رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إبراهيم عبدالمجيد: النسيان هو الذاكرة الحقيقية

الهروب من الذاكرة
الهروب من الذاكرة

أصدر الكاتب الكبير إبراهيم عبدالمجيد روايته الجديدة "ثلاثة الهروب من الذاكرة" عن دار المتوسط، وطرحت بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ52.

وقال إبراهيم عبدالمجيد عن الرواية:" العادة لا أفكر في كتابة شيئ  قبل أن اكتبه . شعاري الحقيقي هو أن النسيان هو الذاكرة الحقيقية، هكذا أتعامل مع القصة والرواية. خبراتي في الحياة كثيرة ومتنوعة أتركها خلفي كلها مدركا أن ما يريدني أن أكتب عنه سيستيقظ يوما في روحي ويُمليِ عليّ حكايته . الدنيا اتسعت بالذكريات مع الكورونا وحبسة البيت. فضلا عما أعانية صحيا من صعوبة الحركة وهكذا انفتح بئر الأسرار. يقيني بعبثية هذا العالم قديم. محاصر أنا بالحديث عن السجون والقضايا السياسية التي لا تنتهي. فالميديا هي نافذة الجالس في البيت  أحاديث كثيرة عن مايعانيه السجين من متلازمة ستوكهولم. متلازمة القهر. لكني رأيت في حياتي كثيرين بدأوا حياتهم بعد السجون وتقدموا فيها . كيف تكون المعركة للخلاص من الذكريات وهل يمكن؟".

 

وأضاف "عبدالمجيد" في تصريح لـ"الدستور": “هكذا جاءت الرواية محاولة لبناء بيت يصل إلي السماء يجلس فوقه بطل الرواية . لقد رأى وهذا غير حقيقي أن الخارج لا يختلف عن الداخل في السجن . سائق تاكسي كأنما لايوجد غيره في القاهرة كلما احتاج أن يستقل تاكسي يجده أمامه وفي أي وقت . كلما جلس في مقهى انصرف الجالسون بعد أن ينظروا إليه . كلما مشى على النيل في الطرق إلى بيته في أرض الجمعية في امبابة خاف أن يستمر يمشي إلي مالانهاية . كلما جاءته رسالة على الماسينجر وجدها من زميل كان مسجونا معه وقد خرج إلى الحياة مثله . بني بيتا جعله مركزا ثقافيا وموسيقيا فرأى الحاضرين كلهم تقريبا من الفنانين قد مروا على السجون . رغم ذلك يستمر ومعه زوجته التي لا تتركه نهبا للماضي . شخصيات كانت ضحية سجن حكوا حكايات غير معقولة عن سبب القبض عليهم وحتى الجنائيين الذين قابلوهم في ساعة التريض وراءهم حكايات لا يقبلها عقل".

 

وتابع: "كأنما تحول المساجين إلى مبدعين بين الجدران بينما يرى أحدهم السجن قاتلا للخيال "تخيَّلتُ عروس البحر، فضحكتْ، لأنه لم يكن حولها ماء، وماتت بين يدَيَّ. تخيَّلتُ أسداً، فزأر، لأنه لا توجد أشجار. تخيَّلتُ أرنباً، فصار كسيحاً يبكي، إذ سبقتْهُ السُّلُحْفَاة. تخيَّلتُ فيلَّاً، فربض على صدري، يكاد يقتلني. تخيَّلتُ امرأة، فصرختْ وَاخِدْني على فين، يا بن الوسخة؟ هنا في هذا العنبر لا يمكن أن تتخيَّل إلَّا أنكَ تحفر حفرة لا تنتهي تحت الأرض".

 

واستكمل: "شخوص عديدة خارجة عن المألوف منها مدرس الجغرافيا الذي توقف سبع سنوات عن الحديث بسبب قُبلة من حبيبته التي تركت البلاد، ثم صدفة فاز بقبلة أخري، فيقرر أن يأخذ صاحبتها ويغادر البلاد إلى الأندلس الحلم الضائع، ورحلة كبيرة بين بلاد مليئة بالجنون بعد ثورات الربيع العربي . من مصر إلى الأندلس مرورا بليبيا وتونس والجزائر والمغرب . هكذا وجد كل طريقه للهروب . مجدي بطل الرواية يبني بيتا للفنون ليعيش مع الموسيقي والفن في السماء، وسمير يترك البلاد، وبقية الشخوص تخرج لتبحث عن حياة تتسع بالخيال. بعضهم يذهب إلي الميادين ليلا ليعيش مع الأصوات التي تخرج من الأرض بلا بشر أو زحام . وأحدهم يشتاق لامرأة كانت تقف ليلا دائما تطل من النافذة وكانت سبب سجنه حين دخل اليها فقبض عليه لأن زوجها ارهابي هارب، فيري النساء جميعا تطل من النوافذ في المساء ولايعرف أين يمشي . لا يمكن تلخيص الثلاثية التي هي ليست ثلاثية أجيال ولا مكان، لكنها ثلاثية زمن تبحث فيه أرواح  عن ملاذ بعد أن دفعت ثمنا بلا جريمة حقيقية . يمكن لمدخل الجزء الأول أن يكون هداية لمعني وأرواح شخوصها الباحثة عن الأمل".

 

وواصل: "رأيتُ فيما يرى النائم أنه كان هناك فارس عظيم، عرف بوجود مدينة خيالية. ركب فَرَسَهُ، وذهب إليها، فوجدها محاطة بالأسوار بلا أبواب. ظلَّ ينادي أهلها، ولا أحد يردُّ. يأتي الليل فينام، ويأتي النهار فيصحو، ينادي ولا أحد يردُّ. مرَّ به العُمُر، ولم يدرك أبداً أن المدينة الخيالية بلا سكَّان".