نيلنا حياتنا فلنحافظ عليه ونحميه
"تلتزم الدولة بحماية نهر النيل، والحفاظ على حقوق مصر التاريخية المتعلقة به، وترشيد الاستفادة منه وتعظيمها، وعدم إهدار مياهه أو تلويثها، كما تلتزم الدولة بحماية مياهها الجوفية واتخاذ الوسائل الكفيلة بتحقيق الأمن المائى ودعم البحث العلمى فى هذا المجال.. وحق كل مواطن فى التمتع بنهر النيل مكفول، ويحظر التعدى على حرمه أو الإضرار بالبيئة النهرية".
ما سبق هو نص المادة (44) فى الفصل الثانى "المقومات الاقتصادية" من الباب الثانى "المقومات الأساسية للمجتمع" من دستورنا المصرى، وتنص المادة (45) على أنه "تلتزم الدولة حماية بحارها وشواطئها وبحيراتها وممراتها المائية ومحمياتها الطبيعية".
إنه نهر النيل العظيم نبع الحياة الذى قدسه أجدادنا المصريون واستقروا حول واديه وأهدوا العالم أقدم وأعظم الحضارات وأقاموا دولتهم التى نظمت عبر العصور تدفق مياهه، وزراعة الأرض وبناء الجسور والقناطر والسدود، وبذلت كل الجهود لحمايتنا من الفيضانات.
إنه نهر النيل العظيم الذى قال عنه هيرودت المؤرخ اليونانى "مصر هبة النيل"، ونحن نقول والنيل هبة المصريين الذين استطاعوا الاستفادة من مياهه فى الزراعة والنمو والتنمية.
وإذا كانت المادة (59) من الدستور تنص على أن "الحياة الآمنة حق لكل إنسان، وتلتزم الدولة بتوفير الأمن والطمأنينة لمواطنيها، ولكل مقيم على أراضيها، "فالأمن والأمان هو الأمن القومى المصرى الذى يشمل أمن حدودنا وأمننا المائى والغذائى.
تواجه مصر فى الفترة الحالية تحديًا وجوديًا فى مواجهة محاولات حرمانها العمدى من مياه النيل الذى يساوى الحرمان من الحياة، وهذا يستنفر كل جهود الشعب والدولة المصرية بكل الوسائل المتاحة للدفاع عن حقنا فى الوجود.
فى البداية لابد أن نوضح أن نهر النيل نهر دولى تتقاسمه دول حوض النيل من المنبع فى عدد من الدول الإفريقية حتى دولتى المصب مصر والسودان وتنظم كافة الاتفاقيات الدولية والإقليمية والثنائية المبادئ التى تحكم الاستفادة من مياه الأنهار الدولية ومنها نهر النيل، بحيث يكون من حق الجميع التنمية دون الإضرار بحصة المياه لكل دولة، كما ينظم بناء السدود بالمشاركة بين الدول دون الإضرار بحصة دولتى المصب.
ولكننا نجد التعنت الإثيوبى والتعامل الأحادى من جانبها لفرض الأمر الواقع فى بناء سد النهضة وتعليته ليس لتوليد الكهرباء، كما قالت ولكن لتخزين كمية من المياه تصل لـ74 مليار متر مكعب، مما يؤدى إلى تقليل حصة مصر من مياه النيل ونقصانها، مما يضر بالمصريين الذين يعانون من الفقر المائى فى الأساس حيث حصة الفرد فى السنة لا تزيد على (550 مترًا مكعبًا) بينما خط الفقر المائى (1000 متر مكعب).
ويقول الخبراء إن إثيوبيا ومن ورائها العديد من الدول والمؤسسات الدولية تعمل على جعل النيل الأزرق بحيرة إثيوبية لتسليع المياه وبيعها، وذلك بدلًا من التقاسم العادل للمياه ومنع الإضرار للدول المتشاطئة للنهر.
إننا نطالب بوقف الملء الثانى للسد فورًا حتى لا تضعنا إثيوبيا أمام أمر واقع لا ينفع معه استمرار المفاوضات ونهج الوسائل السلمية.
إن مصر وعلى مدى عشر سنوات سارت فى طريق التفاوض الذى انتهى لطريق مسدود، وعلى المجتمع الدولى أن يتحمل مسئولياته فى الضغط على إثيوبيا، وهى الطرف الذى يعمل بشكل أحادى ومتعنت ضاربًا بعرض الحائط كافة المواثيق والمعاهدات الدولية، مسببًا بالضرر لحياة 150 مليون مواطن فى دولتى المصب مصر والسودان، وذلك بإلزامها بوقف الملء الثانى للسد فورًا مع مفاوضات لفترة زمنية قصيرة ومحددة تنتهى بما يتفق عليه الأطراف الثلاثة لتحقيق النمو والتنمية والنهضة لشعوب الدول الثلاث.
إن البديل لاتفاق عادل وقانونى وملزم يعرض منطقة القرن الإفريقى والبحر الأحمر ودول حوض النيل لصراعات وتوتر ويهدد الأمن والسلم الدوليين.
إن عقيدة جيشنا المصرى الدفاع عن الأمن القومى المصرى والأمن المائى جزء من أمننا القومى، والقانون الدولى يُشرِّع الحرب للدفاع عن الحق فى الوجود والحياة، ومصر العريقة لن تتخلى عن استنفار كل طاقتها، شعبًا ودولة وجيشًا، فى الدفاع عن حقنا وحق الأجيال القادمة فى البقاء.