«الخدمات العمالية» تستعرض أبرز مثالب قانون «المنظمات النقابية»
أكدت دار الخدمات النقابية والعمالية، أن قانون المنظمات النقابية العمالية وحماية حق التنظيم النقابي رقم 213 لسنة 2017، والذي أقره مجلس النواب يوم 5 ديسمبر 2017 ثم صدق عليه رئيس الجمهورية يوم 17 ديسمبر من نفس العام، وبعد مرور أكثر من 3 سنوات على تطبيقه، أنه جاء منطوياً على الكثير من المثالب التي تؤثر سلباً على حق العمال في تكوين نقاباتهم، وممارسة أنشطتها بحرية، والتي من أبرزها:
1- استنساخ بعض نصوص القانون القديم المُلغى رغم أنه كان قانوناً لمصادرة الحق في تكوين النقابات وحرمان العمال المصريين من حقهم في تكوين النقابات استقلالاً عن الاتحاد "الحكومي"، وجاء القانون الجديد شائهاً يعترف في بعض مواده بحرية تكوين النقابات، بينما تخنقها مواد أخرى بالقيود المستدعاة من القانون المعيب القديم، حيث يُفرض على العمال مجدداً نموذج الاتحاد الحكومي بتركيبته الهرمية ومستوياته الثلاث.
2- يحتفظ القانون الجديد بتبويب القانون القديم، وبعدد مقارب من المواد التي يؤثر الكثير منها على صلاحيات الجمعيات العمومية للنقابات وحق أعضائها في وضع نظم نقاباتهم ولوائحها بأنفسهم، فنراه يحدد مدة الدورة النقابية وعدد أعضاء الهيئات التنفيذية وصلاحياتها مصراً على الاحتفاظ بذات المسميات وطرق إدارة العمل (مجلس الإدارة وهيئة المكتب)، وشروط العضوية وشروط الترشح لعضوية مجالس الإدارات، أسباب انتهاء العضوية، وأحكام تجميد العضو النقابي وفصله، وقواعد إجراء الانتخابات التي تجرى فى يوم واحد فى جميع مواقع العمل، وتتولى وزارة القوى العاملة دوراً إشرافياً مباشراً عليها مع وجود قاضٍ فى كل لجنة عامة، على غرار ما كان يحدث مع "الاتحاد العام لنقابات عمال مصر" الذي كان يجرى التعامل معه وكأنه إحدى مؤسسات الدولة، غير أننا إذا كنا نتحدث حقاً عن نقابات يقوم العمال بإنشائها بمبادراتهم وجهدهم وإرادتهم هم، فكيف يمكن تصور هذا النسق من الانتخابات وهي تجرى على المستوى القومي في وقت واحد من خلال لجان عامة، ولجان فرعية.
ولعله جديرٌ بالذكر أن الحاجة الآن تبدو ملحة إلى مراجعة هذه النصوص التي تنظم عملية الانتخابات النقابية، حيث شارفت الدورة النقابية على الانتهاء بعد عام واحد، وتنظيم الانتخابات النقابية على ذات النهج الذي حدث عام 2018، إنما يعني تكرار ما شهدته انتخابات هذا العام من انتهاكات تجاوزت كل التصورات، حيث تم استبعاد المئات أو بالأحرى الآلاف من المرشحين، وحرمانهم من حقهم في خوض الانتخابات، كما بلغ الأمر اتخاذ بعض لجان الإشراف على الانتخابات قرارات بحل لجان نقابية قائمة ومكتسبة شخصيتها الاعتبارية على سند من القول بوجود لجان نقابية تابعة للاتحاد العام لنقابات عمال مصر "الحكومي" في مواقعها، رغم أن القانون لا يجيز حل أي لجنة نقابية مكتسبة شخصيتها الاعتبارية، ورغم أن لجان الإشراف على الانتخابات- وفقاً للقانون أيضاً- يفترض ألا تتجاوز صلاحياتها مراقبة صحة عملية الانتخابات فقط دون النظر في شرعية اللجان النقابية.
إن هذا النسق الذي أبقى عليه القانون 213 لسنة 2017 لم يزل يثير تناقضاً واضحاً، حيث يفترض تأسيس منظمات نقابية جديدة كل عام، فكيف تحتسب الدورة النقابية لهذه المنظمات، ولا زالت أوضاع بعض المنظمات النقابية التي لم تجرِ بها الانتخابات عام 2018 معلقة حتى الآن، بسبب الارتباك في تطبيق القانون في هذا الصدد.
وإن كان التوافق قد تم مؤخراً مع وزارة القوى العاملة على أن تنتخب الجمعيات العمومية لهذه المنظمات النقابية مجالس إدارات مؤقتة لحين إجراء الانتخابات النقابية العامة على أن تتمتع هذه المجالس بكامل الصلاحيات، إلا أن ذلك لم تزل تكتنفه بعض العقبات والتعقيدات البيروقراطية.
3- تشترط المادة 41 من القانون فيمن يرشح نفسه لعضوية مجلس إدارة المنظمة النقابية سبعة شروط فيما يعد افتئاتاً على حق الجمعية العمومية الأصيل فى وضع نظمها واختيار ممثليها، وانتهاكاً لحقي الانتخاب والترشيح المفترض كفالتهما لجميع أعضاء النقابة [وفقاً لأدبيات منظمة العمل الدولية يجوز فقط استثناء العضو الذى سبق الحكم عليه في جناية أو جنحة مخلة بالشرف والأمانة من حق الترشح للمناصب التنفيذية فى النقابة لما تفترضه من الثقة في نزاهته].
ومن الغريب والمؤسف أن هذه الشروط قد تضمنت ألا يكون العضو (الذي يترشح لعضوية مجلس الإدارة) "عاملاً مؤقتاً، أو معاراً، أو منتدباً"، إنه نفس النص الغريب الذي ورد منقولاً عن القانون القديم المُلغي رقم 35 لسنة 1976 الذي كان قد وُضع منذ أربعين عاماً، وتنحصر عضويته في القطاع العام الذي كان العامل المؤقت فيه – آنذاك- استثناءً على القاعدة.
فهل يعقل أن يأتي مثل هذا الشرط الآن بينما يشكل العاملون بعقود مؤقتة النسبة الأكبر من العاملين في القطاع الخاص؟!
4- رغم أن القانون لا يجيز للعضو الذي أحيل إلى التقاعد الترشح لعضوية مجلس إدارة المنظمة النقابية، فإنه في المادة 40 منه يستثني من ذلك عضو مجلس إدارة المنظمة النقابية العمالية إذا "التحق بعمل داخل التصنيف النقابي الذي تضمه المنظمة النقابية"، ويفتقد هذا النص شرطي التجرد التجرد والعمومية المفترضين فى النص القانونى حيث كان معروفاً ومفهوماً للجميع أن المقصودبهذا النص هو استمرار أشخاص بعينهم فى مناصبهم النقابية بعد إحالتهم للتقاعد.
5- غير أنه يذكر للقانون ما تضمنه من إقرار بعض مبادئ الحريات النقابية وبعض القواعد الهامة التي كفلت تأسيس النقابات المستقلة ، وكفلت لها الشخصية الاعتبارية ولعل أبرزها، النص في المادة 10 من القانون على أن "إنشاء المنظمات النقابية العمالية على أساس ديمقراطي حق يكفله هذا القانون، وتثبت لها الشخصية الاعتبارية من تاريخ إيداع الأوراق المطلوبة بالجهة الإدارية المختصة، وتمارس نشاطها بحرية اعتبارا من هذا التاريخ، ويكون لكل منها لائحة نظام أساسي يجب نشرها في الوقائع المصرية".
والنص في المادة 64 من القانون على أن "للمنظمات النقابية الحق في وضع أنظمتها الأساسية، ولوائحها الإدارية والمالية، وفي انتخاب ممثليها بحرية بما يتفق مع أحكام هذا القانون ولها الحق في تنظيم شئونها وإدارة أنشطتها وإعداد برامج عملها، وتمتنع السلطات العامة عن أي تدخل من شأنه أن يقيد هذا الحق أو أن يعوق ممارسته المشروعة.
6- وفقاً لنصوص المواد 18، 19، 20 من القانون تثبت الشخصية الاعتبارية للمنظمة النقابية بمجرد إيداع أوراق التأسيس لدى الجهة الإدارية التي لا تملك الرفض، وإنما يكون عليها أن تحرر محضر بإيداع أوراق التأسيس يثبت حدوث واقعة الإيداع، فإذا تبين لها خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إيداع الأوراق المنصوص عليها عدم صحة أو استيفاء الأوراق أو الإجراءات اللازمة وجب عليها أن تخطر ممثل اللجنة النقابية بذلك بكتاب موصى عليه بعلم الوصول، فإذا لم تقم المنظمة النقابية بتصحيح الأوراق أو الإجراءات محل الإخطار أو استيفاءها خلال ثلاثين يوماً من تاريخ وصوله إليها، كان للجهة الإدارية الاعتراض على إنشاء المنظمة النقابية أمام المحكمة العمالية المختصة.
غير أن هذه النصوص للأسف تعارضها بعض نصوص القانون الأخرى التي تثير اللبس ، كما أن التطبيق العملي على الأرض- وفقاً لخبرات الأعوام الثلاثة الماضية- جعل منها في أحيان كثيرة حبراً على ورق ، حيث كثيراً ما اصطدمت المنظمات النقابية بتعسف إداري وإنكار صريح للحقوق التي كفلها القانون.