الكنيسة اللاتينية: «عندما تكون النّفس مستنيرة بالإيمان يمكنها أن تتخيّل الله وتتأمّله»
ترأس الأنبا كلاوديو لوراتي، مطران الكنيسة اللاتينية بمصر، احتفالات الكنيسة على مدار اليوم بمناسبتي تذكار القدّيس كيتانُس الكاهن وهو ولد في مدينة فيشنسا في سمال ايطاليا، عام 1480. درس الحقوق في بادوفا ثم استعد للكهنوت. عمل في الدوائر الرومانية. لكنه اهتم أيضاً بالعمل الرسولي، فأسس مع صديقه الكاهن "كَرافّا" جمعية رهبانية تتخصص في الوعظ والصلاة الليتورجية. وعرف الرهبان باسم Theatini نسبة الى اسم الأبرشية التي أصبح "كارافا" أسقفاً عليها. كان موظباً على الصلاة وممارسة المحبة تجاه القريب. توفي في نابولي عام 1547.
وثانيهما هو تذكار القدّيس سيكتُس الثاني، البابا ورفقائه الشهداء وهو انتخب اسقفاً على روما عام 257. وفي العام التالي، فيما كان يحتفل باليتورجيا الإلهية في مقبرة القديس كالستوس، القى الجنود عليه القبض بأمر من الامبراطور فاليريانس، مع أربعة شمامسة من كنيسة روما، وقُتلوا معاً في اليوم السادس من شهر آب.ودفنوا في المقبرة نفسها.
وتقرأ الكنيسة في مث تلك المناسبة قراءات كنسية متعدجة مثل: سفر تثنية الاشتراع 13-12.10a-4:6، و سفر المزامير 51b-51a.47.4-3b.3a-2:(17)18، و إنجيل القدّيس متّى 20-14:17.
ويقرأ الانبا كلاوديو لوراتي عظة القداس الاحتفالي المستوحاة من عظات القدّيس كيرِلُّس الذي عاش في الفترة (313 - 350)، وهو بطريرك أورشليم.
وجاءت عظة اليوم تحت شعار «آمِنوا بِٱلله»، ويقول خلالها :"إن كلمة "إيمان" هي واحدة غير أنّها تنطوي على معنى مزدوج. في الواقع، للإيمان ناحية تتعلّق بالعقائد وهي الموافقة على حقيقة معيّنة. وتعود تلك النّاحية بالفائدة على النّفس كما يقول الربّ: "مَن سَمِعَ كَلامي وآمَنَ بِمَن أَرسَلَني فلَه الحَياةَ الأَبَدِيَّة" (يو 5: 24)...
ويضيف: "ولكنّ الإيمان لديه ناحية أخرى وهو ذاك الإيمان الذي يمنحنا إيّاه الرّب يسوع المسيح مجانًا كهبة وعطيّة روحيّة. "فلأَحَدِهم يوهَبُ بالرُّوحِ كَلامُ حِكمَة، ولِلآخَرِ يوهَبُ وَفْقًا لِلرُّوحِ نَفْسِه كَلامُ مَعرِفَة، ولِسِواهُ الإِيمانُ في الرُّوحِ نَفْسِه، ولِلآخَرِ هِبَةُ الشِّفاءِ بِهذا الرُّوحِ الواحِد" (1كور 12: 8-9). وبالتّالي، هذا الإيمان الذي يوهَب لنا كنعمة من الرُّوح القدس هو ليس فقط إيمانًا عقائديًا بل لديه القدرة على صنع أمور تتخطّى القوى البشريّة. ومن كان يملك هذا الإيمان وقال "لِهذا الجَبَل: اِنتَقِلْ مِن هُنا إِلى هُناك، فيَنتَقِلا"، لأنّه عندما يقول ذلك بإيمان، "وهو لا يَشُكُّ في قَلبِه، بل يُؤمِنُ بِأَنَّ ما يَقولُه سيَحدُث" (مر 11: 23)، يحصل على ما يطلبه بالنّعمة. ولقد قيل عن هذا الإيمان نفسه: "إِن كانَ لَكم مِنَ الإِيمانِ قَدْرُ حَبَّةِ خَردَل". فحبّة الخردل صغيرة جدًّا ولكنّها تحمل طاقة ناريّة في داخلها. "هيَ أَصغَرُ البُزورِ كُلِّها، فإِذا نَمَت كانَت أَكبَرَ البُقول، بل صارَت شَجَرَةً حتَّى إِنَّ طُيورَ السَّماءِ تَأتي فتُعَشِّشُ في أَغصانِها" (مت 13: 32). وهكذا أيضًا حال الإيمان، فهو يعمل في النّفس أكبر الإنجازات بومضة عين.
وتختتم: "وعندما تكون النّفس مستنيرة بالإيمان، يمكنها أن تتخيّل الله وتتأمّله قدر المستطاع. وهي تعانق حدود الكون وقبل نهاية الأزمنة، تكون قد عاينت اليوم الأخير وتحقُّق الوعود. إذًا، فليكن لديك أنت أيضًا ذلك الإيمان الذي يعتمد على الله وينقلك إليه، عندها سوف تنال منه ذاك الإيمان الذي يعمل ما يتخطّى القوى البشريّة".