بعد واقعة فتاة طنطا.. كيف تلاشت موضة الفساتين فى مصر؟
لم نكن على علم بأن ثقافتنا الأنثوية سوف تصبح جزءًا من الماضي، نشاهدها فقط في الأفلام، ونتردد عليها في الأحلام، حتى نسيها المجتمع وأصبحت شيئًا يثير السخرية.
فبعد حادثة فتاة الفستان بطنطا التي تم التنمر عليها ووصفها بعدم الاحترام، لمجرد ارتدائها زيًا حقيقيًا يذكرها بطبيعتها الأنثوية يتمتع بكامل المعايير التي وضعتها المجتمعات، ومع ذلك لم ينل الإعجاب، وجعل الفتاة تشعر بالإحراج والخوف من الأنظار التي بدأت تتسارع على جسدها.
وفي السطور التالية يوضح «الدستور» كيف تلاشت موضة الفساتين في مصر.
فستان الذهب في مصر القديمة
ففي مصر القديمة كانت النساء يرتدين المواد الشفافة أو الكتانية، وكان معروفا أن كليوباترا ترتدي فستانا من القماش مزينًا بالذهب أو الأحجار شبه الكريمة لأنها كانت ملكة، وفي الثلاثينيات كانت ملابس اليونان القديمة مصدر إلهام للأزياء الحديثة لمظهرها الأثيري في مصر والدول الأخرى، ففي ذلك الوقت تم تصميم الفساتين في الغالب لتوفير الراحة والأداء الوظيفي، اختارت النساء الحرير والكتان بسبب المناخ الحار ولم تكن هناك حاجة للخياطة.
خلال الخمسينيات من القرن الماضي، كانت الملابس أقل تحفظًا، وكان يمكن للنساء التباهي بالفساتين القصيرة والبيكيني على الشاطئ، استنادًا إلى العديد من الإعلانات والصور الفوتوجرافية القديمة، حيث كانت الفساتين في ذلك الوقت تميل إلى الألوان الزاهية، وكانت إما تتدفق بشكل فضفاض أو تلتم بشكل محكم.
ربما تشاهد أيضا في تلك الفترة الحدث الذي نعتبره الأغرب على الإطلاق، لكنه كان عاديا في ذلك الوقت، حيث تزوج محمد ابن الكاتب إحسان عبد القدوس من ابنة الشيخ الغزالي وكانت بفستان زفاف وبدون حجاب، وظهر الشيخ الباقوري وابنته أيضا بشعرها الطويل.
من الخمسينيات إلى السبعينيات كان العصر الذهبي للموضة والأناقة في مصر، لم يكن هناك إنترنت ولا عولمة، ومع ذلك كان المصريون لا يزالون منفتحين تمامًا على صناعات وأساليب الموضة العالمية، وبعد استقرار السينما في الخمسينيات في مصر، نما إحساس المصريين بالأناقة وأصبحت أكثر تنوعًا وجرأة.
وكانت فساتين الزفاف الأكثر أناقة في الستينيات تشمل القصير منها بالعديد من الألوان الغنية، وساد اللون الكريمي والأبيض مع الكثير من الحرير والدانتيل.
اجتياح الكاجوال
بينما في بداية الثمانينات بدأت موضة الفساتين في التلاشي أمام اجتياح الملابس الكاجوال كالبنطلون وغيره، ولم يعد علامة مميزة نتيجة الثقافة الغريبة والدخيلة على المرأة المصرية التي كانت أول من ارتدى فستان على مر التاريخ، ففي وقت سابق من عام 2016 أعلن متحف "بيتري" في بريطانيا في أنه تم التوصل إلي أن "أقدم فستان في العالم"، ارتدته سيدة مصرية قبل 5500 عام.
لسوء الحظ بحلول التسعينيات من القرن الماضي، عاد المصريون الذين انتقلوا إلى الخليج للعمل مع أيديولوجيات أكثر تحفظًا، وظهر العديد من النساء اللواتي يرتدين الحجاب والنقاب، وبدأت النساء في الابتعاد عن الموضة، وترك الفساتين بأشكالها المختلفة، لتحل مكانها العبايات الخليجي.
عبد الناصر يحارب الإخوان والحجاب
كما كان للرئيس الراحل جمال عبد الناصر موقفا واضحا وصريحا فيما يتعلق بفرض الحجاب، لأنه روى الواقعة بنفسه، عندما جلس مع المرشد العام للجماعة من أجل السير على الطريق الصحيح والسليم، وكان أول مطالب الإخوان هو أنه يجب أن نُقيم الحجاب في مصر، ونخلي كل واحدة تمشي في الشارع تلبس طرحة، فرد عليه: "يا أستاذ أنت ليك بنت في كلية الطب مش لابسة طرحة ولا حاجة، ملبستهاش طرحة ليه؟.. إذا كنت أنت مش قادر تلبس بنتك طرحة، عاوزني أنا أنزل ألبس 10 مليون طرح في البلد؟".
ومع ذلك شهد عام 2011 شيئًا من الانتعاش بعد ثورة وسائل التواصل الاجتماعي في 25 يناير 2011، وبدأت الموضة في التطور مرة أخرى إلى مصر، وظهرت الحملات التي تدعو إلى ارتداء فساتين زمان، بفضل مساعدة العديد من المصممين والمصممات الذين اقتحموا بأساليبهم وتصميماتهم الجديدة عالم صناعة الفساتين مرة أخرى، ما سمح لمصر بالعودة إلى صناعة الأزياء.