عمرها 95 عاما.. سر ظهور لوحة نادرة لـ«خليل جبران» فى مزاد أجنبى
أعلن مزاد "سوذبي" البريطاني منذ أيام مضت عبر موقعه الرسمي عن بيع لوحة نادرة للرسام والشاعر والكاتب اللبناني الراحل جبران خليل جبران (6 يناير 1883 – 10 أبريل 1931 م) ؛ وذلك بسعر يتراوح من (4 - 6 آلاف دولار أمريكي)، تعود إلى عام 1926 وموقعه بخط يده، وهي لوحة مهداة إلى صديقته أديل واتسون (1857-1947)؛ ولكن ما الأسباب التي دفعت بلوحة "جبران" أن تصل إلى المزاد بعد ما يقرب من 95 عامًا ؟؛ وهو ما نحاول أن نجيب عنه خلال السطور التالية.
بعد وفاة جبران خليل جبران بخمس سنوات، صدر كتاب بعنوان "جبران خليل جبران" للمفكر اللبناني ميخائيل نعيمة، أحد أبرز أصدقاء "جبران" الذي كشف خلاله عن أبرز الخطابات المتبادلة بينهما عندما كان الأخير في بوسط بالولايات المتحدة الأمريكية؛ وهو الكتاب الذي سرد فيه "نعيمة" ما تعرض له "جبران" من ظروف حياتية صعبة كادت أن تعصف به وذلك عام 1926، وهو العام الذي رسم فيه "جبران" اللوحة المباعة في المزاد؛ والمهداة إلى صديقته أديل واتسونالتي شاركت جبران الانشغال بجمال وقوة الطبيعة.
يقول "نعيمة" :" كان (النبي) - فى إشارة الى رواية جبران – لا يزال مخطوطة في حقيبة جبران عندما طغت على الولايات المتحدة موجة المقامرة بالأطيان والمسقفات، فكنت لا تسمع إلا بمن ابتاع أمس بيتًا أو قطعة من الأرض بألف دولار فباعه أو باعها في الغد بألفين أو ثلاثة، فاندفع جبران مع من اندفعوا بذلك التيار، وتشارك مع رجل سوري فى بوسطن في شراء بناية هناك، ودفعا نحو عشرة الآف دولار من أصل ثمنها وبقى نحو أربعة أضعاف تلك القيمة دينًا عليهما، وتتوفق الشريكان على الأثر إلى سيدة استأجرت منهما البناية لتجعلها مركزًا لجمعية نسائية، وكانت قيمة الأجر المتفق عليها وافية لدفع الفوائد واستهلاك الدين في خلال سنين قلائل.
ويتابع"نعيمة"، سرعان ما أنقلب الأمل إلى ألم، فما هى إلا شهور حتى قصرت السيدة المستأجرة عن الدفع مدعية أن جمعيتها لم تنجح، وإذ أن البناية لم تعد صالحة إلا لجمعية كتلك الجمعية وتعذر على جبران وشريكه إيجارها، وإذ لم يبق في ايديهما مال تعذر عليهما دفع الفوائد واستهلاك الرهن، فذهب مالهما وذهبت أتعابهما هباء، في تلك الأيام كتب جبران إلى من بوسطن يقول ( يعلم الله أنني لم أصرف شهرًا في غابر حياتي يماثل الشهر الماضي بصعوباته ومصائبه ومشكلاته ومعضلاته).
ويؤكد "نعيمه"، أن ما تعرض له "جبران" استنزف كل ما جمعه من مال بالجد والتوفير في خلال سنين طويلة، فضعفت قواه وبعثرت أفكاره، وأغلقت عليه أبواب إلهامه، وأثقلت من وطأة مرضه فهجر القلم زمانًا وعاد إلى ريشته يستعين بها على رد خسارته ".
وأعلن الموقع الرسمي للمزاد عبر موقعه الرسمي، أن اللوحة من الجرافيت على لوح بني بشكل موحد، وشريط على الحواف القصوى، وهي مقاس (32 1/2 × 23 1/2 بوصة ؛ 596 × 457 مم)، ومنقوش وموقع عليها أسفل اليسار "إلى صديقي أديل واتسون | خليل جبران | 1926" ؛ ويظهر تمزق مغلق للحافة اليمنى للوحة.
رسم جبران طوال حياته المهنية أكثر من 700 لوحة ولوحة مائية ورسومات، ولا يزال أحد أعظم الروائيين في الأدب العربي والأمريكي الحديث.
والجدير بالذكر أن، روايته الأكثر شهرة "النبي" لم تنفد أبدًا منذ طبعتها الأولى في عام 1923، وترجمت إلى أكثر من 50 لغة.
جبران خليل جبران (6 يناير 1883 – 10 أبريل 1931 م) شاعر وكاتب ورسام لبناني من أدباء وشعراء المهجر، ولد في بلدة بشري في شمال لبنان زمن متصرفية جبل لبنان، في سوريا العثمانية ونشأ فقيرًا، كانت والدته كاميلا في الثلاثين من عمرها عندما وُلد وكان والده خليل هو زوجها الثالث، ولم يتلق التعليم الرسمي خلال شبابه في متصرفية جبل لبنان، هاجر صبيًا مع عائلته إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ليدرس الأدب وليبدأ مسيرته الأدبية، والكتابة باللغتين العربية والإنجليزية، امتاز أسلوبه بالرومانسية ويعتبر من رموز ذروة وازدهار عصر نهضة الأدب العربي الحديث، وخاصة في الشعر النثري.
كان جبران عضوًا في رابطة القلم في نيويورك، المعروفة حينها بـ"شعراء المهجر" جنبًا إلى جنب مؤلفيين لبنانيين مثل الأمين الريحاني وميخائيل نعيمة وإيليا أبو ماضي.
اشتهر في المهجر بكتابه النبي الذي صدر في 1923، وهو مثال مبكر على "الخيال الملهم"، بما في ذلك سلسلة من المقالات الفلسفية المكتوبة في النثر الشعري باللغة الإنجليزية، وحصل الكتاب على مبيعات.