صعود وهبوط .. كيف يمكن تفسير التقارب الأخير بين إسرائيل والمغرب؟
خلال الأسابيع القليلة الماضية، ظهر تقارب ملحوظ بين إسرائيل والمغرب، تم الكشف عنه من خلال عدة خطوات متسارعة، شملت زيارات رفيعة المستوى ومحادثات، تلتها توقيع اتفاقات، وصولاً إلى تسيير أول رحلة جوية مباشرة بين تل أبيب ومراكش اليوم الأحد
التقارب اللافت، جاء بعد فترة من السكون خلال المواجهة القتالية بين حماس وإسرائيل في مايو الماضي، والتي بدا فيها أن المملكة متحفظة إزاء دفع عجلة التطبيع.
كانت المغرب وإسرائيل قد أعلنا عودة العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل والمغرب في ديسمبر الماضي، ومنذ ذلك الحين، كانت المملكة تتصرف بحذر، حتى الأسابيع الأخيرة التي ظهر فيها تغيير في هذا الاتجاه.
الهبوط والصعود في العلاقات الإسرائيلية المغربية يمكن تفسيرها من خلال المحاور التالية:
محطات التقارب الأخيرة بين تل أبيب ومراكش
بدأ التقارب بين إسرائيل والمغرب يظهر بوضوح عندما هنأ الملك رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينيت بحرارة على تأليف حكومته. وبحسب التقارير، بدأ المغرب بالتحضير لرفع مستوى ممثليته في تل أبيب إلى مستوى سفارة منذ ذلك الحين.
في 4 يوليو الماضي، حطت طائرة من سلاح الجو المغربي في قاعدة سلاح الجو في حتسور للمشاركة في تدريب عسكري مع الجيش الإسرائيلي. وبعد ذلك بيومين وصل نائب المدير العام للخارجية الإسرائيلية ألون أوشباز إلى العاصمة المغربية الرباط بهدف الاجتماع بنظيره المغربي كجزء مما وصفته وزارة الخارجية الإسرائيلية بأنه "حوار سياسي" بين الدولتين.
زيارة "أوشباز" كانت أول زيارة لدبلوماسي إسرائيلي رفيع المستوى إلى المغرب منذ إعلان الدولتين استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما في ديسمبر الماضي. بالإضافة إلى الحديث الذي أجراه وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد مع نظيره المغربي.
خلال الأسبوع الماضي أعلنت المديرية الوطنية الإسرائيلية للأمن السيبراني عن توقيع اتفاقية تعاون مع المغرب لتكون أول اتفاقية في مجال الدفاع الإلكتروني بين البلدين منذ استئناف العلاقات بينهما وتشمل الاتفاقية التعاون العملي والبحث والتطوير وتبادل المعلومات والمعرفة.
كما بدأت شركتا الطيران الإسرائيليتان "العال" و"يسرإير"، اليوم الأحد، أولى الرحلات السياحية المباشرة إلى مدينة مراكش المغربية. وقال مسؤولون مغاربة إنه بالإضافة إلى هاتين الشركتين ستبدأ شركة ثالثة وهي "أركيا" رحلاتها إلى المغرب في الرابع من أغسطس المقبل، في خطوة تهدف إلى جذب "38000 سائح إسرائيلي إلى المغرب مع نهاية العام الحالي، في حين تتولى شركة الخطوط الملكية المغربية جلب 12000 سائح إسرائيلي مع نهاية 2021".
تراجع مؤقت
بدأت العلاقات المغربية - الإسرائيلية بالتطور ولو بطريقة أقل علنية من تطور العلاقات بين إسرائيل والإمارات، لكن خلال الأسابيع الأخيرة لوحظ أن وتيرة التقارب أصبحت أسرع.
التقديرات أشارت إلى أن هذا التقارب كان سيتم قبل شهرين، لكن جولة القتال بين "حماس" وإسرائيل في مايو الماضي، عطلته، ومثل الدول العربية الأُخرى أدان المغرب في البداية أعمال إسرائيل في القدس، لكن عندما انتقل مركز النزاع إلى غزة اتخذ موقفاً غامضاً – بعكس ردود المنطقة على جولات القتال السابقة في القطاع.
بعد وقف القتال، بدأت المملكة في إرسال تلميحات تم تفسيرها بأن التطبيع قد يتراجع، حيث أرسل رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني، رسالة إلى الزعيم السياسي لـ"حماس" إسماعيل هنية هنأه فيها على "انتصار" الحركة على إسرائيل في جولة القتال الأخيرة.
وفي يونيو الماضي، وصل هنية إلى المغرب في زيارة رسمية ألتقى خلالها شخصيات رفيعة المستوى في الحكومة وخارجها، وبحسب التقارير، كان ضيفاً على عشاء ملكي أقامه الملك على شرفه.
التحركات المغربية تم تفسيرها بأنها كانت موجهة لرأي العام المحلي، أكثر من اعتبارها توتر في العلاقات بين إسرائيل والمغرب، خاصة مع قرب الانتخابات البرلمانية في المغرب المقررة في أول سبتمبر المقبل. في الوقت الذي يسيطر فيه حزب العدالة والتنمية الذي يترأسه العثماني (حزب له جذور في حركة الإخوان المسلمين) على البرلمان المغربي، وهو ما يفسر الدفء مع هنية، كنوع من التوازن لتهدئة الرأي العام بعد أشهر من مواجهة الانتقادات الداخلية لاستئناف العلاقات مع إسرائيل.
سيناريوهات التحركات الإسرائيلية
نظراً لأن العلاقات الإسرائيلية مع المغرب تمتاز بالصعود والهبوط باختلاف المناخ السياسي، فمن المتوقع أن تهتم إسرائيل بتعزيز العلاقات عن طريق الاقتصاد واستهداف خطط طويلة الأمد، على أن يكون التعاون أكبر من رحلات طيران وسياحة أو من خلال نواح ثقافية وتراثية، فمن المتوقع أن تحاول إسرائيل التركيز على مجتمع رجال الأعمال في المغرب بيد أن إسرائيل لديها باع طويل في استخدام الاقتصاد والتسليح كأسس لعلاقات قوية مع الدول.
في الوقت الذي يبدي المغرب اهتمامه الكبير بالحصول على تكنولوجيا واستثمارات إسرائيلية، وخصوصاً تلك المتعلقة بالزراعة التي لا تزال القطاع المسيطر على الاقتصاد المغربي، فضلاً عن الاهتمام المغربي بالهايتك، فتظر فرص كبير لإسرائيل لمساهمتها في هذه المجالات التي لديها خبرة كبيرة فيها.
إذا نجحت التحركات الإسرائيلية، فإن العلاقات مع المغرب ستتعمق، وسيخلق تأثير إيجابي إزاء دول عربية أُخرى في المنطقة تفكر في الانفتاح الدبلوماسي على إسرائيل.