«موسوعة الصراع العربى الصهيونى».. كتاب جديد لـ محمد عمارة
صدرت بالقاهرة هذا الأسبوع عن كتاب الجمهورية موسوعة (الصراع العربي الصهيوني، نحو خريطة إدراكية جديدة) للدكتور محمد عمارة تقي الدين، الكاتب والأكاديمي المصري المتخصص في الاجتماع السياسي والصراع العربي الصهيوني، والموسوعة من إصدار ديوان العرب وتوزيع الجمهورية.
والموسوعة، وكما يذهب الدكتور عمارة تقي الدين، هي محاولة لرسم ملامح خريطة إدراكية جديدة لهذا الصراع، إذ يقول في مقدمة الموسوعة: "عبر هذه الموسوعة ستجري المحاولة لأجل بلورة ملامح وأُطُر الإدراك العالمي لهذا الصراع العربي الصهيوني من ناحية (أي كيف يرى العالم هذا الصراع)، والإدراك الصهيوني للعالم من ناحية أخرى (أي كيف يرى الصهاينة هذا العالم)، كذلك الإدراك العربي الراهن لهذا الصراع، وهو باعتقادي إدراك زائف ساهمت في خلقه عوامل عدة، من هنا حاجتنا لخريطة إدراكية جديدة أكثر تعبيراً عن الواقع بكل تعقيداته وإكراهاته" .
وفي موضع آخر يقول: "يفرض علينا هذا الإدراك الذي نتغياه أن ننظر لهذا الصراع باعتباره أحد منتجات الحضارة الغربية، فهو ليس صراعًا دينيًا كما يزعم البعض، ولكنه صراع براجماتي نفعي يضرب بجذوره عميقًا في قلب الحضارة الغربية (تلك الحضارة التي بلا قلب)، غير أنه صراع متدثر بعباءة الدين ببراعة فائقة، بشكل أعمى كثيرين عن قراءته بشكل حقيقي".
ولنترككم مع بعض المقتطفات من مقدمة الموسوعة:
" الصراع العربي الصهيوني، هو في التحليل الأكثر عمقاً، أحد تمظهرات الواقع البائس الذي تعيشه البشرية، ذلك الواقع الذي قادها إليه فقدانها لعمق أخلاقي قيمي إنساني عام، وبحثها الدائب عن المصلحة والمنفعة الآنية، فهي حالة من قِصر النظر المزمن التي أصابت الحضارة الحديثة، وقد أوشكت أن تصبح عمى أخلاقي تام، من هنا فأي محاولة لعلاج الوضع المتردي للبشرية يجب أن تبدأ من هذا الصراع، تغوص في أعماقه، وتُبحِر في شرايينه".
"يجسِّد هذا الصراع كل إخفاقات الحضارة الغربية في طورها ما بعد الحداثي، فهو هَمُّ الإنسانية جميعها، هو عورتها التي تبحث عمن يسترها، هو مكبوتاتها الحيوانية وقد تفجَّرت في أبشع صورها، ونحن نعتقد أن هذا الصراع هو في عمقه تجسيد لمأساة البشرية وإخفاقاتها في تغليب الروح على المادة، والقيمية على النفعية، والحق على القوة، وإن لم يتكاتف الجميع لإنهائه بشكل عادل وإنساني في آن فالأمر منذر بعواقب وخيمة".
"ها هو المشروع الصهيوني وقد تم تعميده بالدماء، دماء الفلسطينيين وإخوانهم من العرب، مع حاجته المستمرة لمزيد من الدماء ليواصل نموه وتمدده الشيطاني ككائن دراكولي نهِم، وهكذا عمّدت الحضارة الغربية كل مشروعاتها التوسعية الاستيطانية، وهكذا ستفعل مستقبلًا عبر إنتاج مشروعات استيطانية جديدة إن ظلت تسير بذات الاتجاه وتتبنى نفس القناعات، لذا فالتصدي للمشروع الصهيوني بنزعته الاستعمارية الاستيطانية هو معركة يخوضها الفلسطينيون نيابة عن البشرية كلها ودفاعاً عن إنسانيتها المُهدرة، فهو في عمقه دفاع عن القيم الإنسانية الخالدة كي لا يلتهمها تنين ما بعد الحداثة غربي المنشأ صهيوني التجليات".
"إن تأثير الصهيونية المدمر لا يقتصر على الديانة اليهودية واليهود فحسب، بل يزحف فكرها العنصري والمدنس على العالم في موجات ارتدادية هائلة، لتصيبه لعنة الشيفونية والعداء المُزمِن للآخر، ومن ثم سنعمد إلى تعرية استراتيجيات قومنة الأديان وأدلجتها، تمامًا كما فعلت الصهيونية باليهودية، وهكذا تفعل الأيديولوجيات العنصرية بكل الأديان، إنها تقتات على المُقدَّس، تتسربل به وتتغذى من دمه وروحه".
"نحن أمام شعب فلسطيني يزيده الوقت صلابة وتمسكاً بحقوقه التاريخية، وتضخُّم الإحساس لديه بقيمة فعل المقاومة، بل وأضحى كثيرون في هذا العالم يثنون على كفاح هذا الشعب وينظرون إليه بإعجاب باعتباره واقفاً على تخوم الكرامة الإنسانية".
"لقد أضحى الكيان الصهيوني، بفعل الأطروحات الصهيونية التي تلاعبت بالديانة اليهودية، بمثابة العجل الذهبي الذي عبده اليهود من دون الله، بل وأضحوا على استعداد تام لقتل العالم من أجله".
"في مقابل (حق القوة) والذي تُمثِّله إسرائيل، ومن خلفها الصهيونية العالمية، نُريد التأسيس لـ (قوة الحق)، والذي يُمثِّله الفلسطينيون وكل دُعاة الإنسانية" .
مما يجدر ذكره أن للدكتور محمد عمارة تقي الدين عددًا من المؤلفات المنشورة، لعل أبرزها: الأحزاب الدينية الإسرائيلية ودورها في صنع القرار السياسي، الحركات الدينية الرافضة للصهيونية داخل إسرائيل، المؤسسات الدينية في إسرائيل جدل الدين والسياسة، الإعلام ومعركة الوعي تفكيك آليات الخداع الجماهيري، المسيحية الصهيونية ونهاية الإنسان قراءة في التوظيف السياسي للدين.
هذا بالإضافة لمجموعة من المقالات والأبحاث العلمية المنشورة في الصحف والمجلات المصرية والعربية.