في ذكرى رحيله.. محمود درويش يكشف التجربة الأصعب في حياته الشخصية
13 عامًا مرت على رحيل الشاعر الفلسطيني محمود درويش، الذي وافته المنية في 9 أغسطس لعام 2008، بعد إجرائه لعملية قلب مفتوح بالولايات المتحدة الأمريكية، تسببت في إصابته بغيبوبة، مما أدت إلى وفاته، بعد أن قرر الأطباء نزع أجهزة الإنعاش بناءً على وصيته.
ظل اسم محمود درويش مرتبطًا بشعر الثورة والوطن طوال حياته الإبداعية، إلى أن أصبح أحد أهم الشعراء الفلسطينيين والعرب والعالميين، فضلًا عن دوره الكبير في تطوير الشعر العربي الحديث، وبين كل المراحل التي مر بها خلال مسيرته الأدبية كانت له اهتمامات بعدد من القضايا كالقضية الفلسطينية والوعي الثوري، وغيرها من الأمور التي تناولها في نصه الشعري.
وفي حوار قديم له بمجلة "أفكار" بعددها رقم 279 الصادر بتاريخ 1 أبريل 2012، تذكر التجربة الأصعب في رحلته، باعتباره شاعرًا وإنسانًا استطاع أن يلفت نظر العالم إلى قضية وطنه، قائلًا: عندما أسأل عن التجربة الأكثر مرارة ومأساوية إذن ها هي ستون عامًا من تلك التجربة، وعليّ أن أقول في الحقيقة أن أيام النكبة (يوم النكبة لفلسطين ويوم الاستقلال لليهود) أيام العثرات والتراجيديا الفلسطينية.. أصعب مأساة منذ عام 1948.. إنها الأيام الأصعب.. أصعب لحظات حياتي.. وسوف تبلغ الستين عامًا في هذا الأسبوع، وهي تتضمن شيئين؛ إنهما قضيتان، ولكنهما حقيقة واحدة. إن أعداد كبيرة من الإسرائيليين يرقصون محتفين بمرور ستين عامًا على وجود الدولة الإسرائيلية، وهم بالطبع ينظمون أكبر الاحتفالات ويغنون ويستمتعون.. هكذا يقرأون هم التاريخ، وهكذا يفهمون هذا التاريخ، تاريخ التتويج على العرش وإعلان دولتهم.
وتابع: من الجهة الثانية فإن هذا التاريخ هو الأكثر ألمًا للفلسطينيين اليوم الذي توقفنا فيه أن نكون في التاريخ، عندما تم إخراجنا من خارطة التاريخ، وكان ذلك بداية الدياسبورا، وتشريد الشعب الفلسطيني، والقضاء المطلق على الفلسطينيين، وكل الآثار الثقافية للفلسطينيين، والتطهير العرقي لهم، وتصفية الحساب النهائي معهم، ومنذ تلك الأيام، وفي مثل هذا العام قضي على الكائن الفلسطيني، قبل ستين عامًا كان لي من العمر ستة أعوام عام 1948، عشت في قرية جميلة فاتنة محاطة بالحقول، تحت أجمل سماء في العالم.. السماء الفلسطينية وفي بيت محاط بالأزهار والأشجار، وترعرعت في تلك الخرافة متحدثًا مع الفراشات والنجل وكل ما هو حي، ووسم قريتي هذه ووجودي في فلسطين.
وأضاف: كنت أحلم مثل كل الأطفال أن أطير مع تلك الفراشات، وأن أتلذذ بهذه الحرية، وانتهى كل ذلك، وتوقف في ليلة واحدة فقط.. في ليلة من تلك الليالي الوادعة العادية للسكان والفلاحين، تحولنا إلى درجة ثانية من البشر، وربما أقسى درجات الكون، وهم المشردون.. هذه حكايتي الشخصية، ولكنها في الوقت نفسه هي الحكاية الكاملة لشعبي.