«واجه اتهاما باطلا».. اللحظات الأخيرة في حياة الشيخ مصطفى عبدالرازق
احتل الشيخ مصطفي عبدالرازق مكانة قوية بين علماء المسلمين على مدار التاريخ الحديث حيث سجل الشيخ الأزهري اسمه بأحرف من نور، وأثرى المكتبة الإسلامية بالكتب والمؤلفات العلمية التي تنادي بإعمال الفكر المتجدد.
تولي الشيخ مصطفى عبدالرازق مشيخة للأزهر، في الفترة ( ديسمبر منذ عام 1945 – حتى فبراير عام 1947)، وقد لاقي العديد من الصعوبات والمعوقات من المشايخ وكبار رجال الإدارة الذين حرضوا الطلاب ضده، وفقا لما رواه الدكتور محمد البهى، وزير الأوقاف الأسبق، يروي في مذاكرته: "حياتي في رحاب الأزهر"- وفقا لما جاء في موسوعة "المسكوت عنه من مقالات تجديد الخطاب الديني" للمؤلف الدكتور عبدالباسط هيكا، عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر-، موضحا في سرده ما حدث للشيخ الجليل في آخر يوم من حياته.
وقال البهي: "ترأس الشيخ مصطفى عبدالرازق يوم وفاته اجتماع مجلس الأزهر الأعلى، وكان ينتظره في مكتبه بناء على طلبه لحين الانتهاء من الاجتماع، فلما انتهى الاجتماع ودخل المكتب رأيته منفعلا وغاضبًا، وقلما كان يغضب، فسألته: "أحدث أمر غير عادى في المجلس؟ فقال: هيا بنا إلى السيارة لأوصلك إلى المنزل في طريقى، وكنت أنا أسكن في "العباسية الشرقية" بينما هو يسكن في منشية البكري، بعد ذلك، وأثناء الطريق ذكر لى، أنه كان من بين الموضوعات المعروضة على مجلس الأزهر الأعلى: تعليم اللغة الإنجليزية في معهد القاهرة على سبيل الإلزام كتجربةٍ يمكن أن يتضح منها فيما بعد، مدى استعداد طلاب الأزهر وهم كبار في السن لتعلم اللغة الإنجليزية ، وهذا ما تصدى الشيخ حسنين مخلوف وكان بحكم وظيفته "مفتى الديار المصرية" عضوا في المجلس الأعلى للأزهر، ووصف قرار الشيخ مصطفى بتعليم اللغة الإنجليزية في الأزهر بأنه إضعاف للدين، تلك الحجة على حد تعبير البهى، التي كانت ولا تزال هى الحجة في مواجهة أى تغيير يطرأ على نظام الدراسة أو الكتب المدرسية أو على المدرسين في الأزهر".
وتابع البهى في مذكراته: وحكى الشيخ مصطفى بأنه غضب من اتهام الشيخ حسنين مخلوف له، وواجهه وقتئذ بأن إضعاف الدين لا يكون أبدا عن طريق أسرة الشيخ عبدالرازق، ويكفى أن ينظر أى شخص في آثار الجمعية الخيرية التي أنشأها الشيخ "عبده" وقام على أمرها محمود باشا عبدالرازق ليحكم عن صلة أسرة عبدالرازق بالإسلام ومدى عنايتها به".
وأكمل البهى قاًئًلا: "وصلت السيارة إلى منزلى فاستأذنت الشيخ، بعد أن وعدته بالذهاب إليه في منشية البكري، في السادسة من مساء اليوم نفسه، لكن من الأسف ما إن وصلت إلى منزله حتى علمت بالخبر المؤلم، وهو وفاته أثناء استراحته بعد الغداء على أثر أزمة قلبية حادة".
ويعلق البهى فى أخر لحظاته مع الشيخ "هكذا كانت وفاته بسبب بعض الشيوخ". ورحل الشيخ عن عالمنا في يوم 15 فبراير 1947، بعد 62 عاما قضاها في خدمة الدين والدعوة.