«الأزهر» يرد على مزاعم المتطرفين حول مفهوم الهجرة النبوية
قال مرصد الأزهر، إن منظري الفكر المتطرف حاولوا توظيف الهجرة النبوية لمصالحهم المنحرفة، وخدمة أيديولوجياتهم، وهو ما دعا إليه البغدادي في حديثه بمدينة الموصل سنة 2014، حيث حاول استغلال مفهوم الهجرة لخدمة دولته المزعومة، مدعيًا أن العالم كله أصبح "دار كفر" إلا ديارهم.
وتابع المرصد أن "تنظيم (داعش) الإرهابي يوجب الخروج من كل البلدان إليهم، وهذا عين ما أسس له أبو بكر البغدادي، زعيم التنظيم في أحد تسجيلاته قائلًا: إن الهجرة أصبحت فرض عين على كل مسلم، مستدلًا على هذا بقوله تعالى: وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّـهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّـهِ، وَكَانَ اللَّـهُ غَفُورًا رَّحِيمًا" وكذلك بحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا تنقطع الهجرة ما قوتل الكفار".
ويفند المرصد هذه الادعاءات التي يروجها تنظيم "داعش الإرهابي" والتي تدل على تخبطه وفهمه الخاطئ، إذ يستشهد بالشيء في غير محله ويسقط النصوص الشرعية على وقائع لا تمت بصلة إلى الأسباب الحقيقة التي نزلت من أجلها تلك النصوص. فقوله تعالى: "ومن يهاجر في سبيل الله..." فقد ورد في سبب نزول هذه الآية أن الله تعالى لما أمر المسلمين بالهجرة إلى المدينة المنورة ظل بعض المسلمين في مكة ولم يهاجر، فكثَّر سواد المشركين، فأمرهم الله تعالى بالهجرة مثل إخوانهم، فخرج أحدهم مهاجرًا لكنه مات قبل أن يصل إلى المدينة فأنزل الله تلك الآية.
أما بالنسبة للحديث فقد اقتطعوه من سياقه وتجاهلوا معناه وشروحه لدى العلماء المتخصصين، فقد ذكر شرف الدين المُناوي شرطًا مهما للهجرة من أرض إلى أرض فقال: "إنما تكون الهجرة من دار الحرب" أي أن الهجرة تكون ممكنة عند قيام الحرب على المسلمين في أي بلد. بينما بيَّن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن الهجرة قد مضت وأبواب الخير لا تقف عندها، فقال لمن جاء يبايعه على الهجرة: "إن الهجرة قد مضت لأهلها، ولكن على الإسلام والجهاد والخير".
وأكد المرصد أن المتطرفين لم يقفوا عند حد من الحدود في جناياتهم على كل ما يتعلق بالهجرة ومن ذلك تنزيل مدينتهم منزلة مدينة رسول الله فكتبوا سلسلة من المقالات التي كانوا يحاولون فيها عبثا إثبات ذلك الزعم الخاطئ والمغلوط.
واعتبر تنظيم "داعش" الإرهابي مدينته بمنزلة مدينة النبي صلى الله عليه وسلم! ولا ندري أنسي التنظيم الأحاديث التي فضَّلت المدينة على غيرها، أم أن لديه محدثين يحدثونهم بأحاديث جديدة، فينزلوا أماكنهم المليئة بالدماء وهتك الأعراض، بمنزلة مدينة طاهرة مطهرة برسول الله صلى الله عليه وسلم.
وبين أن المتطرفين لم يتركوا أمرًا إسلاميًّا إلا وجنوا عليه، بل وحاولوا جذبه لخدمة أغراضهم. ويؤكد مرصد الأزهر لمكافحة التطرف أنه لا ينبغي أبدا ألا ينخدع البعض بهذه الكلمات الرنانة التي يستقطب بها التنظيم أتباعه، ولا يجعلوا أنفسهم لعبة في يد هؤلاء المتطرفين، وللأسف فإن بعض الشباب قد انخرطوا مع ذلك التنظيم في واقع لا يستطيع التراجع منه خطوة للخلف.
كما ينوه المرصد إلى أن المتطرفين يستغلون أبواب السيرة النبوية لصالح أفكارهم الخبيثة، فيجنون على أحداثها ويقتطعون سياقاتها موهمين القارئ أن ما يفعلونه هو عين السيرة، والحقيقة كما بينّا خلاف دعواهم، فسيرة النبي العطرة بريئة مما ينسبونه إليها من أمور، فإن أحداث السيرة تحث على معاني التسامح والترابط المجتمعي، وتهدف إلى طرق أبواب الأخوة الإنسانية.