مصر والجزائر.. تاريخ وتعاون مشترك يسجل بطولات وملاحم وطنية
عكست الزيارة المهمة التي أجراها وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة إلى القاهرة، مدى عمق العلاقات المصرية الجزائرية، خاصة مع تأكيد الأخير على أن ملفات المغرب والمشرق العربيين وملفات القارة الإفريقية تتطلب التنسيق والتشاور مع مصر، مؤكدًا أنه يغتنم دائمًا كل الفرص سواء على هامش الندوات الدولية أو الاجتماعات لتكريس سنة التشاور والتنسيق مع مصر خاصة مع توجيهات الرئيس عبد المجيد تبون بأن تكون مهمة الوزير الأولى هي زيارة البلدان الشقيقة والصديقة.
صفحات التاريخ تشهد على عمق العلاقات المصرية - الجزائرية
على صعيد العلاقات التاريخية والسياسية بين الدولتين، تشهد صفحات التاريخ على بطولات وملاحم وطنية عربية سعيًا للاستقلال من الاستعمار، وقفت مصر بجانب الجزائر في ثورته العظيمة في مواجهة المستعمر الفرنسي في خمسينيات القرن الماضي.
وكان دعم المصريين شعبًا وقيادة لا ينقطع قبل واثناء وبعد اندلاع الثورة التحريرية في الجزائر فاللمسات الأخيرة لاندلاع الثورة كان تكتب سطورها هنا في القاهرة من خلال لجنة الستة ومجلس قيادة الثورة المصري وهو ما أسفر عن إطلاق جبهة التحرير الوطني وجيش التحرير الوطني، ما سبق كانت أحد أبرز الأسباب في شن فرنسا وإسرائيل وبريطانيا العدوان الثلاثي ضد مصر في 1956.
وهو ما أكده وزير الخارجية الجزائري في تصريحات صحفية حيث قال: أنقل من "تبون" رسالة مودة وإخاء، وتشديد الالتزام بهذه النوعية بعلاقات البلدين، التي دائما وأبدا يربطها الجزائريون من كل الأجيال بملحمة التحرير، عندما وقفت مصر الشقيقة ووقف الشعب المصري إلى جانب الثورة الجزائرية، وقدمت مصر الكثير من أجل نصرة الجزائر في كفاحها المشروع من أجل استرجاع حريتها واستقلالها.
فنيًا وثقافيًا.. الجزائر ومصر احترامًا متبادل وأبواب مفتوحة
وهناك نماذج لا تنتهي من التعاون المصري – الجزائري، أبرزها هو تلحين النشيد الوطني الجزائري "قسمًا" الذي كتبه الشاعر الثوري مفدى زكريا ولحنه الموسيقار المصري محمد فوزي وكذلك الأفلام والسينما المصرية التي مجدت العمل الثوري في الجزائر في عدة أعمال أبرزها "جميلة بوحريد" للفنانة والمنتجة ماجدة الصباحي وأخرجه العبقري الراحل يوسف شاهين.
وكعادة الشعب الجزائرى والثقافة الجزائرية كانا حاضرين في جميع الأوقات فاتحين أبوابهم لكبار الفنانين المصريين، فرحبوا بوجود الشيخ إمام الملحن الكبير وشاعر العامية المصرية الراحل أحمد فؤاد نجم، حيث عاشا في الجزائر سنوات عديدة وسط حالة من الاحتفاء من الشعب الجزائري.
وكذلك كل فنان مصري يجد في الجزائر استقبال حافلاً، وهو ما ينعكس بشكل طبيعي في مصر حيث نجد أن شعبية المطربين الجزائريين وعلى رأسهم الشاب خالد لا تختلف عن شعبية المطربيين المصريين وهو ما ظهر واضحًا في تقديمه للأغنية الدعائية لمؤتمر الشباب 2017.
الجزائر دعمًا لا ينتهي لمصر ودورًا مجيدًا في حرب أكتوبر 73
وكما كانت مصر، لم تتأخر الجزائر عن إعلان تأييدها للشعب المصري ودعمه في أصعب المحن، ففي نكسة 1967 و نصر 1973 كان للجزائر دورًا واضحًا ومشرفًا في دعم الشعب والقيادة المصرية، فلا ينسى التاريخ دور "فيالق الجيش الجزائري" التي وقفت كتفًا بكتف مع الجيش المصري في الصفوف الأولى وامتزاج دماء شهداء الجزائر بشهداء مصر في رحلة تحرير أرض الفيروز – سيناء – لتكتب بحروف من نور صفحات مجيدة من التضحية في سبيل تحرير الأوطان.
الرئيس الجزائري السابق هواري بومدين كان له دورًا بارزًا في حرب أكتوبر، فيسجّل التاريخ دوره في توفير السلاح السوفيتي لمصر بعد أن طلب من الاتحاد السوفيتي شراء طائرات وأسلحة لإرسالها إلى المصريين عقب وصول معلومات من جزائري في أوروبا قبل حرب أكتوبر بأن إسرائيل تنوي الهجوم على مصر، وباشر الرئيس الجزائري اتصالاته مع السوفيت لكنهم طلبوا مبالغ ضخمة فما كان من الرئيس الجزائري إلا أن أعطاهم شيكا فارغا وقال لهم أكتبوا المبلغ الذي تريدونه، وهكذا تم شراء الطائرات والعتاد اللازم ومن ثم إرساله إلى مصر.
وقد أمدت الجزائر مصر بـ 96 دبابة و32 آلية مجنزرة و12 مدفع ميدان و16 مدفع مضاد للطيران وما يزيد عن 50 طائرة حديثة من طراز ميج 21 وميج 17 وسوخوي 7.
وشهدت العلاقات تطورا بشكل ملحوظ بعد حرب أكتوبر المجيدة فتشكلت صفحة مضيئة من تاريخ التعاون بين الدولتين، وأصبحت العلاقات المصرية الجزائرية أساسًا صلبًا تعتمد عليه كافة الدول العربية في بناء علاقة إستراتيجية بين العرب والأفارقة لما شكلته العلاقات الثنائية المتينة بين الدولتين.
واستمرارًا للعلاقات المتميزة أكد من قبل الدكتور عمار بلحيمر وزير الاتصال الجزائري أن العلاقات ستشهد تطورًا ملحوظًا في التعاون السياسي والأمني والاقتصادي والأكاديمي والثقافي، بما يعكس الإرادة الإيجابية فى البلدين ويتم استثمار الإمكانات الكبيرة والقدرات العالية المتوافرة لدى الجانبين، بما يحقق المنافع المشتركة ويعود بالخير والازدهار على الشعبين الشقيقين، وهو ما تصر عليه قيادة الدولتان وتركز عليه الزيارات المتبادلة لكبار المسئولين.