قصة اللقاء الأول لـ«محمد البدوي» مع رائد القصة القصيرة محمود تميور
تحل اليوم، الجمعة، الرابع من يونيو ذكرى ميلاد الكاتب الكبير محمود تيمور، أحد أهم الرواد في فن القصة القصيرة، فماذا قالوا عنه؟ في هذا التقرير نورد جزءا من الإجابة.
يسرد الكاتب محمد البدوي تفاصيل اللقاء الأول مع محمود تيمور فيقول: "التقيت بمحمود تيمور لأول مرة فى مقهى "رجينا" بشارع عماد الدين، وهو المكان المختار للأدباء والفنانين، وكان يجلس معه أمين حسونه وزكى طليمات، وكنت أجلس مع صحبة من الأدباء الشبان فى زاوية من المقهى بالناحية الغربية، ومقهى "رجينا" يقع فى موقع جميل من الشارع على يمين المتجه إلى محطة مصر، وقبل عمارات الخديو بخطوات قليلة، وكان بديع التنسيق نظيفا تغطى موائده المفارش وتتخلل أركانه أصص الزهور، وكنا لا نتخلف عنه ليلة واحدة لجماله وطراوة هوائه، وعلى الأخص فى الصيف فهو يستقبل الهواء من بحرى بسخاء ونعومة، وكانت الحركة الأدبية نشطة بل فى أوج نشاطها بما ينشر فى المجلات والصحف والكتب من فنون الأدب".
يواصل محمد بدوي حديثه: "وذات ليلة ونحن فى مجلسنا المعتاد بالمقهى، رأيت إنسانا أنيق الملبس والمظهر يتحرك نحونا، وقال طه عبد الباقى، بسرور، ينبهنا:
ـ تيمور بك.
ووقفنا وسلم علينا جميعا، وقال فى صوت هادىء واضح النبرات:
ـ أهنئك على كتابك، رجل (وكنت قد أهديته له)، وأخص بالذكر قصة "الأعمى"، أعجبتنى للغاية.
وشكرته ووقفنا بجانبه وكنا ثلاثة أكثر من دقيقتين، نتحدث فى مجال الأدب، ثم بارحنا ورجع إلى مكانه، وسألت طه فى استغراب:
ـ الرجل النبيل تحرك من مكانه ليحيى شابا صغيرا، ما أنبل هذا وأعظمه.
فقال طه معقبا:
ـ الرجل العظيم هو أكثر الناس تواضعا، ولو رجعت لسير العظماء فى التاريخ ما وجدت هذا يخل بمقدار شعرة".
يذكر أن محمود تيمور أحد الرواد الأوائل لفن القصة العربية، وأحد القلائل الذين نهضوا بهذا الفن الذي شهد نضوجا مبكرا على يديه، واستطاع أن يقدم ألوانا مختلفة من القصص الواقعية والرومانسية والتاريخية والاجتماعية، كما برع في الرواية، وتأثَّر به عدد كبير من الأدباء والروائيين الذين أفادوا كثيرًا من ريادته الأدبية وإبداعاته القصصية؛ فساروا على دربه، ونسجوا على منواله.