أحد وَوُجِدَ فيها عُنقود الحياة كما نقول في لحن البركة الذي يُرَنَّم في نهاية رفع بخور باكر وقبل صلوات السواعي وفي طقس تقديس الميرون وفي تكريس الكنائس الجديدة وأيضًا في ليلة سبت الفرح.

وأنهيت الترنيمة أو لِنَقُل "المديح" بجُملة تُقال في نهاية القطع الثالثة من صلاة باكر "فاسأليه أن يعطى الخلاص للعالم الذي خلقه، وأن يُنَجِّيه من التجارب" وأنهى رمزي بشارة حديثه بترحيبه بأن تقوم الكنيسة بضمها لمدائح شهر كيهك والمعروف بالشهر المريمي.

الزهرة النيرة رنمتها رشا جميل وخورس من الشمامسة ووزعها بيشوي صفوت وقام بعمل الميكساج والدجيتال ماستر لها روبيرت كمال، وهي من إنتاج شركة كيرماري م. وائل بهيج، وكتبها وكان المنتج الفني لها الشاعر رمزي بشارة.