عليّ الدين هلال: مشروع تطوير الريف هو نقله آدمية لملايين المصريين
نظمت مكتبة الإسكندرية، جلسة حوارية بعنوان «هوية مصر والتحديات الإقليمية والدولية» وذلك في إطار فعاليات ملتقى «مصر الغد: الجمهورية الجديدة نموذجًا»، لمناقشة الأبعاد المختلفة للجمهورية الجديدة في مصر وفلسفتها الحاكمة، اليوم الأربعاء، بحضور عددًا من الشخصيات العامة والأكاديميين والمتخصصين المعنيين بالموضوعات التنموية وإشكالياتها.
شارك في الجلسة الحوارية الدكتور عليّ الدين هلال، أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، بموضوع "الرؤية الاستراتيجية لعملية إعادة البناء"، والدكتور أحمد يوسف أحمد، أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة بموضوع "إعادة بناء الدولة المصرية في إقليم مضطرب"، بينما طرح السفير الدكتور محمد بدر الدين زايد، مساعد وزير الخارجية سابقًا، موضوع "تحديات إعادة بناء الدولة في إقليم مضطرب".
وقال الدكتور عليّ الدين هلال إن مصر بلد لديها حلم بناء الدولة الوطنية الحديثة وحلم التحديث والتطوير من بداية القرن التاسع عشر، وهناك عناصر مشتركة في هذا الحلم وهو الجيش الذي يعد مركز التطوير والتحديث، وزعيم يعتنق هذا الحلم ويسعى لتحققه من أجل شخصه ووطنه.
وأوضح «هلال» أن مصر في عامي 2013/ 2014 واجهت 3 تحديات كبري، الأول هو التطرف والانقسام والاستخدام المنظم للعنف والإرهاب، والتحدي الثاني هو سيادة منطق الجماعة على منطق الدولة، أما التحدي الثالث فهو ذوبان الهوية المصرية الوطنية في سياقات أكبر سواء دينية أو شرق أوسطية، مشيرًا إلى أن ما حدث لم يكن مجرد خلاف سياسي ولكن انقسام اجتماعي وتهديد للهوية المصرية.
وأكد على أن ما حدث في السنوات السبع هو خريطة جديدة لمصر، وعند النظر لما حدث نجد تطوير وإعادة بناء البنية التحتية لمصر من طرق وكباري بالإضافة إلى تطوير البنية التحتية البشرية وخلق موارد جديدة، موضحًا أن مشروع تطوير الريف المصري هو نقله آدمية لملايين المصريين في هذه القرى، ويجعل التغيير يحدث بشكل واقعي وليس في الأفكار فقط.
وأشار «هلال» إلى أنه لا يستطيع أحد أن ينكر التقدم الذي حدث للفئات التي كانت مهمشة؛ المرأة والشباب والأقباط والمصريين بالخارج وذوي الاحتياجات الخاصة، مما يثبت أن هناك تحولات جوهرية في جسد المجتمع المصري، مضيفًا "ولكن لست على ثقة أن ثقافة عموم الناس وقطاعات من النخبة تقبلت وتفهت ما تشهده مصر، وأجد تشكك ومعارضة وريبة".
وتحدث هلال عن التحديات التي تواجه التجربة المصرية الحالية، والتي تتضمن "إدارة التوقعات" إذ يرفع الإعلام من سقف التوقعات للمواطن بعيدًا عن الواقع الذي تعيشه مصر وتسعى القيادة السياسية إلى تغييره، بالإضافة إلى وجود تحديات عظمى لم تقتحم بالقدر الكافي مثل الزيادة السكانية والذي يتحدث عنها الرؤساء المصريين بداية من الرئيس جمال عبد الناصر وهذا معناه فشل الحملات وضرورة وضع حلول واقعية.
فيما قال الدكتور أحمد يوسف أحمد، إن هناك إنجازات ضخمة جرت في السنوات الأخيرة لا يستطيع أن ينكرها أحد، ولكن المعضلة أنها تجري في بيئة إقليمية شديدة الإضطراب وتهديدات تأتي من كل إتجاه، فمازال الصراع العربي الإسرائيلي مشتعلًا والمواجهة الأخيرة أعادت الصراع إلى جذوره، وتهديدات شرق المتوسط، وتهديد الإرهاب القادم من حدود ليبيا الغربية، والتهديد القادم من الجنوب من إثيوبيا وأزمة سد النهضة، والإضطراب القائم في اليمن وما يمكن أن يثيره من أزمات لقناة السويس.
وأكد «يوسف» أن هناك بعض القوى التي تترصد بمصر، وهذه التحديات تفرض عليها أن يكون لها دور فاعل في محيطها الإقليمي، والخبرة المصرية السابقة تقول إنها لديها دور فاعل ونشيط في هذا الشأن، بسبب وزنها، وعلم الجميع أن من يسيطر عليها يسيطر على المنطقة العربية، مضيفًا: "من الواجب على مصر أن تكون لها سياسة فاعلة لكي تحافظ على أمنها ومصالحها".
وشدد أن الشق الخاص بالسياسة المصرية في الوقت الحالي من أقوى أبعادها وأكثرها وضوحًا، حيث تقوم على الدفاع عن الأمن القومي ومواجهة أخطار الإرهاب وتهديد موارد مصر الطبيعية في شرق المتوسط، والسد الأثيوبي، والمبدأ الثاني هو اتباع مصر سياسة رشيدة في محيطها العربي، أما المبدأ الثالث هو حرصها على حل النزاعات بالطرق السلمية.
وأضاف «يوسف» أن البعد الرابع الذي تعمل مصر في إطاره هو محاولة استعادة ما يمكن من التكامل العربي، مثل المحور القائم بين مصر والأردن والعراق رغم كونه في البداية إلا أنه يبشر بالكثير، والبعد الخامس هو النأي بالنفس عن سياسة الأحلاف الغربية، وهي سياسة مصرية راسخة من قبل ثورة 1952، وكان أخرها إسقاط خطط الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب فيما سمي بصفقة القرن.
واستطرد يوسف قائلاً: "مصر لديها قوة صلبة تتمثل في جيش يحتل المركز الثالث عشر عالميًا والأول إقليميًا، وقوة ناعمة ظهرت بقوة خلال الصراع الفلسطيني الإسرائيلي الأخير دفعت الرئيس الأمريكي إلى التواصل مع الرئيس المصري".
ومن جانبه؛ قال السفير الدكتور محمد بدر الدين زايد، إن هناك تحديات تواجه التجربة المصرية في ظل الاضطراب الإقليمي والتحولات الدولية غير المسبوقة، متطرقًا إلى هذه التحولات من بينها تراجع الهيمنة الأمريكية في المنطقة، ظهرت بدايته عندما عجزت عن حشد المجتمع الدولي لغزو العراق، والإنشطار الداخلي الخطير الذي تعيشه في الوقت الراهن.
وأشار «زايد» إلى الصعود التدريجي للصين في العالم رغم أنها حتى الآن طرف سياسي ضعيف ولكنها قوة اقتصادية تتصاعد بقوة، بالإضافة إلى عودة الحضور الروسي ويظهر ذلك بدورها الفاعل في الأزمة السورية، لافتًا إلى تذبذب التكتلات الدولية، وتراجع الاتحاد الأوروبي عن القدرة أن يكون قطب دولي كما كان في تسعينيات القرن الماضي.
وتطرق «زايد» إلى ظاهرة اتساع حركة القوة الإقليمية حيث تزايد التواجد الإيراني والتركي واتخاذهم دور الوكالة لقوى دولية، كما أن القوة العسكرية لم تتمكن من حسم الصراعات الإقليمية ولذلك لجأت القوى الدولية إلى المليشيات المسلحة التي نشرت الفوضى في المنطقة، مؤكدًا أن هذه الساحة تفرض صعوبات وليس أمام مصر سوى التمسك بحيادها.