«برلين 2» مؤتمر الحسم الدولى إزاء 4 ملفات الأكثر تعقيدا فى حل الأزمة الليبية
تتجه الأنظار يوم 23 يونيو الجاري إلى العاصمة الألمانية برلين، التي ستحتضن المؤتمر الثاني بشأن ليبيا بمشاركة منظمات دولية وزعماء ووزراء خارجية ما يقرب من 11 دولة إقليمية وغربية أغلبها متدخلة في أزمة ليبيا ومرتبطة بأطراف الصراع في البلد الشقيق.
وبحسب بيان صادر عن الخارجية الألمانية قبل أيام، فإنه قد تم دعوة الدول والمنظمات المعنية والمشاركة في "برلين 1" إلى المشاركة في المؤتمر الثاني، وأنه للمرة الأولى تشارك حكومة الوحدة الوطنية الليبية برئاسة عبدالحميد الدبيبة في ذلك الحدث، إضافة إلى عشرات الشخصيات السياسية الليبية.
ويهدف "برلين 2" وفق البيان، مناقشة التطورات التي تشهدها ليبيا والتقدم الذي تم إحرازه على الصعيد السياسي، إضافة إلى مراجعة ما تم إنجازه في ملف المصالحة الوطنية وخارطة الطريق التي أقرت في مخرجات مؤتمر "برلين 1"، فضلا عن مناقشة الملفات ذات الأولوية لأمن واستقرار ليبيا.
ووفق التقارير الليبية والعربية فإن هناك 4 ملفات على طاولة "برلين 2"، سوف يتم حسمها بعد توحيد الرؤوى الدولية بشأنها هذه المرة، وهى ملفات مرتبطة ببعضها البعض وعدم تنفيذها دفعة واحدة، يعني عرقلة المسار السياسي وحل هذه الأزمة المستمرة منذ العام 2011م، وهى:
1- إجراء الانتخابات نهاية هذا العام
يمثل الدعم الدولي لجهود السلطات الليبية، لتنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في 24 ديسمبر المقبل وفق خارطة طريق منتدى الحوار السياسي الليبي- الليبي، الهدف الأول لهذا الملتقى الدولي؛ كون هذا الاستحقاق يمثل مطلب جماهيري لا تراجع عنه، وبالتالي وفق الخبراء فإن المجتمع الدولي لن يقبل بتعطيل هذا الاستحقاق، وأنه ستتم ملاحقة كل الأطراف المعرقلة والساعية لنشر فوضى سياسية في البلاد، وعلى رأسهم جماعات الإسلام السياسي في ليبيا، خاصة جماعة الإخوان، التي تؤكد التقارير الليبية، أنها تلعب بورقة "الإستفتاء على الدستور" قبل الانتخابات، لعلمها أنها أكبر الخاسرين من فكرة إجراء الأخيرة في موعدها، نظرا لاضمحلال فرصها في الحصول على فوز بتصويت شعبي.
2- آليات إخراج المرتزقة والمقاتلين والقوات الأجنبية
أكدت بنود اتفاق وقف اطلاق النار الموقع في أكتوبر 2020م بين وفدي اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 لطرفي الصراع الليبي، على أن السيادة الليبية لن تتحقق إلا بتنفيذ هذا البند الذي لم يشهد أي تقدم في اجراءات أو آليات تنفيذه حتى اللحظة، ويرى الخبراء أن توحيد الجهود والمساعي الرامية للعملية السياسية والانتقال الديمقراطي والانتخابات القادمة، يتطلب توفير ضمانات دولية واتفاق حول آلية إخراج هؤلاء المرتزقة والقوات الأجنبية بكافة أشكالها من الأراضي الليبية، وخاصة أن انعدام الثقة بين طرفي الصراع يمثل العائق الأول أمام وضع الآلية المطلوبة بالخصوص.
3- توحيد المؤسسة العسكرية
يٌعد تمهيد الطريق لجيش ليبي موحد من أصعب الملفات وأعقدها أمام السلطة التنفيذية الحالية التي تم انتخابها في فبراير الماضي، حيث يتمسك كل من قادة قوات المنطقة الشرقية والتي يمثلها الجيش الوطني، والمنطقة الغربية والتي يمثلها عملية "بركان الغضب"، بأنهما مؤسسة عسكرية ويرفضان التعامل معا، رغم أن اللجنة العسكرية المشتركة 5+5، تعكس ظاهريا أن هناك اتفاق ضمني حول توحيد هذه المؤسسة التي تمثل الدرع الحامي للوطن وأحد أهم ركائز استقرار الدولة الليبية، ووفق الخبراء فإن الجهود الرامية إلى دمج العسكريين في كيان موحد هي الأهم والأصعب في الوقت الراهن، ودون تحقيقها يستحيل أن تنجح السلطة التنفيذية في اجراء الانتخابات في موعدها.
وفي مايو الماضي، أكد رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة أن توحيد المؤسسة العسكرية، يجب أن يتم إنجازه في أسرع وقت، وقبل الانتخابات المزمع عقدها في ديسمبر المقبل، ، حتى تكون انتخابات حقيقية وواقعية وفى أفضل أجواء ممكنة، مطالبا مساعدة المجتمع الدولي بالخصوص.
4- تفكيك المليشيات والجماعات المسلحة
أكد العديد من العسكريون والخبراء الليبيون أن هذا الملف خطوة مهمة ورئيسية في توحيد الجيش الليبي، لكنهم أقروا في الوقت ذاته بأن مسألة تفكيك الجماعات والميليشيات المسلحة والمتطرفة المحلية المدعومة من الخارج، أمر في غاية التعقيد، حيث تتطلب عملية دمج "الأفراد الصالحين منهم"، بالقوات المسلحة الليبية، سحب الأسلحة أولا وتطبيق برنامج إصلاح أمني لإنهاء أدوار القوى الخارجية في دعم طرف ضد آخر، وهو أمر يرفضه من يدعمهم من الخارج قبل الداخل، وبالتالي فإن مسيرة تحقيق الاستقرار والامن والسلم في البلاد وبناء المؤسسات القوية وتحقيق سيادة القانون والعدالة، والمصالحة والتحول الديمقراطي في تهديد خطير.
وأكد قرار مجلس الأمن الدولي 2570 و2571 الذي نص على استراتيجية الحل والتفكيك وإعادة الإدماج وجمع السلاح، على مسألة دعم السلطات الليبية في حل هذا الأمر، من خلال وضع استراتيجية أممية لمساعدة السلطات الليبية في هذا الإطار.
يذكر أن مؤتمر برلين الأول حول ليبيا الذي انعقد في 19 يناير 2020م، شارك فيه حكومة مصر والجزائر والإمارات والصين وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وروسيا وتركيا وجمهورية الكونغو والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وممثلين عن الأمم المتحدة، بما في ذلك الأمين العام وممثله الخاص في ليبيا والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية، وتم خلال التوصل إلى خطة شاملة لحل النزاع، بني عليها خارطة الطريق التي وضعها منتدى الحوار الليبي- الليبي.