وعادت القضية إلى مركز الضوء
تعمل مصر بجهد ملموس كبير منذ إقرار الهدنة بين الفلسطينيين والكيان الصهيونى المحتل فى 30 مايو 2021 على ثلاثة محاور، أولها تثبيت الهدنة بالتهدئة الشاملة بما يشمل القدس والضفة وغزة، مع الوصول إلى اتفاقية طويلة المدى، واتخاذ كل ما يلزم من إجراءات لضمان عدم تكرار التصعيد والعدوان.. وثانيها بحث ملف الأسرى والمفقودين.. وثالثها ملف إعادة الإعمار مع وضع حجر الأساس لمدينة مصر السكنية فى قطاع غزة، والسماح بدخول مواد وأدوات البناء والإعمار تحت إشراف مصرى، بالإضافة إلى استكمال ترتيب البيت الفلسطينى فى ملف المصالحة.
ودعونى أقول وبصوت عالٍ ينضم لأصوات الشعوب الحرة فى العالم، التى خرجت فى بلدانها بمئات الآلاف لتساند وتدعم حق الشعب الفلسطينى الصامد فى إقامة دولته وعاصمتها القدس، ونادت بمقاطعة الكيان الصهيونى، ورفضت انتهاكاته واغتياله النساء والأطفال وهدمه المنازل على أصحابها والتطهير العرقى الذى يقوم به ضد أهالى الشيخ جراح وقرى القدس- دعونى أقول إن صمود ووحدة الشعب الفلسطينى ومقاومته العدوان على أرضه ومقدساته وبيوته والدفاع عن حقه فى الحياة ودماء الشهداء الطاهرة كل ذلك أعاد القضية الفلسطينية إلى حقيقتها، وهى الصراع بين الشعب الفلسطينى صاحب الأرض والكيان الصهيونى المحتل، وأصبحت القضية فى مركز الضوء ولن تعود مرة أخرى إلى الوراء بعد حرب الإحدى عشر يوما (10- 21 مايو 2021).
وأيقظ صوت الحق كثير من الكتّاب والمفكرين والشعوب على مستوى العالم، وبدأ الكثيرون فى تغيير مواقفهم التى كانت منحازة انحيازا تاما أو أعمى للكيان الصهيونى، وبدأ الرأى العام العالمى فى التغير ضد الدعاية التى تبنتها حكومات "إسرائيل" المتعاقبة على أساس المظلومية اليهودية، وعلى أساس أنها بقعة الضوء والتحضر وواحة الديمقراطية فى المنطقة العربية، وأن فلسطين أرض بلا شعب.. إن الرأى العام العالمى ستكون له مردودات سياسية كبيرة فى الضغط على حكوماته لتغيير مواقفها المنحازة والداعمة للكيان المحتل ولجرائمه تحت زعم أنه من حقه الدفاع عن النفس، كما سيكون له الفضل فى فضح وكشف أكاذيب الصهاينة منذ وعد بلفور 1917.
لقد أكد المرصد الأورومتوسطى لحقوق الإنسان أن إسرائيل استخدمت مئات الأطنان من القنابل شديدة الانفجار دون اعتبار لسلامة المدنيين فى القطاع الذى يعتبر من أكثر الأماكن كثافة سكانية فى العالم.
كما قرر الاجتماع الطارئ لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، فى 27 مايو 2021، "تشكيل لجنة دولية مستقلة للتحقيق فى الانتهاكات للقانون الدولى والقانون الإنسانى فى الأراضى الفلسطينية خلال الصراع الأخير بين إسرائيل وحركة حماس فى قطاع غزة".. وأشارت المفوضة السامية للمجلس، ميشيل باشليه، إلى أن الضربات على قطاع غزة قد تشكل جرائم حرب، وأن على إسرائيل أن تتوقف عن إخلاء الفلسطينيين من منازلهم.
وها هى جريدة "الجارديان" البريطانية، بمناسبة 200 عام على تأسيسها، تعتذر عن دعمها وعد بلفور الذى سمح بإنشاء وطن قومى لليهود فى فلسطين قبل 104 أعوام، حيث دعمت "الجارديان" الوعد، بل ساعدت فى الترويج له، فرئيس تحريرها- آنذاك- سى بى سكوت كان من أنصار الصهيونية، وهذا أدى إلى تجاهله حقوق الفلسطينيين أو حتى وجودهم، وكتب افتتاحية فى يوم إعلان وعد بلفور، حيث رفض أى مطالبة للسكان العرب بالأرض المقدسة قائلا: "إن عدد السكان العرب الحاليين فى فلسطين صغير وفى مرحلة متدنية".. جاء ذلك الاعتذار عن أخطاء الجريدة عبر مقال الصحفية منال لطفى بالأهرام، يوم الإثنين 31 مايو 2021.
وإذا انتقلنا لجريدة "الأهرام"، الجمعة 28 مايو، تحت عنوان "الصراع القائم بين إسرائيل والفلسطينيين"، أشارت الصحفية فايزة المصرى إلى أن مارك بيرى، الخبير بمعهد كونيس لفن الحكم، يرى "أن الأحداث الأخيرة مقدمة لشىء أخطر قد يكون كابوسا لإسرائيل"، حيث تحولت أحياء القدس القديمة إلى حقول ألغام خطيرة تنفجر فى أى لحظة فى وجه سلطة الكيان الصهيونى.
لقد عادت القضية الفلسطينية كقضية رئيسية مركزية محورية، كقضية أمن قومى مصرى وعربى، وقضية معاناة شعب تحت الاحتلال من حقه المقاومة للحصول على حقوقه فى إقامة دولته وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين إلى ديارهم.