ارفع رأسك يا أخى
منذ أن بدأ مشروع حياة كريمة وأنا مشغول به، أتلمس المعلومات حوله، أحاول أن أفهم ماهيته، أدرك نبل غايته.. بعد قدر معقول من المتابعة، وبعد تصريحات الرئيس السيسى بالأمس اكتشفت أن المشروع ينمو بسرعة كبيرة، وأنه يتسع يومًا بعد يوم من حيث عدد القرى التى يغطيها، والميزانيات المرصودة له.. والجهات المشاركة فى تنفيذه.
هذا المشروع تعبير عن فكرة العدالة الاجتماعية فى فكر ثورة ٣٠ يونيو.. أحد الملامح الأساسية فى فكر هذه الثورة هو الإيمان بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية للمصريين.. هذه الحقوق جزء أساسى من منظومة حقوق الإنسان التى يستخدم البعض جزءًا منها استخدامًا سياسيًا لهذا الغرض أو ذاك.. منذ اليوم الأول لتولى الرئيس السيسى وهناك سباق مع الزمن فى مجالات الصحة والتعليم والإسكان والغذاء كأبرز ملفات الحقوق الاجتماعية والاقتصادية للمصريين.. هذه الأولوية التى أعطتها ثورة ٣٠ يونيو لهذه الحقوق نابعة من نظرة أرى أن هذا الشعب يستحق حياة كريمة.. فى عهود سابقة كان رأس الدولة يتعامل مع الشعب كعبء عليه.. وكان يخاطب المصريين قائلًا «أجيب لكم منين»؟.. هذا لم يعد موجودًا الآن.. القيادة السياسية تؤمن بحق الناس فى حياة كريمة.. سياسات سبع سنوات أثبتت أن خطاب الرئيس للناس لم يكن كلامًا معسولًا، قال للناس بلغة بسيطة «أنتم نور عينينا» وصدق فيما يقول.. الإصلاح الاقتصادى خلق ظرفًا قاسيًا على الجميع.. نعم.. لكن سياسات الدولة لم تكفر بالناس ولم تتجاهل حقهم فى حياة آدمية ومخططة.. عدد قرى الريف المصرى خمسة آلاف قرية.. هناك قرى منها لم يدخلها مسئول واحد منذ عهد الفراعنة.. طريقة حياة الناس فى كثير منها لم تختلف عن حياة الفلاح المصرى القديم سوى فى أنهم يمتلكون تليفزيونًا وطبقًا لاقطًا.. هناك ٥٥ مليون مصرى يعيشون دون خدمات الصرف الصحى وهى أبسط حقوق الإنسان.. هؤلاء هم الذين نزل لهم مشروع حياة كريمة.. مشروع تقوده دولة تؤمن بحق مواطنيها وتنظم جهود الجميع فى خدمة الناس بدلًا من استعراض البعض من المانحين وإهدار كرامة الناس بتصويرهم وهم يتلقون الطعام.. مشروع ميزانيته كانت حتى أمس الأول ٧٠٠ مليار جنيه.. ثم أعلن الرئيس أن كل مرحلة ستكون ميزانيتها ٢٠٠ مليار جنيه، ومن الواضح أنه ستكون هناك عدة مراحل.. كما فهمت، فالمشروع تشارك فيه مصر كلها، وزارات الدولة المختلفة وقواتها المسلحة والجمعيات الأهلية المصرية والجهات الدولية العاملة فى مصر بالتنسيق مع الدولة المصرية وفق خطتها.. مشروع تقول به الدولة للمواطن فى الريف ارفع رأسك يا أخى فقد انتهى عهد الاحتياج.. مشروع يرد للبسطاء جزءًا من حقوقهم ويعبر عن إيمان الدولة بأنها لا بد أن تكون فى خدمة مواطنيها لتضمن ولاءهم.. فى الثمانينيات والتسعينيات تركت الدولة المصرية الريف والحضر أيضًا للإخوان والسلفيين، كانت التمويلات تكفل لهم إقامة المستوصفات وشراء ولاء البسطاء.. هذا لم يعد موجودًا الآن.. عادت الدولة وبقوة.. بعزم وإيمان. من المعلومات المتاحة يبدو أن المشروع يركز فى الأساس على بناء بيوت آدمية لأهلنا البسطاء ومد خدمات الصرف الصحى والصحة والتعليم.. وهذا إنجاز عظيم.. ستتلوه بكل تأكيد خطوات أخرى، مثل تدريب الريفيين على الصناعات وعلى طرق مختلفة لكسب العيش ورفع مستوى المعيشة.. يتفلسف أحدهم ليقول إن البشر قبل الحجر.. ولكن هل يوجد بشر سوى ينام فى العراء؟ أو يسكن مسكنًا دون خدمات صرف صحى؟.. هذه سنوات العمل.. والبر بالقسم.. هذا الشعب آن له أن يجد من يؤمن به ويحنو عليه.. فعلًا لا قولًا، صدقًا لا كذبًا.. هذا الشعب يستحق الحياة الكريمة فعلًا وقد وجد من يوفرها له ويقوده نحوها.