غادة العبسي تشارك بروايتي «سدرة» و «كوتسيكا» بمعرض القاهرة للكتاب
تشارك الكاتبة غادة العبسي في معرض القاهرة الدولي للكتاب لعام 2021 بروايتين جديدتين هما رواية "سدرة" الصادرة عن دار روافد للنشر والتوزيع، ورواية "كوتسيكا" والتي تصدر عن مركز المحروسة للنشر والخدمات الصحفية والمعلومات.
في روايتها سدرة المستندة والمبنية على أحداث حقيقية ومؤثرة، نعيش مع الكاتبة وأسرتها قصة ولادة ابنتها الوحيدة والتي فقدتها بعد وقتٍ قصير، ومن خلال أحداث الرواية تعرض غادة فلسفتها الخاصة وتأملاتها في الحياة والمرض والموت والحرب والموسيقى والأدب، تصحب القاريء في رحلة ذاتية داخلية عميقة لتعيد اكتشاف نفسها من خلال التجربة المؤلمة كطبيبة ومطربة وكاتبة.
من أجواء رواية "سدرة" :
"كنتِ في عمر خمسة أسابيع، وكنتُ أطالع كتابًا في علم الأجنة بشغفٍ لم يزرني وقتما احتجتُ إليه قبيل الامتحانات، الآن فقط يبدو كل شيء منطقيًّا ونافذًا إلى العقل أكثر بكثير من السابق، يقول الكتاب: إن نتوءًا قلبيًّا امتد منكِ في ذلك العمر، على صغره المتناهي، وعلى أنكِ كنتِ وقتها في حجم حبة سمسم، إلا أنه يعبِّر عن وجوده الفعليِّ بذلك البروز الواضح، فيُرى ويستشعر نبضه، كأني بكِ تحذرينهم مبكرًا جدًّا: هنا قلبي الصغير رجاءً لا تؤذوه، ربما بتلك الطريقة تحاولين حماية قلبكِ، أمرٌ لم تفلح أمك في فعله قط، فقلوبنا المطمورة بداخلنا قد تجعلهم أحيانًا يحسبوننا خُلِقنا من دونها. لا أريد التطفل على قلبك، ولا القول: إنه قلبي أيضًا، "والجيب واحد" كما نقول في المثل، أو ربما كان فرصة ثانية لإنعاشي، بعد تغيُّر مادة قلبي الذي فُطرتُ به، وبعد أن صار مفطورًا، وتمزقت نياطه، وأمسيتُ بلا أمل في إصلاحه، حتى إنني خشيتُ عليكِ من العدوى، من الإصابة بما ألمَّ به من وخز وغز وتحطيم، من ضخ أشياء قاتلة يحملها منذ زمن كالغم والهم؛ الغم بما فات، والهم بما هو آتٍ، كما فسَّر (جالينوس) مما يُفني القلب، الضررُ بالغٌ يا بنيتي لدرجة أنني أتعجب كيف حملك هذا القلب الواهن على مدار الشهور الفائتة؟.
أما في روايتها كوتسيكا تتتبّع غادة سيرة مصنع كوتسيكا لصناعة الكحول والبيرة بمنطقة طرة في مصر قبل أكثر من مئة عام، من خلال حكاية عائلة كوزيكا اليونانية التي استقرت بمصر في ظل ظروف إجتماعية وثقافية وسياسية ودينية فارقة في تاريخ مصر واليونان، يكتشف القارئ مع رحلة الرواية التي تقع في أكثر من 370 صفحة، كيف هاجر تيوخاري كوزيكا من اليونان إلى الإسكندرية، وأصبح شاهدًا على مذبحة الإسكندرية الشهيرة وما وقع بعدها من احتلال بريطانيا لمصر، كيف أسس أول فابريكة للكحول في الشرق الأوسط بمساعدة أخيه "بوليخروني"، وألحق بها مصنعًا آخر لصناعة البيرة، تسرد الرواية حقائق عن حياة اليونانيين في مصر خلال تلك الفترة وحتى قيام ثورة 23 يوليو، إسهامات الصنّاع الأجانب في نهضة مصر الصناعية التي حاربتها انجلترا بقوة، عالم المال والرشاوى والصفقات، وحصول تيوخاري على لقب ملك السبرتو،استكمال أحد أفراد العائلة لمسيرة الأب والعم، وقصة حبه الشهيرة مع نجمة السينما الصامتة الأمريكية بيرل وايت، المنافس الفعلي والوحيد لشارلي شابلن على إيرادات السينما الأمريكية، القصة التي شغلت الصحافة العالمية آنذاك إثر علاقتهما لمدة تقترب من اثني عشر عامًا.
الخط الثاني والموازي في رواية كوتسيكا يتناول قصص العاملين في الفابريكة من المصريين وكيفية اندماجهم وَأسرهم في عالم صناعة البيرة، ومدى قبول المسلمين منهم العمل في صناعة محرمة من وجهة نظر مجتمعية، برغم تاريخ المطبخ الفرعوني الذي كانت فيه الجعة أختًا للخبز، سرد حي لعلاقات المصريين على اختلاف دياناتهم في تلك الفترة، كل ذلك مضفر بقصص الحب التي تستولي على جزء كبير من الرواية.
أم كلثوم هنا بطل أساسي، من خلال علاقة أحد عمال الفابريكة بها، تتشكل تلك العلاقة في إطار تصاعدي حتى الوصول إلى أقصاه عند نهاية الرواية.
تزخر "كوتسيكا" بتساؤلات دينية وعرقية، يطرحها ويناقشها الأبطال أنفسهم، تأملات حول المسيح ومدى التقارب الذي جمع بين يوناني ومسيحي مصر كأرثوذوكسيين، يهود مصر وكيف تعامل المجتمع المصري معهم. تحكي غادة من وقائع ما حدث في تلك الفترة، سواء اضطهاد أو دعاوى تكفير أو قبول ومؤازرة تصل إلى حد بناء "كوتسيكا" لمسجد يصلي به المسلمون العاملون في مصنع الكحول والبيرة.
تتكئ الرواية على جراحات الثورات المصرية، ومدى نجاحها أو سقوطها، الحربين العالميتين، وكيفية انتقال الهيمنة العالمية من بريطانيا إلى الولايات المتحدة.
ومن الجدير بالذكر أن الكاتبة غادة العبسي قد حصلت على العديد من الجوائز المحلية والعربية، منها جائزة أخبار الأدب عن روايتها الإسكافي الأخضر وجائزة دبي الثقافية عن مخطوط روايتها الأولى الفيشاوي، إضافة إلى جائزة نازك الملائكة للإبداع النسوي عن قصة مانوليا، وجائزة نادي القصة المصري عن أفضل قصة قصيرة " بيت اللوز"، وقد وصلت روايتها ليلة يلدا الصادرة عن دار التنوير إلى القائمة القصيرة في كل من جائزة الشيخ زايد لهذا العام وجائزة ساويرس الثقافية.