حاول الانتحار فى شبابه.. حكايات من دفتر المفكر عباس محمود العقاد
الكثير من الأسرار التي تتكشف عن المفكر الكبير عباس محمود العقاد، رغم رحيله منذ سنين، وفي التقرير التالي نرصد أهم الأسرار في حياة المفكر الكبير، والتي رصدها الكاتب معتز شكري في كتابه "العقاد يحكي أسراره".
سر كتاب الشؤم لابن الرومي
قال العقاد عن ابن الرومي: عندما بدأت أؤلف كتاب ابن الرومي حذرني الكثيرون من شؤم هذا الرجل، وقالوا إنه لم يتعرض أحد للكتابة عنه وسلم، وهذا من المصادفات العجيبة، فكل الذين نعرفهم ممن شرحوا ديوانه أو طبعوه أو أنفقوا عليه أصابتهم كارثة وهم يقومون بعملهم.
فالأول كان حشمت باشا حين كان وزيرا للمعارف وأوصى بطبع ديوانه فسقطت الوزارة بالكامل، ومات الشيخ شريف الذي كان يشرف على الديوان.
وبدأ المازني في نسخ قصائد ابن الرومي فكسرت ساقه وبقي أعرج إلى آخر أيام حياته.
وحين طبع كامل كيلاني مختارات من شعره مات ابوه أو أصيب بنكبة تجارية.
وأنا حين شرعت في كتابة المؤلف عن ابن الرومي لم أمض في طبعه مسافة أسبوعين حتى دخلت السجن ومات سيد بك كامل مدير المطبعة.
لا يؤمن بالتشاؤم
كان العقاد لا يؤمن بالتشاؤم، فكتب عن ابن الرومي الذي يخاف الكثيرون من الكتابة عنه، ورقم بيته كان 13 وهو رقم يتشائم منه الكثيرون، وكان يضع صورة للبومة أمامه وهي مثال للشؤم.
كان يعلم الملك فاروق
في مقال له بمجلة الهلال ذكر عبد الحميد الكاتب أن الملك فاروق ذهب للعقاد لكي يتعلم منه، برغم ما قاله العقاد في حق أبيه وسجن بسببه، يقول الكاتب في جزء من مقاله" وعندما ذهب علي باشا ماهر بالملك فاروق لزيارة العقاد في شقته بمصر الجديدة كان العقاد يقول لا يتحرج من القول: إنني لا أستفيد شيئا من هذه الزيارة ولكن الملك هو الذي يستفيد، فعندما يكتب تاريخه سيذكر الذين يمدحونه أنه كان يريد أن يتعلم ويفتح عقله فذهب إلى زيارة العقاد في بيته.
حاول الانتحار في شبابه
ذكر العقاد أنه حاول الانتحار في فترة شبابه، وكانت الاسباب كما ذكرها " كانت المحاولة لعدة أسباب ولذلك أعتقد أن الانسان لا يمكن أن يقدم على الانتحار لسبب واحد، فإذا تجمعت عدة أسباب ويضاف إليها سبب مفاجئ ينتهي إلى غاية الطاقة حتى يفكر الانسان نهائيا في الانتحار، تجتمع الأسباب النفسية والعاطفية والاجتماعية تجتمع أسباب كثيرة من أهمها فقد الثقة في الناس، لا أعتقد أن أحدهم سيقدم على الانتحار وله بقية ثقة في العالم.
لم يقبل إذاعة خبر وفاة والدته
قال العقاد في نفس المصدر السابق أن والدته ماتت ولم يقبل بنشر خبر موتها، وكانت له عادة أنه يعتكف عندما يسمع بوفاة شخص عزيز، ولا يقابل أحدا إطلاقا من المعزين فلذلك تجنبنا الإعلان عن وفاة والدتي.
الكوفية في حياة العقاد
كان العقاد يرتدي الكوفية دائما في فصل الشتاء لخوفه الشديد من نزلات البرد التي تتعب حنجرته، وكان يخلعها في فصل الصيف.
لم يغير بيته لهذه الأسباب
كان بيت العقاد مميزا، فالشمس تدخل إلى كل جزء فيه، وهي من المزايا التي حببته في بيته، كما أن تغير البيت سيحتاج إلى نقل أطنان من الكتب، وهو الأمر الذي لم يقبله، وذكر العقاد أنه ظل يرتب كتبه منفردا لمدة ستة أشهر كاملة، لأنه لا يستطيع الاعتماد على شخص غيره في ترتيب الكتب وبالتالي لا يعرف أين يوجد كتاب فلان وفلان.
لماذا رفض الكتابة للسينما
في إحدى ندواته التي كان يعقدها ببيته ووسط مريديه من الأدباء والفنانين وغيرهم تحدث العقاد في الندوة التي دارت حول الممثلين والتمثيل والسينما وغيرهم، ونشرتها مجلة الكواكب بأكملها على صفحاتها في عدد خاص، تطرق الحديث عن كتابة العقاد للسينما وأجاب على هذا السؤال الذي كان يقول "هل تقبل أن تكتب للسينما إذا طلب منك ذلك؟": وأجاب: “أنا لا أكتب للسينما إلا إذا اهتديت إلى الممثل الصالح والممثلة الصالحة لكي أفصل لهما الدور الذي يلائم كل منهما، أما أن أكتب قصة يفرض علي بطلها وبطلتها فهذا ما لا أرضاه لأنني أريد أن أكتب للجمهور لا للأشخاص، وسادة السينما عندنا لا يفرقون بين الاختيار للأشخاص، وبين الاختيار للجمهور، ومما يقعدني عن الكتابة للسينما خوفي من تشويه يسئ إلي كما يسئ إلى الجمهور".
وأكمل العقاد: “وعلى ذكر الممثل الصالح أذكر نقاشا دار بيني وبين المرحوم محمود فهمي النقراشي فقد قال لي النقراشي أنه يعتقد أن مهنة التمثيل من أسهل المهن، وأن مهمته لا تتعدى أن يمثل مجموعة من الأكاذيب، فهو تارة يمثل أميرا، وتارة يمثل متسولا، وتارة يمثل قديسًا، وطورا يمثل سكيرا، فهو منافق كبير".
وواصل: “وخالفت النقراشي في الرأي وقلت له إن التمثيل من أشق المهن، فهو يحتاج إلى إحاطة واسعة بعلم النفس، لكي يستطيع الممثل أن يتقمص الشخصية التي يريد أن يمثلها على المسرح، والاتفاق نفسه يحتاج إلى براعة لإظهار غير ما تخفي، والممثل الذي يريد أن يحاكي طبيعة الناس لا بد أن يتخلى عن طبيعته، وأن يعيش مع الذين يحاكي طبيعتهم، وهذا عمل شاق لا يطيقه إلا الممثل القادر على التقلص والتقمص، وقد اقتنع النقراشي برأيي وتخلى عن فكرته الأولى عن الممثلين".