«دنشواي 1906 والتأريخ الثقافى».. رسالة ماجستير بجامعة عين شمس
نوقشت رسالة ماجستير بقسم اللغة الإنجليزية "تخصص دراسات ثقافية" بكلية الألسن، جامعة عين شمس بعنوان: "دنشواي 1906 والتأريخ الثقافي: دراسة في نصوص مختارة مناصرة للإمبريالية ومناهضة لها"؛ مقدمة من الباحثة بسمة إبراهيم طه محمود المعيدة بالقسم، وتحت إشراف الدكتورة كرمة سامي، أستاذ الأدب بقسم اللغة الإنجليزية، كلية الألسن، جامعة عين شمس ومديرة المركز القومى للترجمة، والدكتورة هاجر هشام.
تكونت لجنة المناقشة من كل من: الدكتورة آمال علي إبراهيم مظهر، أستاذ الأدب بقسم اللغة الإنجليزية، كلية الآداب، جامعة القاهرة، والدكتورة كرمة محمد سامي فريد، أستاذ الأدب بقسم اللغة الإنجليزية، كلية الألسن، جامعة عين شمس، والدكتورة سمر محمد محمد عبدالسلام، أستاذ الأدب بقسم اللغة الإنجليزية، كلية الألسن، جامعة عين شمس.
تُعد حادثة دنشواي (1906) حادثة استثنائية في تاريخ الاحتلال البريطاني لمصر. تكمن استثنائيتها في برجلة أسس الاحتلال البريطاني في مصر متمثلة في استقالة اللورد كرومر بعد أربعة وعشرين عامًا من كونه معتمدًا بريطانيًا لمصر، بالإضافة إلى إعادة إحياء الحركة الوطنية المصرية التي أصابها الخمول منذ ثورة عرابي عام 1882. لا ينحصر أثر حادثة دنشواي على الاحتلال البريطاني في الحملات التي قادها مصطفى كامل ضد الاحتلال، وإنما يبرز كذلك في المعارضة القوية التي لاقاها الاحتلال من المواطنين الإنجليز الليبراليين أمثال: جورج برنارد شو، وويلفرد سكاون بلانت اللذان أدركا بدورهما وحشية الإمبراطورية في التعامل مع حادثة دنشواي فأبيا إلا أن يكشفا الوجه القبيح للاحتلال ويؤرخا للحادثة ثقافيًا في مجموعة من النصوص المختارة المناهضة للإمبريالية متمثلة في مقدمة مسرحية ويوميات وكتاب تاريخ لتسجيل الأحداث.
تنقسم الرسالة كالتالي: مقدمة عن التأريخ الثقافي، ثلاثة فصول عن نصوص مختارة مناصرة للإمبريالية ومناهضة لها تحلل حادثة دنشواي من ناحية التأريخ الثقافي. توضح مقدمة الرسالة أسس التأريخ الثقافي ومهمة المؤرخ الثقافي في تقصي أحوال ضحايا الماضي ودراسة آليات قمعهم. تشير المقدمة كذلك إلى مراحل تطور نظرية التأريخ الثقافي عبر التاريخ حتى ظهرت في شكلها البيني الحالي.
تتبع الرسالة نمطًا محددًا في عرض فصولها، إذ تبدأ بالتأريخ الثقافي المصري لحادثة دنشواي، متبوعًا بالتأريخ الثقافي الإنجليزي لها، مقسمة الأخير إلى نصوص مناصرة للإمبريالية وأخرى مناهضة لها. يتضح إذن أن الفصل الأول يتناول بالتحليل سردية أحمد شفيق باشا عن حادثة دنشواي في كتابه مذكراتي في نصف قرن وكذلك سردية وزارة الخارجية البريطانية متمثلة في إحدى الوثائق الرسمية للوزارة. علاوة على ذلك، يقدم الفصل قصائد مختارة لأحمد شوقي وحافظ إبراهيم وصلاح عبدالصبور وغيرهم إلى جانب عدد من المقالات الصحفية التي نشرتها جريدة اللواء في النصف الأول من القرن العشرين ومجموعة مختارة من الصور الفوتوغرافية تصور لحظة شنق أهالي دنشواي للمصور التركي مليك. كل هذه النصوص تُطبق عليها نظرية التأريخ الثقافي وثلاثية الحكي والإقناع وتأويل السرديات التاريخية.
يتعامل الفصل الثاني مع النصوص الإنجليزية المناصرة للإمبريالية وهي Modern Egypt, The Truthabout Egypt, Twenty Five Years، إلى جانب مجموعة من المقالات الصحفية المناصرة للإمبريالية جمعها أرشيف الصحافة البريطانية. يتضح في هذا الفصل علاقة الثقافة بالإمبريالية كما أوضحها إدوارد سعيد مؤكدًا أنهما متقاطعتان ومتشابكتان ولا يمكن فصلهما عن بعضهما البعض. إذن من خلال مفهوم البينية وعلاقة الثقافة بالإمبريالية تم تحليل النصوص المختارة.
يقدم الفصل الثالث قراءة طباقية غير تقليدية للنصوص التي أنتجتها حادثة دنشواي. يتضح ذلك من خلال النصوص المناهضة للإمبريالية التي يتناولها الفصل بالتحليل وهي: John Bull’s Other Island, Atrocities of Justice under British Rule in Egypt and My Diaries: Being a Personal Narrative ofEvents، إلى جانب عدد من المقالات الصحفية المناهضة للإمبريالية التي جمعها أرشيف الصحافة البريطانية.
أنتج النصوص السابقة سياسيون، وشعراء، وكتاب مسرح، وصحفيون بريطانيون؛ لا ينتمي كُتاب هذه النصوص إلى طبقة المهمشين المقهورين كما هو متعارف عليه في النقد المناهض للإمبريالية.
اختار هؤلاء المؤرخون الثقافيون أن يسبحوا ضد تيار الإمبريالية عندما أدركوا وحشيتها في التعامل مع حادثة دنشواي. وبالتالي تعرض المقدمة والفصول الثلاثة تحليل لحادثة دنشواي من ناحية التأريخ الثقافي لتثبت أن الحكايات التي تنتهي لا تنتهي ما دامت قابلة لأن تروى وأن قراءة التاريخ تحولنا من مروي عليهم إلى أشخاص فاعلين في التاريخ ورواة محتملين له.