«فاتن حمامة سبب الانتشار».. اعترافات الموسيقار عمر خيرت عن البدايات
"عندما بدأت أعمالي قررت أن أنزل شرائط كاسيت لموسيقاي حتى أصل إلى الجمهور العادي الذي لا يذهب إلى الأوبرا، لتقترب الموسيقى منهم، وبهذا قطعت شوطًا للاقتراب من الناس، وهذا ظهر في حفلاتي، فأنا أجد جمهورًا عريضًا من كل الأعمار وكل المستويات، وهذا دفع الناس للذهاب للأوبرا للاستماع إلى الموسيقى التي أحبوها عبر الكاسيت ومن ثم زاد جمهور الأوبرا".
تحدث الموسيقار عمر خيرت في حواره لجريدة "الحياة" 2002، عن الاتهام الموجه له، بأنه فنان بعيد عن الناس، ومن يريد سماع موسيقاه لابد أن يذهب إلى حفلاته في الأوبرا، موضحا أن جمهوره في الأوبرا يزداد يومًا بعد يوم، وهو من البداية كان له اتجاه موسيقى أخذه عن أبي بكر خيرت مؤسس "الكونسرفاتوار".
وكان هدفه إيجاد نهضة موسيقية لبلادنا العربية لأنه كانت هناك فجوة بين الشرق والغرب الذي عمل موسيقيوه قوالب عالمية جبارة، ووصلوا إلى مراحل بعيدة في هذا المجال في وقت لم يكن لدينا إلا الأغنية في كل حياتنا الموسيقية.
وبخصوص إصراره على التسجيل بأوركسترا كاملة، رغم ظهور التكنولوجيا الحديثة التي تسمح بأخذ صوت الآلات من الأجهزة منفردة، أوضح أن التكنولوجيا ظهرت لتساعد الفنان، وليس قتل الإبداع، ذلك لأنها تقلد الحقيقة، متسائلا: "لماذا ألجأ إلى صوت مصنّع يخرج من آلة إلكترونية، ولماذا لا استخدم الصوت الحقيقي الخارج من آلة موسيقية يعزف عليها فنان بحس وإحساس متدفق؟، معتبرا ذلد نوعًا من الاستسهال يرفضه في عمله، فالصوت المصنع غير الطبيعي، ينقص الموسيقى ولا يزيد عليها.
وعن عمله مع المخرج الراحل يوسف شاهين، قال الموسيقار عمر خيرت، إنه كان متعة كبيرة، فقد وفر له يوسف شاهين 100 عازف فرنسي ومايسترو في فرنسا يعزفون موسيقى الفيلم، متابعًا: "طلبت منه ذلك وفعلا أحضرهم لأنه يدرك أهمية الفيلم، وشاهين هو ملحن أغنية في فيلم سكوت حنصور، وقمت أنا بتوزيعها، وكان من المفترض أن يلحنها كمال الطويل، ففوجئت به يقول لي: اسمع لحن هذه الأغنية لتوزعه، فإذا لم يعجبك لحنها أنت، وفعلا سمعت اللحن وأعجبني، وقمت بتوزيعه بعد تنميقه وتنظيمه من حيث الترتيب والقوالب التي يخرج بها اللحن".
مع فاتن حمامة
"رغم ثراء موسيقانا الشرقية العريضة، إلا أن اللحن المصري ظل لحنا محليا لا يعرف الطريق للعالمية، وتلك كانت مشكلة بدايتي عندما جاءني فؤاد عبد المجيد يحمل بعض الموشحات التي لحنها لعفاف راضي طالبا منى توزيعها، وكان علي أن أتبع حلمي فغامرت بوضع للموشح الشرقي في قالب عالمي، ونجحت التجربة نجاحا شجعني على أن أواصل المغامرة".. بهذه الكلمات اعترف الموسيقار عمر خيرت في حواره لجريدة "الأهالي" 1991، أنه كان يعاني من هاجس وحلم الوصول بالموسيقى الشرقية للعالمية.
وقال الموسيقار، إن الفنانة فاتن حمامة كانت بالنسبة له هي البداية وجواز المرور، عندما طلبت منها إذاعة الكويت إلقاء بعض الأشعار بصوتها، فكلفته بإعداد الخلفية الموسيقية لتلك الأشعار، وكان ذلك بمثابة جواز مروره للجمهور، عندما أعد الموسيقى التصويرية لفيلمها "ليلة القبض على فاطمة"، مشيرا إلى أن بدايته كانت صعبة، بعدما وضعته الفنانة فاتن حمامة على الطريق الذي يرغبه ويتمناه، لكن الشعوب العربية والمصرية تعودت على أن الموسيقى طرب فقط، لكن هدف "خيرت" كان تقديم موسيقى خالصة تحقق هذا الطرب الذي ينشده المستمع.
وأوضح أن كانت أن خطوته التالية بعد ذلك كانت بمثابة مغامرة كبرى، وهي إعادة توزيع أعمال الموسيقار محمد عبدالوهاب، بهدف بيان قيمة التوزيع الموسيقي، لافتًا إلى أن "عبدالوهاب" اعتبر هذا التوزيع "أحلى هدية تلقاها في حياته".
وأكد "خيرت" على أن ما دفعه إلى التلحين هو أنه لم يفهم تقسيمة الملحن والموزع الموسيقي والتي لا توجد إلا في مصر، فالعالم لا يعرف إلا المؤلف الموسيقي الذي يلحن ويوزع موسيقاه، قائلا:"توزيع الموسيقى الشرقية مشكلة في حد ذاته فمقاماتها صعبة على الأوركسترا، وهي ذات ألحان يسير معظمها على خد واحد، مما يجعل توزيعها وكأنه لحن آخر موازيا للحن الأصلي".